فضح مخطط «إرهاب الملالي» يُربك جولة الرئيس الإيراني الأوروبية
الأربعاء 04/يوليو/2018 - 07:04 م

حسن روحانى
نورا البنداري
يعمل «نظام الملالي» بكل أذرعه الإرهابية على محاولة إسكات المعارضة الإيرانية، وينتهج أبناء الخميني في سبيل تحقيق هذا الهدف الخبيث كل الوسائل غير المشروعة، التي يأتي على رأسها ارتكاب أعمال إرهابية خاصة في دول القارة الأوروبية.
وفي خطوة ليست الأولى من نوعها خطط دبلوماسي تابع للنظام الإيراني لتنفيذ عمل إرهابي، كان يستهدف المؤتمر السنوي العام للإيرانيين المعارضين، الذي أُقيم في ضاحية «فيلبنت» بالعاصمة الفرنسية باريس في 30 من يونيو الماضي، وتمكنت الشرطة الأوروبية من إفشال هذا المخطط؛ حيث أعلنت النيابة البلجيكية عن أسماء المتورطين بالقضية الذين أُلقي الأمن القبض عليهم قبل تنفيذ مخططهم الإرهابي، وهما دبلوماسي إيراني يُدعى «أسد الله أسدي»، ورجل ثانٍ وزوجته وآخرون، واتهمت المعارضة الإيرانية، عقب هذه المعلومات، النظام الإيراني بالتخطيط لاستهداف مؤتمرها في باريس، الذي نجح في حشد الآلاف.
يأتي هذا بالتزامن مع الجولة الأوروبية التي يقوم بها الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى كل من النمسا وسويسرا، التي بدأها بالتوجه إلى الأراضي السويسرية في 2 من يوليو الجاري، في جولة وصفتها طهران بأنها «ذات أهمية قصوى» للتعاون بين الجمهورية الإسلامية وأوروبا لمحاولة الحصول على ضمانات للحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 8 من مايو الماضي؛ لذلك ترى طهران أن أوروبا ترفض مواقف واشنطن الأحادية، وأن الاتحاد الأوروبي يعتبر الاتفاق النووي ضروريًّا للسلم والأمن الإقليميين والدوليين.
ومن المقرر أن يتوجه «روحاني» كذلك إلى النمسا، التي تتولى حاليًا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة 6 أشهر، إلا أنه عشية وصول الرئيس الإيراني إلى فيينا في 3 من يوليو الجاري، قادمًا من سويسرا، أعلنت الخارجية النمساوية أنها أبلغت طهران بأن الحصانة الدبلوماسية ستُرفع عن «أسدي» في غضون 48 ساعة، لوجود مذكرة توقيف أوروبية في حقه، إن لم تفعل ذلك السلطات الإيرانية قبل نهاية المهلة، مشيرة إلى أنها استدعت السفير الإيراني في فيينا، وطلبت منه المساهمة في توضيح الوضع.
تظاهرات إيرانية ضد «روحاني» في أوروبا
زيارة الرئيس الإيراني للدول الأوربية، لم تمر بسلام؛ فقد نظمت المعارضة الإيرانية التي تقودها منظمة «مجاهدي خلق» تظاهرة ضد هذه الزيارة في 4 يوليو الجاري بالعاصمة النمساوية «فيينا»، وأكد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن استقبال «روحاني» في النمسا، وصمة عار على الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويُعد تعزيزًا للإرهاب والجريمة، وهو في الوقت ذاته انتهاك صارخ للقيم التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي.
وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الرئيس الإيراني الحالي مظاهرات ضده؛ ففي أول زيارة رسمية لـ«روحاني» إلى أوروبا في يناير من العام 201 (وذلك بعد انتهاء عزلة إيران مع دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ ورفع العقوبات عن طهران) تظاهر مئات الأشخاص في باريس احتجاجًا على هذه الزيارة، وكان من بين المتظاهرين نشطاء إيرانيون معارضون، وفرنسيون مدافعون عن حقوق الإنسان، كما كان من بين المشاركين أيضًا نواب من الجمعية الوطنية الفرنسية، ومسؤولون من المعارضة السورية، وندد الجميع خلال تلك التظاهرة بانتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان وتصدير الإرهاب والتطرف إلى بلدان المنطقة.
