ad a b
ad ad ad

الصراعات تقسم «إخوان ليبيا» بين التجربتين المشرقية والمغاربية

الخميس 29/نوفمبر/2018 - 01:49 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

قبيل الانتخابات الداخلية المرتقبة في يناير 2019، لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ليبيا، والمقرر فيها اختيار رئيس جديد للحزب، اندلعت خلافات بين الحزب والجماعة، أساسها محاولة الأخيرة إحكام سيطرتها على الحزب.


الصراعات تقسم «إخوان

البداية كانت من بيان داخلي لجماعة الإخوان استبقت به اجتماع للهيئة العليا لـ«العدالة والبناء»، وطالبت فيه أعضاءها الموجودين داخل الحزب بتجديد عضويتهم، ما اعتبر محاولة من الجماعة لضمان كتلة تصويتية في الانتخابات المرتقبة تصوت للشخص الذي تدفع الجماعة به لرئاسة الحزب.


وفي أول رد رسمي من الحزب على هذه الدعوة، اعتبر رئيس دائرة الاتصال والإعلام بحزب العدالة والبناء، عبدالسلام أجويد، دعوة الجماعة تدخلًا في شؤون الحزب.


وتابع في بيان صادر عنه أن هذا التدخّل يعرّض استقلالية الحزب للخطر، معللًا بأن الجماعة بهذا الشكل تحاول إحكام سيطرتها على «العدالة والبناء» وهو ما قد يزعج الأعضاء ويتسبب في انشقاقات مرتقبة.


وتطرق إلى تجربة رئيس الحزب الحالي، المنتهية مدة رئاسته الثانية في مايو المقبل، محمد صوان، إذ قال إنه نجح في كبح جماح رغبة القيادات التقليدية في الحزب وتحديد قراراته، مشيرًا إلى أن صوان تمكن من إضفاء شيء من المرونة في القرارات على الحزب الإخواني.


ورغم اعتبار «العدالة والبناء» امتدادًا سياسيًّا للإخوان فإن الحزب يحتوي على تيار داخلي يرفض تدخل الجماعة في قراراته تحت مبدأ فصل الديني عن الدعوي.

وعلى خلفية هذا المبدأ شهدت العلاقة بين الجماعة والحزب محطات من الخلافات كانت بدايتها في 2014، عندما توسعت تداعيات حرب «فجر ليبيا»، وفضل الحزب اللجوء إلى الحوار لتفكيك المشهد، فيما تمسكت الجماعة بخيار الحزب.

 

وأمام هذه الخلافات تتعامل الجماعة مع الفترة الراهنة التي يستعد فيها الحزب لاجتياز انتخابات داخلية، بمثابة فرصة لإحكام سيطرتها على «العدالة والبناء»، خاصة أن رئيس الحزب الحالي، محمد صوان، الذي ينتمي للصف الداعم لمبدأ الفصل بين الدعوي والسياسي، قرر عدم خوضه الانتخابات، بعدما قضى المدتين القانونيتين له في 2012، و2014.


وتقول تقارير صحفية ليبية إن الجماعة ستحاول من الانتخابات المرتقبة تغيير سياسة الحزب، عبر ترشيح شخصيات تؤمن بالرأي الكلاسيكي للإخوان والمائل إلى أن الكلمة داخل الجماعة وحزبها يجب أن تكون للمراقب العام للجماعة، أي القيادة الدينية.

 

وذهبت التقارير إلى أن الداعمين لهذا التوجه يستقون فكرتهم من التجربة الإخوانية في مصر، إذ يحاولون تكرار تجربة جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة الإخواني.

الصراعات تقسم «إخوان

وكصوت قادم من الداخل، كتب القيادي السابق بالحزب، عبدالرزاق العرادي، مقالة بعنوان «استرجاع الحزب وانفراج المدرستين»، رصد فيها اللحظات الأولى التي برز فيها وجود تيارين داخل الحزب الإخواني، أحدهما يدعم سلطة الجماعة على الحزب والآخر يميل إلى إبقائه مستقلًا.


ويعود العرادي إلى عام 2012 توقيت تأسيس الحزب، إذ قال إن المشرفين عليه أعلنوا منذ تأسيسه وعلى مدار الوقت عدم تبعية الحزب للجماعة مقتدين بذلك بالمدرسة الإخوانية المغاربية التي تتبنى مبدأ فصل الدَّعوي عن السياسة.


ويتابع أن هذه التصريحات أثارت غضب بعض أعضاء الحزب والجماعة، ما دفع بعضهم للاستقالة والبعض الآخر بقى متحينًا الفرصة للوصول إلى رأس الحزب ومن ثم تطبيق وجهة نظرهم.


ولفت إلى إنهم ينتظرون الانتخابات المقبلة لتعديل ما يعتبرونه خطأ في سياسات الحزب.

 

وبينما تسبب المقال في إحداث ضجة على الساحة الليبية، عاود العرادي كتابة مقالة ثانية بعنوان: «قل كلمتك ثم أمض...»، مشخصًا وضعية «الإخوان» في ليبيا، إذ قال إنها حائرة بين النموذج المشرقي متمثلًا في إخوان مصر المتأثرين بنزعة سلفية، وإخوان المغرب العربي، الذين لا يكفون عن تقديم أنفسهم على إنهم أكثر حداثة من نظرائهم المصريين.


وفي ضوء ذلك توقع أن يتعرض الحزب إلى انشقاق مرتقب، مقارنًا بين «العدالة والبناء» بطرفي صراعه وحزب «الرفاه التركي» الذي قال إنه تعرض لظروف مشابهة وأدت إلى انشقاقه إلى حزبين هما؛ حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية.

