ad a b
ad ad ad

«الدورات الشرعية» في إدلب.. ساحة خلفية لصناعة «إرهابيين جدد»

الجمعة 19/أكتوبر/2018 - 05:33 م
المرجع
آسية خليل
طباعة

أعلنت تركيا أمس الخميس، استضافتها اجتماع رباعي في 27 أكتوبر الحالي، حول سوريا، تضم طاولته كلًا من: فرنسا، وألمانيا، وروسيا؛ بهدف تعزيز التفاهمات الدولية حول مدينة إدلب في الشمال السوري، وفق اتفاق سوتشي الذي وقعه الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين في 17 سبتمبر الماضي.

 هيئة تحرير الشام
هيئة تحرير الشام

وهذا الاجتماع المزمع انعقاده سبق وأرجأ؛ فقد كان من المفترض عقده في الأسبوع الأول من سبتمبر الماضي، والسبب في هذا تطورات المشهد؛حيث التصعيد ثم التهدئة في إدلب، وأخيرًا حُدد موعده عقب أيام من اختراق في الساحة السورية، بموافقة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) على اتفاق سوتشي عشية أولى محطاته الزمنية في منتصف أكتوبر، والتي يُفترض خلالها وفق الاتفاق، سحب الأسلحة الثقيلة من منطقة فاصلة بين قوات النظام والفصائل بـعمق 15 إلى 20 كيلو مترًا، وهو ما نُفذ بالفعل.


موافقة هيئة تحرير الشام (ضمن أكثر الجماعات المتعددة في إدلب نفوذًا) عدت موائمة سياسية بضغط من تركيا صاحبة النفوذ في المدينة المتاخمة لحدودها، لكن في المقابل، لم تحسم الموائمة أو «المراوغة» للهيئة وجماعات أخرى متشددة في سوريا بعضها صمت على الاتفاقية، المشهد السوري ولم تضمن نفاذ الاتفاق أو عرقلته، والسبب أن تلك الجماعات أمام تراجع للخطاب السياسي وقرارات المواجهة، ارتدت في المقابل إلى  منطقتها الآمنة؛ حيث «الخطاب الدعوي».


لكن منطقة الجماعات الآمنة تلك، تمثل في الوقت ذاته معقل خطر، قد يُسهم في تغيير المشهد في أي لحظة؛ إذ عكست مؤشرات عدة أن خطاب تلك الجماعات الدعوي والشرعي هو آلة لانتاج مزيد من «الإرهابين المحتملين» خاصة مع تركيزهم على «المراهقين» و«الأطفال».

 عبدالرزاق المهدي
عبدالرزاق المهدي

ولوحظ تكثيف إطلاق الدورات الشرعية لجماعات ومراكز تتبع منظرين جهاديين مشاهير في الساحة السورية أمثال الشيخين: عبدالرزاق المهدي، وعبدلله المحيسني (كان المنظر الشرعي لجبهة النصرة قبل فك ارتباطها بالقاعدة)، عبر موقع «التليجرام»، كما افتتحت مراكز دعوية جديدة في قرى لم تكن تشهد حضورهم من قبل، مثلًا إعلان شبكة إباء (الذراع الإعلامي لهيئة تحرير الشام) أمس الخميس افتتاح فرع جديد من «معاهد حرار الإسلام» في قرية الفاروق (ريف إدلب)، ونوهوا أنه «أول معهد شرعي في تلك القرية بعد تطهيرها من جنس الروافض» وفق الإعلان.


واللافت أيضًا في تلك الدعوات، اشتراطها «مقابلة مسبقة» مع المتقدمين، ما يطرح تساؤلًا: إذا كان الهدف هو تعليم العلوم الشرعية من منطلق ديني بحت، فما الداعي إلى تلك المقابلات؟ وهل تعلم الدين يقتصر على البعض دون الآخر؟ لذا عد ذلك الشرط مؤشرًا إضافيًّا إلى أن الهدف هو اختيار «مجاهدين جدد» وليس «متعلمين جدد»، وهنا يصبح منطقيًّا طلب المقابلة؛ لتمحيص المتقدمين واختيار أقواهم بنيانًا، والوقوف على خلفية انتماءاتهم، ويتعزز المؤشر إذا ما علمنا أن الدورات تتطلب «الإقامة الشاملة عدة شهور» تتضمن المبيت، وتتكفل تلك الجمعيات بالماديات كافة.


و«معهد الإمام البخاري» في منطقة الحدود بمدينة إدلب، واحدة من المعاهد التي دولت إعلانات دوراتها الشرعية في قنوات جهادية عدة، وحددت سن قبول دارسيها من 14 عامًا فأكثر (أطفال ومراهقين)، وأكدت تكفلها بكل مصاريفها بما في ذلك الطعام والمبيت، لكن هل يتبع ذلك المعهد «لواء الإمام البخاري»؟ وهو إحدى الألوية التي ضمت مقاتلين أجانب في إدلب.


وهكذا يتضح أن الدورات الشرعية في إدلب تحمل مزيدًا من المؤشرات حول علاقتها بإنتاج إرهابيين جدد أو محتملين، بالنظر إلى معطيات المشهد الحالي، وبدعم من مشاهد سابقة.


وفي 5 يوليو 2017، نقلت وسائل إعلامية خبر انفجار سيارة مفخخة أمام «معهد تحفيظ قرآن» في ريف إدلب الغربي؛ أسفر عن مقتل 8 أشخاص بينهم أطفال، وأضافت تقارير أن من بين القتلى 3 شرعيين في هيئة تحرير الشام. وهكذا يتضح أن تلك المعاهد الدينية (ظاهريًّا) هي جزء أساسي من المشهد المسلح، وأداة لإنتاج عناصر جديدة، حتى وإذا كان الستار أن المعاهد تدعو لحفظ قرآن أو تعلم حديث أو فقه؛ إذ تقدم تلك الجماعات الدين بتفسيرات متشددة تشرعن خططهم المسلحة.

"