كما طالب المتظاهرون في باريس آنذاك؛ باعتقال «روحاني» وتقديمه للعدالة، وإخراج المليشيات الإيرانية المقاتلة من سوريا، مؤكدين أن دعم النظام الإيراني لم يقتصر فقط على إرسال المليشيات الإيرانية المقاتلة، بل تعدى هذا إلى التحريض العلني الطائفي وتشجيع ميليشيات شيعية من العراق ولبنان على التوجه إلى القتال في الأراضي السورية، وهو ما أجج الصراع الطائفي بالمنطقة، وأدى إلى استمراريته لعقود مقبلة.
اعتقالات أوروبية لمنفذي المخطط الإرهابي الإيراني
وتمكنت الأجهزة الأمنية في كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا من اعتقال خلية قوامها 6 أشخاص، كانوا مكلفين بتفجير مؤتمر «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» بقيادة منظمة «مجاهدي خلق»، ضاحية «فيلبنت» بالعاصمة الفرنسية باريس في 30 من يونيو الماضي، بحضور عشرات الآلاف؛ حيث قامت الشرطة البلجيكية باعتقال رجل وزوجته من أصول إيرانية ويحملان الجنسية البلجيكية، والإثنين من المشتبه بهم في تنفيذ الهجوم الإرهابي على مؤتمر المعارضة، وذلك بعد أن نجحت في إبطال مفعول متفجرات كانت ستستخدم في الهجوم؛ حيث كشفت أن الإيراني وزوجته كان بحوزتهما صاعق تفجير و500 جرام من المتفجرات كانت مخبأة في حقيبة لـ«المكياج».
وفي فرنسا؛ اُعتقل شخص يشتبه في أنه كان يقدم المساعدة للإيراني وزوجته، كما اعتقلت الشرطة الفرنسية شخصين آخرين؛ أما في ألمانيا، فاعتقل الدبلوماسي الإيراني «أسدي»، الذي يعمل في السفارة الإيرانية بالعاصمة النمساوية فيينا، ولذلك أفادت معلومات جمعتها القناة الإخبارية الفرنسية «بي إف إم تي في» أن الدبلوماسي الإيراني الذي أوقف في ألمانيا، تحوم شبهات حول كونه ينتمي حقيقة إلى المخابرات الإيرانية في الخارج، وأنه قد خطط لهذا الهجوم الإرهابي من خلال تسليم المتفجرات إلى الثنائي «البلجيكي ـ الإيراني» خلال لقاء جمعهم في لوكسمبورغ، لذلك طالبت الحكومة البلجيكية من ألمانيا أن تسلم «أسدي» إلى بروكسل لمحاكمته.
رد الفعل الغربي والإيراني
وعقب كشف وإحباط المخطط الإرهابي الذي قامت به عناصر النظام الإيراني بهدف تفجير المؤتمر العام للمعارضة الإيرانية بباريس؛ نشر رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق «نيوت جينجريتش»، تغريدة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أشار فيها إلى أن المؤامرة التي تم التخطيط لها بواسطة عنصر تابع للنظام الإيراني والإرهابيين الإيرانيين الذين يعيشون في أوروبا، توضح مدى خوف دكتاتورية «نظام الملالي» من الحركة الإيرانية المعارضة.
كما أوضحت صحيفة «الحياة اللندنية» نقلًا عن الوكالة الإخبارية «فرانس برس»؛ أن بعض الخبراء أشاروا إلى أنه في حال تأكيد التحقيقات تورط طهران في خطة الهجوم الإرهابي بباريس؛ فإن دفاع الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» وشركائه الأوروبيين عن الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست في العام 2015 سيكون أمرًا صعبًا للغاية، إضافة إلي أن تداعيات وانعكاسات ثبوت تورط النظام الإيراني ستكون كبيرة على علاقاته بفرنسا.
