«جوانتانامو» يشيخ.. 12 مليار لتجديد آلة أمريكا لـ«حصد الإرهاب وزرعه»
تحتبس الأنفاس ترقبًا لما ستسفر عنه المرحلة المقبلة على الساحة العالميَّة، بعد انحسار أرض الإرهاب، لا فكره؛ وذلك عقب دحر تنظيم داعش الإرهابي من سوريا والعراق، وتقويضه في شمال سيناء بمصر، والنجاحات المتتالية التي يحققها الجيش الليبي.
ومساء أمس الأربعاء، اصطحب مسؤول أمريكي، عددًا من الصحفيين، في جولة داخل أروقة معتقل «جوانتانمو» (أقصى جنوب شرق كوبا) زافًا أنباءً جديدة عن أجهزة رياضية وطبية وعيادات نفسية يستقبلها المعتقل أخيرًا، كمساحيق أكثر إنسانية للمعتقل سيئ السمعة، الذي تغيرت فئته العمرية وهو ما استوجب تحديثات.
«جوانتانامو» و«الإرهاب»، معادلة لا يمكن فك ارتباطها بسهولة؛ فالمعتقل تأسس عام 2002 عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي استهدفت برجي التجارة العالمي، ليعبر عن وجه أمريكا «الأكثر غضبًا»، إذ صمم أن يأوي إرهابيين أو من له صلة بهم، دون تحقيقات قانونية وافية، أو حقوق في محاكمة تستمر لأعوام عدة.
وبالفعل، أدى المعتقل دوره، لكن دون صمت، إذ ذاعت أخبار التعذيب والانتهاكات الجسدية والجنسية التي يتعرض لها معتقلوه، ما منح الإرهاب آنذاك مقويات إضافية.
ولعل في اختيار تنظيم داعش الإرهابي الزي البرتقالي لضحاياه، وهو الزي المخصص لمعتقلي «جوانتانامو»، رسالة أن التنظيم «بات لديه جوانتامية أيضًا»، عاكسًا بذلك ما مثله المعتقل في عقيدة المتطرفين، فحتى بعد 12 عامًا من تأسيسه، لازالت حكاياته تعاد تدويرها لاستقطاب شبان جدد، انتقامًا من «الآلة الوحشية الأمريكية»، والملفت أن الإرهاب الذي أسست أمريكا جوانتانمو لمواجهته، تطور ليصبح أكثر وحشية، كما عبر عنه التنظيم الإرهابي داعش في مقاطع «ضحاياه البرتقاليين» قبل اجتثاث رقابهم.
وكان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، لفت إلى النقطة ذاتها في توجهه لإغلاق المعتقل؛ إذ صرح في العام 2015 أن المعتقل بات «أداة للتجنيد»، موضحًا أن «استخدام الإرهابيين معتقل جوانتانامو كدعاية لأعمالهم الإرهابية، ذريعة إضافية لإغلاقه».
وسبق ووعد «أوباما»، بإغلاق المعتقل خلال حملته الانتخابية في العام 2009، وجدد وعده بعد فوزه بالرئاسة، لكن وعلى مدار فترتين رئاسيتين، أخفق الرئيس الأمريكي في تنفيذ وعده، أمام رفض الكونجرس.
وأخيرًا، قرر الكونجرس مد أجل المعتقل 25 عامًا آخرين، بموافقته على تقرير أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في هذا الشأن.
وصرح قائد القوة العملانية التي تدير مركز الاعتقال «جون رينغ»، أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أرسلت مذكرة استمرار المعتقل ربع قرن أو أكثر، بعد مرسوم أصدره الرئيس دونالد ترامب حول إبقاء السجن، مضيفًا «يجب التأكد من أن منشآتنا يمكن أن تستمر طيلة هذه الفترة»، مشيرًا إلى أن المعتقل ببنيته الحالية يمكنه استقبال 40 معتقلًا إضافيًّا.
وفي غضون ذلك، جال عسكريون أمريكيون بمجموعة صحفيين في أروقة المعتقل، لعرض آخر التجهيزات فيه، حيث حُدِّث بمركز طبي، وقاعات رياضة وغرفة جراحة، ما وصفه الصحفيون عقب ذلك بتغيرات تجعل المعتقل أقرب إلى «دار مسنين» أو «عيادة للشيخوخة، تتكيف مع حاجات المعتقلين الذين يتقدمون في السن».
وهكذا فقد المعتقل الذي كان فتيًّا عند تأسيسه، بمعتقلين شبان، رونقه وشاخ هو الآخر، مع معتقلين بعضهم سيظل خلف جدرانه «مدى الحياة». وباتت الشريحة العمرية فيه من 37 إلى 71 عامًا، وفقًا للعديد من التقارير، التي أشارت أيضًا إلى أن تكلفة عملية إعادة التأهيل الجونتانمية بلغت نحو 12 مليار دولار.
ويقدر عدد المعتقلين في «جوانتانامو»، حالياً قرابة 200 معتقل، فيما استقبل المعتقل منذ تدشينه قرابة 800 معتقل، بعضهم عاد إلى ممارسة نشاطه الإرهابي بعد إطلاقه سراحه، وبعضهم اعتقلوا لمجرد الشبهة دون أن يتورطوا فعليًّا في القيام بأي أعمال إرهابية، وذلك وفقًا لما كشف عنه تقرير مسرب منسوب إلى «ويكيليكس» في العام 2011، إذ صنفت الوثائق 220 معتقلًا فقط كـ«إرهابيين خطيرين»، ولفتت إلى أن 150 آخرين هم من «الأبرياء ويحملون جنسيات أفغانية وباكستانية».





