ردًا على «خطة ميلر».. «طالبان» تهدد رجال الدين حال إصدارهم فتوى ضد الحركة

هددت حركة طالبان، علماء الدين في باكستان وأفغانستان باستهدافهم حال المشاركة
بفتاوى ضد الحركة، مدعية في خطاب شديد اللهجة، أن الأمريكيين على حافة الهزيمة، وأن
أي نوع من الحماية والتعاطف معهم جُرم لن يُغتفر.
ودعت حركة طالبان في بيان -اطلع «المرجع» على نسخة منه- علماء البلدين لمقاطعة أي اجتماعات أو مؤتمرات تسيئ إلى طالبان، مؤكدة استمرارها في تنفيذ عمليات إرهابية ضد القوات الأمريكية والحكومة الأفغانية.
وذكرت طالبان في بيانها، أن الولايات المتحدة دعت لعقد لقاءات بين علماء دين باكستانيين وأفغان، في إطار خطة «سكوت ميلر» قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) للقضاء على حركة طالبان الإرهابية.

خطة ميلر..
وأفغانستان الجديدة
كان تسلم الجنرال الأمريكي «سكوت ميلر»، قيادة القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان 2 سبتمبر الماضي، بمثابة الإذن لدخول المعركة المسلحة ضد حركة طالبان الإرهابية في مرحلة جديدة، بدت معالمها من خلال ما صرح به ميلر، إذ أكد أن حل الأزمة الأفغانية يكمن في المصالحة بين الحكومة الأفغانية و«طالبان».
ويرى ميلر في استراتيجيته الجديدة، أن التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة» وغيرهما في أفغانستان الجديدة، لا يمكن أن تكون جزءًا من الحل، في حين أكد أن حركة طالبان لن تتمكن من المقاومة حتى انسحاب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن القوات الأفغانية وقوات حلف الناتو تحاول محو أيديولوجيتهم وأفكارهم من المجتمع الأفغاني.
وبحسب «واشنطن بوست»، فإن استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة في أفغانستان تقوم على إنهاء الحرب في أفغانستان من خلال المفاوضات المباشرة بين كبار الدبلوماسيين الأمريكيين وحركة طالبان، في حين أكد مسئولان بارزان في طالبان أن مثل هذه المحادثات جرت في قطر يوليو 2018.
من جانبه، يرى جيمس دوبينز (الممثل الأمريكي الخاص لأفغانستان وباكستان سابقًا، والباحث بمؤسسة راند حاليًّا) أن «ترامب» سيخسر المعركة سريعًا إذا قرر الانسحاب، ومن الممكن أن يخسر ببطء إذا ظل متمسكًا بقراره واستراتيجيته.
وفي هذا الإطار، رعت الولايات المتحدة الأمريكية عدة لقاءات علمية بين علماء دين من أفغانستان وباكستان وإندونيسيا، باقتراح الرئيس الإندونيسي «جوكو ويدودو» في مدينة «بوجور» بإندونيسيا في مايو 2018؛ لتوحيد جهود العلماء واستصدار فتاوى شجب وإدانة للممارسات الطالبانية، وما تسببه من سفك دماء، وخرج الرئيس «أشرف غني» معلنًا في يونيو الماضي «دعم الحكومة فتوى اعتُمدت بإجماع 3 آلاف من علماء الدين، تعتبر أن الهجمات الانتحارية حرام.

الانقسام
الأفغاني
ويشهد الموقف الأفغاني انقسامًا حول تغيير السياسة الأمريكية، فمن جهة اعترض مجلس النواب الأفغاني على الاتفاقية الأمنية بين البلدين، وصوت قبل أسبوعين من تصريح «ميلر» على إعادة النظر في الاتفاقية الأمنيَّة مع الولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة للتدهور الأمني في البلاد.
وقال المعاون الأول لرئيس مجلس النواب «همايون همايون»، أمام جلسة البرلمان: «منذ البداية مجلس النواب تسرع في المصادقة على الاتفاقية
الاستراتيجية بين كابول وواشنطن؛ اليوم بوسعنا أن نرى بأن هذه الاتفاقية لم تنفع أبدًا في إرساء الأمن في بلادنا»، في إشارة للاتفاقية الأمنية الاستراتيجية الموقعة
في 30 سبتمبر 2014 التي بموجبها حصلت واشنطن على 9 قواعد عسكريَّة بأنحاء متفرقة من أفغانستان، في حين أن الحكومة
الأفغانية تسعى لتهدئة الأوضاع وقبلت بالتفاوض مع حركة طالبان؛ نظرًا لرغبتها في حشد أكبر
عدد من الناخبين بالانتخابات النيابية القادمة، ولأجل ذلك حاولت التفاوض مع
قادة حركة طالبان، وكان أول اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحركة وكابل يونيو الماضي.
من جانبه يرى الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية هشام النجار، أن
بيان طالبان لا يعدو كونه محاولة من الجماعة الإرهابية للعودة للمشهد السياسي والأمني.
وتابع النجار في تصريح للمرجع أن تهديد طالبان للعلماء يوضح الفجوة بين الحركة الإرهابية
ورجال الدين في الفترة الأخيرة، وأن الحركة تتخبط في تصرفاتها تجاه المؤسسات الدينية، وعلماء الدين؛ ما يفقدها التوازن في تصريحاتها بما
يجعلها تهاجم الجميع بما فيهم المؤسسات الدينية.
وأكد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات
الإرهابية أن طالبان تناقض نفسها فيما يخص الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت نفسه الذي تخوض واشنطن مفاوضات مع طالبان؛ لاستعادة السيطرة على المشهد في المنطقة، تهاجم
من يتعاون معها من العلماء، ما يفسر وجود الانقسام بين قيادات طالبان بشأن التعامل
مع الولايات المتحدة، فضلًا عن المأزق الأمني الذي تعاني منه الحركة.