وفي المقابل، أعلن الناطق باسم الخارجية الإيرانية «بهرام قاسمي»، أن الزوجين المعتقلين في بلجيكا معروفان بأنهما عضوان في المنظمة الإيرانية الإرهابية، في إشارة إلى «مجاهدين خلق»، مشددًا على أن السلطات الإيرانية مستعدة لتقديم الوثائق اللازمة لتوضيح أبعاد هذا الأمر، كما اتهم المنظمة بتنفيذ سيناريو يؤثر على الجولة الأوروبية لـ«روحاني» ويعمل علي تشويه صورة إيران أمام الرأي العام الأوروبي.
إرهاب الملالي في أوروبا
علي هذا النحو؛ يجب الإشارة إلي أن «نظام الملالي» ينتهج أساليب عديدة للتوغل داخل أوروبا، فهذا النظام يمتلك استراتيجية تعمل على تصدير مفاهيم الثورة الإسلامية التي تقوم علي ادعاء بأنها تمثل الوجه المعتدل للإسلام عبر التقارب مع العلمانيين والليبراليين، ويأتي هذا بالتوصل مع الأذرع الدينية التابعة للنظام الإيراني في عواصم القارة الأوروبية، هذا بالإضافة إلى أن طهران تعمل بشكل سري من خلال حلفائها بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية، وتتجه نحو تأسيس مدارس الكراهية ضد الغرب من خلال خطب رجال الدين الموالين لها خاصة في المنطقة العربية.
فعلي سبيل المثال؛ أشارت دراسة صادرة عن «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، إلى أنه تم إحباط قرابة 30 مؤامرة إرهابية لـ«حزب الله» و«فيلق القدس» خلال عامي 2011 و2012، إضافة إلى أن «الحرس الثوري الإيراني» خطط لتنفيذ العديد من الاغتيالات والعمليات الإرهابية في أوروبا؛ ففي النمسا اغتال أتباع النظام الإيراني «عبدالرحمن جاسيمولو»، الذي كان يرأس الحزب الديمقراطي الكردستاني بإيران في فيينا عام 1989، وتمكنت الأجهزة الأمنية بالنمسا من القبض على مطلقي النار، وكان أحدهم يحمل جواز سفر دبلوماسي إيراني، وسمح له بمغادرة البلاد والعودة لإيران بعد ضغوط تعرضت لها النمسا من قبلِ الحكومة الإيرانية.
وفي ألمانيا عام 1992، قام بعض التابعين لنظام الملالي باغتيال أربعة أكراد إيرانيين معارضين لهذا النظام، وفي عام 1997، أصدرت محكمة ألمانية مذكرة توقيف دولية بحق وزير المخابرات الإيراني «هوغارت على فليجان» بعد التأكد من أنه أصدر أوامر اغتيال لهؤلاء الأكراد بعلم المرشد الأعلى الإيراني «خامنئي»، وفي ديسمبر الماضي، استدعت الخارجية الألمانية، السفير الإيراني «علي ماجدي» لإبلاغه احتجاجها على تجسس الاستخبارات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني على مسؤولين وجمعيات في ألمانيا، تنوي التخطيط لتنفيذ اغتيالات في أوروبا.
ونتيجة لما تقدم؛ نجد أن قيام بعض العناصر الإيرانية بالتحضير لعملية إرهابية لاستهداف المعارضين لنظام ولاية الفقيه على الأراضي الفرنسية، سينتج عنها إذا ما توافرت الأدلة التي تثبت الجهات المحركة لهذه العناصر، إحداث توتر من شأنه التأثير بقوة على مسار العلاقات «الفرنسية ــ الإيرانية»، كما أن النتائج التي ستتوصل إليها التحقيقات في الدول الثلاث المعنية (بلجيكا وفرنسا وألمانيا) سيكون لها بالغ الأهمية في التأثير على مسار العلاقات بينها وبين إيران في الأشهر المقبلة؛ حيث من المرجح أن تتراجع هذه الدول عن تقديمها الدعم لـ«روحاني»، لمواجهة العقوبات الأمريكية التي ستفرض على طهران خلال الفترة القادمة، التي استهلها «ترامب» بإصدار قرار يهدف إلى منع إيران من تصدير نفطها.