ad a b
ad ad ad

مايك بنس.. السياسة الخارجية الأمريكية القائمة على الإيمان

الأربعاء 21/نوفمبر/2018 - 11:00 م
ترامب وبنس
ترامب وبنس
مصطفى صلاح
طباعة

عندما يتحدث نائب الرئيس عن حقوق الإنسان، فإنه يفعل ذلك من خلال نظرته المسيحية المحافظة


بينما كان يجلس بجانب رئيسة الحكومة الميانمارية «أونغ سان سو كيي»، التي ارتكبت جرائم إبادة جماعية مشبوهة، وسجنت صحفيين تجرؤوا على التحقيق في المجزرة، فعل «مايك بنس» شيئًا رائعًا، فبدلاًً من التحدث بلغة المصالح، كما يفعل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، استخدم اللغة التي كانت تبدو أكثر عالمية.


ومع انتشار الكاميرات ووسائل الإعلام، أبلغ نائب الرئيس الأمريكي «مايك بنس»، مستشارة ولاية «ميانمار» خلال قمة سنغافورة، أنه لا يوجد عذر للاضطهاد العنيف للجيش الميانماري لمئات الآلاف من مسلمي الروهينجا. وذكّرها بأن الولايات المتحدة تضع المؤسسات الديمقراطية مثل «الصحافة الحرة والمستقلة»، على قائمة أولوياتها.


وكان أداء «بنس» مثيرًا، خاصة بعد أن ذكر توجه الإدارة الأمريكية في تقييم محنة «الروهينجا»، في ظل الصمت النسبي للرئيس «ترامب»، وكان التأثير التراكمي هو أن «بنس» لم يأت على أنه رجل يحمل تحذيرًا شديد اللهجة من البيت الأبيض، وبدلاً من ذلك، بدا مؤمنًا حقيقيًا بتوجيه رسالة خاصة به وفق معتقداته الشخصية والدينية.

 

 

مايك بنس
مايك بنس
«بنس» يخالف توجهات «ترامب»

كان الرئيس وكبار مستشاريه يميلون إلى الاحتجاج بشكل انتقائي، بالقيم الوطنية في الولايات المتحدة «أمريكا أولاً». لكن «بنس»، إلى جانب السفيرة المنتهية ولايتها في الأمم المتحدة، «نيكي هالي»، ظهروا كصوت أقلية في الإدارة من أجل المسلمين.

إذا كان «ترامب» يدافع باستمرار عن قيمه، فإنه يلتزم حصرًا بالمصالح الوطنية. وعلى النقيض من ذلك، فإن نائب الرئيس يصف في كثير من الأحيان، اهتمام بلاده بأنه يدافع عن قيمها ويرتقي بها، وهو ما ربطه بالتعاليم المسيحية حول العمل كمنارة لعالم مضطرب يعتنق الحرية الدينية التي منحها الله، ويعترف بالاضطهاد كعنصر مركزي من الإيمان.

ويوافق «بنس» على الفكرة، التي استعارها المتشددون من عظة يسوع على الجبل في وصف الولايات المتحدة باعتبارها «مدينة مشرقة على تل» كونها مفضلة إلهيًا. وبصفته عضوًا في الكونجرس وحاكم ولاية «إنديانا»، شدد على الدور الفريد للبلاد في العالم باعتبارها «منارة الحرية».

أوباما
أوباما
قبل وقت طويل من تولي باقي المسؤولين في إدارة «ترامب» شارك بنس في تأسيس مجموعة من الكونجرس لتشجيع حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم. (قبل الانضمام إلى الكونجرس في عام 2001، كان يعمل لسنوات كمستضيف لمحطة إذاعية حاضرة).

وقبل أن يستنكر الحكم القمعي «لنيكولاس مادورو»، كان عضو الكونجرس آنذاك يستهجن الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما» بتوجيه التحية الحارة إلى الدكتاتور الاشتراكي المناهض للولايات المتحدة، في فنزويلا، «هوجو شافيز»، لكن ترى ما قد يقوله «بنس» عن رئيسه الحالي «ترامب» الذي تقارب مع الديكتاتور المناهض للولايات المتحدة، في كوريا الشمالية.

