ضغط أمريكي على طهران.. وإيران تناور بالملف السوري

مع اقتراب فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على نظام الملالي في الرابع من نوفمبر المقبل، أعاد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التذكير بأن العقوبات على إيران ستدخل حيز التنفيذ بعد نحو أسبوع، وستكون «الأكثر صرامة» في التاريخ ضد طهران، مشيرًا في حديث صحفي مع أحد البرامج الإذاعية الأمريكية، إلى أن كل وكالة أو جهاز تابع للأمم المتحدة، يُقدم تقارير عن الإرهاب، يُحدد إيران كأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم.

وكان بومبيو قد طالب نظام الملالي بعدة مطالبات أبرزها: سحب جميع القوات الإيرانية من سوريا، كسبيل وحيد لوقف تنفيذ العقوبات، وهو ما لم تستجب له طهران آنذاك.
ووجه المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي ضد داعش، بريت ماكجرج، مطالباته لطهران بضرورة إخلاء سوريا من الميليشيات المسلحة التابعة لها هناك، والتي تُهدد الاستقرار، قائلًا إن المهمةَ السياسيةَ والعسكريةَ المستمرة هي ضمان وجود سوريا مستقرة، وخالية من الميليشيات المدعومة من إيران التي تعمل ضد صالح الشعب السوري.
وأضاف ماكجرج أن المفارقة الغريبة محاولة الميليشيات المدعومة من طهران السيطرة على شوارع حلب بعد إحكام الجيش السوري قبضته على المدينة، بالرغم من أنها تُقاتل بالأساس لدعم نظام الأسد في دمشق، وأشار إلى أنه التقى مسؤولين روسيين خلال الفترة الماضية، للتوافق حول خروج عناصر تلك التنظيمات من المناطق السورية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، محذرًا من أنه في حالة إهمال الولايات المتحدة للشأن السوري، فسوف يتم ملء ذلك الفراغ من جانب الميليشيات المدعومة إيرانيًّا التي تحاول السيطرة على مناطق جديدة داخل الأراضي السورية.

وقال المستشار الرئيسي لقوات التحالف الدولي في سوريا ويليام روباك، في مؤتمر صحفي اليوم، إن «قوات التحالف الدولي باقية في سوريا حتى هزيمة «داعش» وإخراج إيران من سوريا بشكل كامل».
وتحاول إيران المراوغة من المطالبات الأمريكية عبر عدة سبل منها: شرعنة وجودها هناك عبر عقد اتفاقيات تعاون مع الرئيس السوري، أو عبر التخفي في زي القوات السورية، وإعطاء مسلحي الميليشيات التابعة لها هويات محلية مزيفة، أو غيرها من الطرق الملتوية.
تحجيم نفوذ إيران أو طردها
من جهته، لفت طارق دياب الباحث في شؤون الشرق الأوسط، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقبل بتسوية نهائية للأزمة السورية، مستغلة أوراق الضغط التي تملكها، كورقة سيطرتها على أغلب شرق الفرات، وورقة إعادة الإعمار إلا بعد إخراج إيران من سوريا بشكل كامل، أو على الأقل تحجيم نفوذها كحد أدنى بشكل يحفظ مصالح إسرائيل الأمنية والاستراتيجية، ويمنع إيران من ضمان ممرها البري المتواصل من طهران لبيروت، ويبدو السيناريو الأخير هو الأقرب، لأن روسيا وإن كانت غير مؤيدة لتمدد إيران في سوريا في الوقت الحالي بشكل كبير، أو تسمح لإسرائيل بضرب القواعد الإيرانية هناك، فإنها لا تريد خروج إيران بشكل كامل وكلي من الأراضي السورية، لكن القوى الإقليمية والدولية تستطيع إجبار إيران على تحجيم نفوذها، وهو ما يحدث حاليًّا.
وأضاف في تصريحات لـ«المرجع» أن هناك متغيرات جديدة طرأت على الساحة السورية بعد وقوع الأزمة الأخيرة التي حدثت بين موسكو وتل أبيب عقب سقوط الطائرة الروسية، وتسليم الروس كنتيجة لهذا الحادث منظومة صواريخ إس 300 إلى دمشق، وهذه المتغيرات أتت في صالح إيران، وتمددها في الأراضي السورية، خاصة بعد تراجع الضربات الإسرائيلية للأهداف الإيرانية على خلفية هذه الأزمة الأخيرة.