الصراعات تقسم «إخوان
حزب جديد أم تحايل لاحتواء المدنيين؟

الحديث عن انشقاق داخل الحزب الإخواني لا يجد صداه فقط عند العضو المستقيل من الحزب عبدالعزيز العرادي، إذ دعم التوجه نفسه باحثون ليبيون، وأخبار نقلتها صحف ليبية على لسان مصادر مجهّلة، إذ قالت إن أصحاب التوجه المغاربي الرافضين لتدخل الجماعة في الحزب سيتجهون إلى تكوين حزب بزعامة الرئيس الحالي لـ«العدالة والبناء» محمد صوان.


وأمام احتمال صعود حزب إخواني جديد إلى جانب الحزب المُدشن منذ 2012، هناك رأي آخر قال إن جماعة الإخوان تتعمد إظهار كل هذه الخلافات للعلن لتمهد لتأسيس حزب جديد يبدو أنه أكثر مدنية ومن ثم يسهل عليها التقرب للقوى المدنية التي ترفض التعاون مع الإخوان تحت أي شكل من الأشكال.

 

ويبرر أصحاب هذا الرأي وجهة نظرهم بأن جماعة الإخوان وجدت أزمة في الفترة الأخيرة في إيجاد أي فرصة للتعاون مع القوى المدنية أو حتى القوى الخارجية الرافضة لجماعة الإخوان. وكان آخر هذه المواقف، رفض الوفد المصري الذي حضر مؤتمر باليرمو الذي عقدته إيطاليا قبل أسبوعين، طلب القيادي الإخواني ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، بالجلوس معه والتباحث، لموقف القاهرة الرافض لجماعة الإخوان.


ويقول الداعمون لهذا الرأي إن الجماعة ربما تكون معتمدة على الحزب الجديد لإيجاد مخرج لما تعيشه من عزلة، خاصة بعدما تراجع نفوذها على المستوى الشعبي.


ولا يختلف الباحث الليبي، محمد الزبيدي، مع التراجع الشعبي الإخواني، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان أصلًا وحزبها في ليبيا كيانات أقرب إلى الهشاشة بالمقارنة بكيانات الإسلام الحركي من تنظيم «القاعدة»، على سبيل المثال.

 

ولفت إلى أن جماعة الإخوان تجد أزمة فعلية في التواصل مع القوى السياسية المدنية الرافضة لها، مشيرًا إلى إنها ربما تسعى لإيجاد ذراع سياسية لها غير المعروفة.

 

ورغم ذلك فإنه استبعد أن يشهد «العدالة والبناء» انشقاقات على مستوى واسع كما تتوقع القراءات المطروحة، مشيرًا إلى أن كون الحزب يضم تيارين أحدهما يميل إلى النموذج الإخواني المصري والآخر يميل إلى النموذج الإخواني التونسي، فهذا لا يعني أن أحدهما أفضل من الآخر لأن كلاهما يحمل فكرًا متطرفًا وكلاهما يحرصان على إبقاء الوجود الإخواني داخل ليبيا.

 

وتابع لو استشعر أحدهما أن الانشقاقات قد تؤثر على مستقبل الجماعة في ليبيا فسيعود الجميع تحت مظلة واحدة وهدف واحد، مشددًا على أن الخلافات تفتقر آليات العمل ليس أكثر، لا على الهدف.


ودلل على ذلك بأن أصحاب التيار الذي يبدو تنويريًّا لا يجدون أزمة في تمرير تشريعات تبدو مخالفة للمشاريع الإسلامية كالتشريع المطروح في تونس بخصوص المساواة بين الجنسين في مسألة الميراث، ولكنهم في النهاية يوافقون على ذلك مؤقتًا حتى تتثنى لهم فرصة التمكين وعليه يلغون كل تشريع مخالف لآرائهم ويسنون ما يتوافق معهم. وضرب في ذلك مثلًا بالدولة التركية تحت رئاسة الرئيس ذي الخلفيات الإسلامية، رجب طيب أردوغان.


وفيما يخص رد فعل التنظيم الدولي تجاه ما يدور لفرعه في ليبيا، فقال إن التنظيم لا ينظر للإخوان في ليبيا على إنهم ذوو أهمية تنظيمية كما يحدث مع إخوان تونس أو المغرب مثلًا، مشيرًا إلى إنه لا يتعامل معهم إلا كممولين أو خزينة يسحبون منها أموالًا.

الصراعات تقسم «إخوان

 وربط بين سيطرة جماعة الإخوان في ليبيا على البنك المركزي الليبي وبين تمويل جماعة الإخوان، قائلًا إن الجماعة في ليبيا متهمة بمد التنظيم الدولي بأموال البنك المركزي الليبي.


وتجدر الإشار إلى أن المرشحين على رئاسة الحزب الإخواني الليبي حتى الآن هم: عماد البناني وصلاح الشلوي ونزار كعوان ومحمد الخضراوي وصالح المسماري. وبعضهم يتبني مبدأ الاستحواذ بالسلطة والإدارة المنفردة كما حدث في التجربة الإخوانية في مصر، فيما تميل الإدارة الحالية إلى النموذج التونسي الإخواني الذي تعامل بمنطق المشاركة منذ 2011.

للمزيد... بعد فشل ميليشياتهم المسلحة.. «إخوان ليبيا» يسيرون على خُطى «الغنوشي»

للمزيد.. مبادرات «الصلابي».. تاريخ من المراوغات لتلميع إخوان ليبيا

 

"