ad a b
ad ad ad

الإفراج عن المتشددين والبريكزيت.. عقبات تعرقل مساعي بريطانيا لدحض الإرهاب

السبت 03/نوفمبر/2018 - 10:45 م
المرجع
أحمد لملوم
طباعة

مرتديًّا جلبابًا أبيض وحذاءً رياضيًّا، غادر الداعية الإسلاموي المتشدد «أنجم تشودري»، سجن «بيلمارش» المشدد الحراسة بجنوب شرق العاصمة البريطانية لندن، بعد قضائه نصف المدة التي صدرت بحقه عام 2016، بتهم الحث على الانضمام لتنظيم داعش، والتحريض على تنفيذ هجمات الإرهابية.


وتسبب الإفراج عن «تشودري» الشهر الماضي، في ردود أفعال قوية من مسؤولين في الحكومة البريطانية؛ إذ اعتبر «روري ستيوارت»، وزير السجون البريطاني، في مقابلة مع صحيفة «إيفننج ستاندرد»، الداعية الإسلاموي ذا الأصول الباكستانية والبالغ من العمر 51 عامًا، مصدر تهديد للاستقرار في المجتمع البريطاني، وصاحب تأثير خطير.

تشودري
تشودري

نقطة في بحر


يعد إطلاق سراح «تشودري» مشكلة صغيرة، مقارنة بمعضلة أكبر تواجه المسؤولين الأمنيين البريطانيين؛ إذ بحلول نهاية العام الجاري ستقضى مدد السجن لأكثر من 40% من المدانين في قضايا الإرهاب في بريطانيا، بالفترة ما بين عامي 2007 و2016، بحسب تحليل لصحيفة «ذا جارديان».


ووصف «ريتشارد والتون»، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب السابق، في تصريح للصحيفة البريطانية، عودة هؤلاء الإرهابيين للمجتمع مرة أخرى، بأنها «مصدر قلق كبير»، وتشكل عبئًا على أجهزة الشرطة والاستخبارات البريطانية.


وفي يونيو الماضي، قدم «ساجد جاويد»، وزير الداخلية البريطاني، استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب في بلاده، وعرضها خلال إحياء الذكرى الأولى لهجوم «لندن بريدج»، الذي نفذه ثلاثة إرهابيين، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 50 آخرين؛ حيث قال: إن «بلاده ستواجه عامين آخرين من التهديدات الإرهابية».


وتشمل الاستراتيجية الجديدة زيادة التعاون بين الأجهزة الأمنية بشأن مراقبة الأشخاص المشتبه في تحولهم للتشدد، ومشاركة المعلومات التي بحوزة جهاز الاستخبارات مع عدد أكبر من الجهات الحكومية؛ لإيقاف محاولات التخطيط لشن هجمات إرهابية في مراحلها الأولى.


إضافة إلى زيادة أعداد أفراد الشرطة في المناطق المزدحمة وتجهيز فرق طبية للتدخل السريع في حالات الطوارئ، وتوسيع دائرة المراقبة الأمنية لتشمل الأشخاص الذين يتواصلون مع إسلامويين متشددين؛ تجنبًا لتكرار ما حدث مع مُنفذ هجوم «مانشستر»؛ إذ كان سليمان العبيدي، يصنف لدى الأجهزة الأمنية أنه على تواصل مع إسلاموي متشدد يدعى «مصطفى عبدالله خليفة قراف»، وهو إمام ليبي يعيش في بريطانيا، إلا أن الأجهزة الأمنية كانت لا تراقب تحركاته أو تشتبه في سلوكه.


وقتل 36 شخصًا وأصيب العشرات في هجمات إرهابية شهدتها بريطانيا منذ عام 2015، وتقدر وزارة الداخلية عدد البريطانيين الذين سافروا للمشاركة للقتال في سوريا بنحو 900 شخص، قُتل خمسهم وعاد نحو 40% منهم إلى البلاد.



جاويد
جاويد

تحديات أكبر


تتطلب الاستراتيجية الأمنية الجديدة لـ«جاويد»، موارد مالية كبيرة، تتيح توفير عدد كافٍ من رجال الأمن والأجهزة المعاونة لهم في تنفيذ مهام التواصل والمراقبة، ووافق البرلمان البريطاني على زيادة المخصصات المالية لمكافحة الإرهاب في ميزانية عام 2019/2020.


وأصبحت الميزانية الجديدة 816 مليون جنيه إسترليني، بزيادة 59 مليون عن ميزانية العام الماضي، لكن «نيل باسو» رئيس شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، حذر أمام لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان هذا الأسبوع، إن التهديدات الإرهابية تحدٍ أكبر من الإمكانيات الحالية للأجهزة الأمنية.


وقال «باسو»: «رغم الجهود المبذولة، نحن لسنا في نفس مستوى التهديدات الإرهابية الحالية، فالتطورات الحالية تتطلب طرقًا جديدة للعمل تحتاج إمكانيات كبيرة».


وقال تقرير -صدر الخميس الماضي- من مركز «هنري جاكسن سوسيتي» للأبحاث: إن بريطانيا أكثر دولة أوروبية تأثرًا بالأعمال الإرهابية عام 2017، فقد نفذت فيها نحو 19% من الجرائم المرتبطة بالإرهاب، بزيادة نحو 10% عن عام 2016، والذي شهدت فيه نحو 9% فقط من العمليات الإرهابية.


وتضيف المفاوضات التي تجريها الحكومة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي «البريكزيت»، حول الانسحاب منه، المزيد من التحديات خاصة الاقتصادية؛ إذ يتوجب على بريطانيا دفع ما يتراوح بين 35 و39 مليار جنيه إسترليني، في تسوية مالية لخروج بريطانيا من الاتحاد، والذي من المقرر أن يكون في 30 مارس العام المقبل.


وفي حالة عدم اتفاق بريطانيا مع دول الاتحاد الأوروبي، على كل التفاصيل المتعلقة بخروجها قبل الميعاد المحدد، ستواجه الحكومة البريطانية سيناريو «الخروج بدون اتفاق»، وفي هذه الحالة سيكون عليها تنظيم علاقاتها مع دول الاتحاد بصعوبة أكبر.


وحذر مسؤولون أمنيون من تابعات سيناريو «الخروج بدون اتفاق»، على جهود مكافحة الإرهاب البريطانية، وعبرت «لين أوينز»، مديرة «هيئة الجرائم الوطنية» لأعضاء البرلمان البريطاني، الثلاثاء الماضي، عن قلقها العميق من فقدان التبادل المعلوماتي مع دول الاتحاد الأوروبي.


وقالت «أوينز»: «سنواجه صعوبات في إلقاء القبض على المشتبه بهم في تنفيذ عمليات إرهابية، خاصة إن كانوا حاملين لجنسيات أخرى؛ نتيجة خروجنا من الشبكة الأوروبية لمكافحة الجرائم، وسنفقد حق الوصول للمعلومات التي تتشاركها دول الاتحاد فيما بينها بشأن الإرهاب، ببساطة ستكون بريطانيا أقل أمنًا من ما هي عليه الآن».


"