وبينما توقف «ترامب» عن الحديث عن وحشية «كيم جونغ أون» عندما بدأ محادثاته مع الزعيم الكوري الشمالي للتخلي عن أسلحته النووية، استمر «بنس» في توجيه النقد لنظام «كيم» عن اضطهاد المسيحيين وإخضاع الشعب الكوري الشمالي «لوحشية لا مثيل لها».
ترامب
ترامب
المواجهة الأخلاقية مع الصين

شدد «بنس»، أكثر من غيره من مستشاري «ترامب» على أن المواجهة الحالية بين الصين والولايات المتحدة، تدور حول صراع القيم بقدر ما تدور حول ميزان التجارة أو القوة العسكرية النسبية. وفي خطاب في أكتوبر 2018، عن سياسة الإدارة في الصين، أعرب نائب الرئيس عن قلقه بشأن أجهزة المراقبة والرقابة الحكومية الصينية المترامية الأطراف، ونظام الائتمان الاجتماعي «أورويل»، والقمع الوحشي لأقلياته المسيحية والبوذية والمسلمة، وكما يشهد التاريخ، فإن البلد الذي يقمع شعبه نادرًا ما يتوقف عند هذا الحد، وتهدف «بكين» إلى توسيع انتشارها عبر العالم الأوسع.

ربط نائب الرئيس هذه المواقف صراحة بمعتقداته اللاهوتية؛ فأشار على سبيل المثال إلى أن الحرية الدينية لا تمنحها الحكومة، بل خالقنا، ومن ثم فهي حق كل الناس الموهوبين بدلاً من بعض الميراث الأمريكي الخاص. وذكر أن اضطهاد المسيحيين في أي مكان في العالم يشهد على حقيقة الإنجيل، مشيرًا إلى المقطع الكتابي الذي يقول:

«كل الذين يرغبون في أن يعيشوا حياة إلهية في المسيح يسوع سوف يتعرضون للاضطهاد».

لكن نتيجة لذلك، فإن مفهوم «بنس» للقيم الأمريكية يركز بشكل كبير على الحرية الدينية، وخاصة حرية المسيحيين، ورفض بعض الحريات الأخرى. على سبيل المثال، عارض «بنس»، بصفته أحد أعضاء الكونجرس، مشروع قانون العلاقات الخارجية على أساس أنه دعم «مجموعة من القيم»، مثل حقوق الإجهاض في الخارج، والتغييرات في القوانين المتعلقة بالمثلية الجنسية حول العالم، مختلفًا بذلك مع غالبية الشعب الأمريكي، وبالتالي «لا تتأهل لحقوق الإنسان المعترف بها عالميًّا». وبصفته نائب الرئيس، فقد أيد «ترامب» إعادة السياسة التي تحظر المساعدات الخارجية الأمريكية، للمنظمات التي تدعو إلى حقوق الإجهاض أو تقديم المشورة للإجهاض والخدمات ذات الصلة.
مايك بنس.. السياسة
البعد الديني في توجهات «بنس»

يقول «بنس»، إن العبادة الحرة هي المفتاح لعالم أكثر حرية وأمنا، وعندما تدمر الحرية الدينية، نعرف أن الحريات الأخرى مثل التعبير، الصحافة، التجمع، وحتى المؤسسات الديمقراطية نفسها، معرضة للخطر.

كما أعلن خلال قمة للحرية الدينية نظمتها الإدارة في يوليو 2018، أن «تلك الدول التي ترفض الحرية الدينية تولد التطرف والاستياء في مواطنيها، إنهم يزرعون بذور العنف داخل حدودهم، العنف الذي غالبًا ما ينتقل إلى جيرانهم وفي جميع أنحاء العالم».

ويرى «بنس» بأن أتباعه في المعتقد الديني أكثر عرضة للخطر من أي دين آخر، ودفع ذلك نائب الرئيس إلى المساعدة في توجيه عشرات الملايين من الدولارات، كمساعدات أمريكية للمسيحيين والأقليات الأخرى في العراق، واستخدم مصطلح الإبادة الجماعية في وصف هجوم تنظيم داعش على المسيحيين، ذلك التنظيم الإرهابي الذي لا يمثل عقيدة الإسلام، بل يسعى لحكم العالم بعد تدمير حضارته، والذي أعلنت كل الدول وقوفها ضد أفكاره وممارساته.

يقول «بنس»: «في جميع أنحاء العالم اليوم، لا يوجد شعب مؤمن يواجه عداء أو كراهية أعظم من أتباع المسيح»، واستطرد: «بعد أن ضمنت هذه الأمة العظيمة استقلالنا، كرس مؤسسو الولايات المتحدة الحرية الدينية، كأول حرية في دستور الولايات المتحدة».

ثم استشهد برسالة «جورج واشنطن» إلى جماعة يهودية في «رود آيلاند»، حيث كانت سياسة الولايات المتحدة جديرة بالتقليد، لأن حكومة الولايات المتحدة «لا تعطي تعقيدات أي عقوبة، ولا اضطهاد أي مساعدة».

 

 

"