ad a b
ad ad ad

سقوط «عشماوي».. قراءة في مستقبل «قاعدة» شمال أفريقيا

الإثنين 15/أكتوبر/2018 - 02:54 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

لم يفقد خبر القبض على الإرهابي المصري، هشام عشماوي، بريقه بعد؛ فمنذ إعلان الجيش الليبي، صباح الإثنين 8 أكتوبر، عن إلقاء القبض على القاعدي الوافد على ليبيا، قبل 4 أعوام؛ ليصبح أحد الأوجه المهمة لتنظيم القاعدة هناك؛ لتعيش ليبيا أجواء احتفائية تُشعرك وكأن الدولة ذات الجغرافيا الوعرة طوت أخيرًا صفحة الإرهاب.


الطموحات المتصاعدة التي وضعها مراقبون كتداعيات للتخلص من عشماوي، هي ما تفسّر ذلك؛ إذ قال أحدهم: إن في سقوط «عشماوي» إنهاء لأي طموحات لتنظيم «القاعدة» في ليبيا، فيما ذهب آخر أبعد من ذلك عندما توقع أن سقوط الإرهابي المصري لن يهدد تنظيم «القاعدة» في مصر وليبيا فقط، بل في شمال أفريقيا بشكل عام.

 

للمزيد.. «حي المغار».. بؤرة الإرهاب وموقع سقوط «هشام عشماوي»


ولكن إن كان في القبض على «عشماوي» مكسبًا فعلًا فكم يكون حجمه، وعلاقته بمستقبل «القاعدة» في شمال أفريقيا؟

الإجابة عن ذلك تعتمد على محورين؛ هما وزن هشام عشماوي نفسه، ووزن تنظيم القاعدة في الشمال الأفريقي، والذي وصفه مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، في دراسة صادرة أغسطس الماضي، بأنه الأخطر على دول الشمال والغرب الأفريقي.

عشماوي
عشماوي

 «عشماوي».. إرهابي بتاريخ متواضع  

العودة إلى المحطات الأولى لعشماوي مع الإرهاب، لن تكون مرهقة كعادة الإرهابيين المخضرمين، فالقاعدي المنتمي لأسرة ثريّة مهدت له الطريق للالتحاق بصفوف الجيش المصري، لم يتجاوز الـ40، قضى منها آخر 8 سنوات فقط بين صفوف الإرهابيين.

 

وقتها كان في عامه الـ33، حين قامت ما تُعرف بـ«ثورات الربيع العربي»، التي وجد فيها عشماوي فرصة للتعبير عن أفكار متطرفة آمن بها، وعلى خلفية ذلك فقد عمله، وبدأ أولى محطاته التي تمثلت في الانضمام لـ«خلية مدينة نصر» التي ضبطتها الشرطة المصرية في 2012.


في هذه الأثناء تنقّل عشماوي بين ليبيا وسوريا، إلا إنه عاد إلى مصر بعد سقوط حكم الإخوان إثر ثورة 30 يونيو 2013 ، التي انهت طموحات الإسلاميين في إقامة دولة دينية في مصر، وبحكم خلفيته العسكرية، تولى عشماوي مهامه كقائد عسكري مسؤول عن التدريب والتخطيط، كما اتُهِم بالتورط في محاولة الاغتيال الفاشلة لوزير الداخلية المصري الأسبق، محمد إبراهيم (سبتمبر 2015)، ومذبحة الفرافرة (يوليو 2014).


وفي خضم هذه العمليات، بايع تنظيم «بيت المقدس» في سيناء، تنظيم «داعش» (نوفمبر 2014)؛ الأمر الذي مثّل استفزازًا لعشماوي، صاحب الهوى القاعدي، فقرر الانفصال عن «بيت المقدس»، والانتقال إلى مدينة «درنة» الليبية التي كانت تحظى فيها القاعدة بنفوذ قوي. ولم يستغرق بقاء «عشماوي» في درنة أكثر من عام ليعلن في يوليو 2015، عن تأسيس تنظيم «المرابطون».

 

للمزيد.. إنفوجرافيك.. هشام عشماوي.. المطلوب رقم (1) في مصر

الباحث الليبي، محمد
الباحث الليبي، محمد الزبيدي

 الـ4 سنوات التي عاشها الإرهابي المصري في «درنة»، منذ وصوله نهاية 2014، وحتى القبض عليه، الإثنين الماضي، قضاها في مهام عسكرية بحتة، وربما يفسّر ذلك طبيعة المعلومات التي سربتها مصادر ليبية، وقالت إنها وردت على لسان عشماوي في التحقيقات القائمة معه هذه الأثناء، إذ تراوحت بين أماكن تجمعات عسكرية لإرهابيين، ولقاءات جمعته بقيادات عسكرية بالقاعدة.


وعلى قصر الثماني سنوات التي برز فيها عشماوي كإرهابي وقضى نصفها في مصر والنصف الآخر في ليبيا، إلا أن تجربته تحمل شيئًا من السرعة أوصلته إلى صف القيادات في القاعدة بليبيا.. ولكن هل معنى ذلك إن سقوط «عشماوي» سيؤثر على جناح القاعدة في القارة السمراء؟.


الباحث الليبي، محمد الزبيدي، اعتبر في حديثه لـ«المرجع» أن الكلام من هذا النوع فيه مبالغة غير مقبولة. وتابع أن الإقرار بمكانة «عشماوي» العسكرية ووصوله سريعًا إلى الصفوف الأولى للتنظيم الإرهابي لا يعني أن نقول إن سقوطه سيترك تأثيرًا جوهريًّا.


وأوضح أن «القاعدة» تنظيم عنقودي لا يتأثر بسقوط أي من أفراده بمن فيهم القيادات، مشيرًا إلى أن اقتصار دور «عشماوي» على الجانب العسكري، أيضًا يعني أن تأثيره محدود داخل حدود «درنة» وليس خارجها.


وتطرق الباحث الليبي، إلى رفيق «عشماوى»، الإرهابي المصري عمر رفاعي سرور، الذي فجّر نفسه، يونيو الماضي، بدرنة، إثر مداهمة الجيش الليبي لمنزله بالمدينة، قائلًا إن «سرور» القادم من أسرة جهادية مصرية (والده أحد مؤسسي تنظيم الجهاد الذي يعد أحد أركان تنظيم القاعدة)، يعتبر أخطر من «عشماوي» باعتبار أن الأول كان منظّرًا شرعيًّا لـ«القاعدة» متشرب الفكر المتطرف عن والده، عكس «عشماوي» القادم من أسرة ثرية ليس لها علاقة بالتطرف، واعتمد في عمله داخل التنظيم على خلفيته العسكرية.


وبخلاف «عشماوي»، فثمة اسم آخر يمثل سقوطه خسارة كبيرة لـ«القاعدة»، ولم يتعامل معه الإعلام كما تعامل مع «عشماوي، هو الإرهابي الليبي مرعي زغبية (مواليد بنغازي 1960)، الذي قبض عليه برفقه عشماوي.


 للمزيد.. خاص| فيديو جديد.. زغبية يتوسل: «لا تصوروني» وهشام عشماوي مذهول

 سقوط «عشماوي»..

ويعتبر زغبية إرهابيًّا مخضرمًا، قادمًا من حقبة الحرب الأفغانية، أُدرج على قوائم الإرهاب من قبل مجلس الأمن منذ 12 عامًا، وأثبتت السلطات الإيطالية انضمامه لخلية تابعة لتنظيم «القاعدة» عملت في إيطاليا وكانت تسعى لتجنيد الشباب وتسفيرهم إلى العراق. وتنقل الإرهابي الليبي في مسيرته بين أكثر من عشر دول حول العالم، ليستقر به الأمر في درنة محاصرًا، ويلقى مصيره من القبض.


سواء كان «عشماوي» أو «زغبية» ومن قبلهم «سرور» وباقي من تم القضاء عليهم في معارك تحرير «درنة» من قيادات «القاعدة» في ليبيا، فلا يعتقد أن يؤثر غيابهم على التنظيم الأم بقدر ما يؤثر فقد هذا التنظيم لليبيا كساحة للعمل.


ويدعم الباحث الليبي، محمد الزبيدي، هذا الرأي، إذ قال إن تنظيم «القاعدة» يبكي الآن ليبيا كساحة مهمة كان يراهن عليها لعودته عقب أحداث 2011.

 سقوط «عشماوي»..

الجزائر اتجاه متوقع

وبناء على ذلك ستكون «القاعدة» في شمال أفريقيا مطالبة بالانسحاب غربًا. وتوقع أن تكون الجزائر بواقعها السياسي من مرض الرئيس وما ترتب على غيابه من أزمات، مرشحة لاستقبال إرهابيي «القاعدة» بعد ليبيا، لاسيما مالي المحتضنة لتحالف تنظيمات القاعدة في شمال أفريقيا «نصرة الإسلام والمسلمين».


وفيما يخص الجزائر فتكون المرشحة الأقرب، نظرًا لقربها من ليبيا، إلى جانب التمثيل الجزائري البارز في «قاعدة شمال أفريقيا».


وتحظي «القاعدة» بوجود تاريخي مستقر في شمال أفريقيا، ما يفسر الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الخارجية الأمريكية، سبتمبر الماضي، وأدرجت فيها تنظيم «نصرة الإسلام والمسلمين على قوائم الإرهاب»، معلقة وقتها، بأنه أحد أخطر الكيانات في شمال أفريقيا.


 و«نصرة الإسلام والمسلمين» المؤسس في مارس 2017، من أربعة كيانات «قاعدية» كانت تعمل في شمال أفريقيا هي: «المرابطون» لزعيمها مختار بلمختار، و«كتائب ماسنا» لمحمدو كوفا، و«إمارة الصحراء الكبري»، ليحيي أبوالهمام، و«أنصار الدين» لإياد غالي، يُعد تجسيدًا لتوصيات زعيم «القاعدة»، أيمن الظواهري، الذي طالب أكثر من مرة بالتوحد من أجل القوة.


ورغم عدم إضفاء الكيان الجديد- الذي تولي قيادته الإرهابي المالي إياد غالي، ذو الشعبية في بلده باعتباره محاربًا للوجود الفرنسي- ملمحًا جديدًا على الشكل التقليدي لـ«القاعدة» في شمال أفريقيا، فإنه بعث برسالة على استقرار التنظيم في القطاع الأفريقي المهم له.


ويعرف حضور «القاعدة» في الغرب الأفريقي بكونه تنظيمًا خاملًا، يصعب إنهاء وجوده بشكل كامل، رغم مقتل قياداته من فترة لأخرى، لكنه في الوقت نفسه غير نشط بصورة واضحة.


 للمزيد «..القاعدة» في شمال أفريقيا.. تكتيكات مرحلية ومسارات مستقبلية

 سقوط «عشماوي»..

سقوط «عشماوي».. ماذا عن جبهة مصر الغربية؟

وإن كان التحدث عن تأثير سقوط «عشماوي» على «القاعدة» بشكل عام أمر فيه مبالغة، فعلى المستوى المصري يبدو تأثير «عشماوي» أكثر واقعية. والسبب في ذلك أن الإرهابي المصري عندما أسس تنظيمه «المرابطون» كان هدفه تكوين كيان لـ«القاعدة» بمصر.


وأعادت تجربة «المرابطون» المحاولات الفاشلة لـ«القاعدة» لخلق حضور لها في مصر أو حاضنة شعبية. وبدأ ذلك من «قاعدة الجهاد في أرض الكنانة» في 2006 ، التي حاولت تمريرها عبر الإرهابي القاعدي «أبي جهاد محمد خليل»، والذي قُتِل في باكستان في 2008، ثم جماعة «أجناد مصر» التي تأسست في يناير 2014، وتفككت نهائيًّا بانهيارها عقب تصفية مؤسسها «همام عطية» في 2016 ومقتله داخل شقته في الجيزة.


بناء على ذلك، هل في سقوط «عشماوي» انهيار لمحاولة جديدة حاولت من خلالها «القاعدة» العبور إلى مصر؟

يجيب عن ذلك الباحث في الشأن الليبي، أحمد عامر، الذي قال إن كل محاولات «القاعدة» للوجود في مصر أو تنفيذ عمليات فيها مثل عملية الواحات (نُفذت ضد الشرطة المصرية في 20 أكتوبر 2017، بلغ عدد ضحاياها52)، تم إحباطها بسقوط «عشماوي»، مشيرًا إلى أنه كان يشرف على تدريب وإرسال مجموعات إرهابية مهربة عبر الحدود الغربية المصرية، لتنفيذ عمليات داخل مصر والعودة مجدًدا إلى الصحراء الليبية.


وتوقع عامر أن تشهد الحدود الغربية المصرية مزيدًا من الاستقرار عما حل بها منذ تحرير مدينة درنة الليبية، منتصف العام الجاري، معتبرًا أن المشهد في قلب أفريقيا وسوريا سيتغير بسقوط «عشماوي»، ومشيرًا إلى تقارير أثبتت تورطه في تدريب الوافدين الجدد على القاعدة في ليبيا ثم إرسالهم إلى حيث يريد التنظيم.


"