سيناريوهات مُحتملة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي
الأربعاء 09/مايو/2018 - 07:09 م

انسحاب ترامب من الاتفاق النووي
محمود عبدالواحد رشدي
في كلمة ألقاها من دون خطاب مكتوب، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النظام الإيراني بـ«المجرم»، مشيرًا إلى السياسات الإيرانيَّة الداعمة للتطرف والإرهاب التي تُهدد الأمن العالمي؛ لاسيما بالشرق الأوسط ومصالح دوله، معلنًا عن قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية على طهران ومن يتعامل معها، ما أثار القلق العالمي حول تداعيات هذا القرار.

ترامب
فقد أعلن الرئيس الأمريكي، الثلاثاء 8 مايو 2018، انسحاب الولايات المُتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة، مضيفًا أن الاتفاقية لم تحمِ مصالح الولايات المُتحدة وحلفائِها، وقال ترامب: إن الاتفاقية «وضعت قيودًا ضعيفة جدًّا على أنشطة النظام النووية، ولم تضع حدًّا على الإطلاق، لسلوك إيران في منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك أنشطتها المتوسِّعة في سوريا، واليمن، وأماكن أخرى».
وأردف بأنه سيعيد فرض عقوبات اقتصادية كانت الإدارة الأمريكيَّة تتجنبها منذ توقيع الاتفاق في 2015.
وجاء قرار «ترامب» بناءً على خرق إيران لبنود الاتفاقيَّة؛ حيث رفضت طهران تلبية مطالب الرئيس الأمريكي حول برنامج التجارب الصاروخيَّة الباليستيَّة، وخرقت قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، واستغلت الاتفاق للتوسع والتمدد الاستراتيجي في الإقليم، وتمويل ودعم الجماعات المسلحة والانفصالية، إضافةً إلى الضغط الإسرائيلي المتواصل على الإدارة الأمريكيَّة، وتقديم أدلة على عدم حسن النوايا الإيرانيَّة بخصوص البرنامج النووي.

نتنياهو
ردود الفعل الدوليَّة
جاءت ردود الفعل الدوليَّة ما بين مؤيدٍ ومعارض لقرار «ترامب».
المواقف الدوليَّة المؤيدة
عَبَّرتْ مصر عن شواغل إقليمية ودوليَّة تتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة، والنوايا الإيرانيَّة من وراء ذلك، من خلال التدخلات في الشؤون الداخليَّة للدول العربية، ما يعني أن الملف لا يرتبط بالأنشطة النوويَّة الإيرانيَّة وفق الرؤية المصريَّة.
فيما رحبت إسرائيل بالقرار، فقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي: «الرئيس الأمريكي اتخذ قرارًا شُجاعًا وصحيحًا»، مضيفًا: «نحن نقدر قرار الرئيس «ترامب» بشكل كبير».

صورة أرشيفية
كما أعلنت السعوديَّة تأييدها لإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، التي عُلقت بموجب الاتفاق النووي، مرحبةً بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، مشيرةً إلى أن النظام الإيراني استغل العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليه واستخدمه للاستمرار في أنشطته المزعزعة لاستقرار المنطقة، خصوصًا من خلال تطوير صواريخه البالستية ودعمه الجماعات الإرهابيَّة، بما في ذلك «حزب الله وميليشيا الحوثي» في لبنان واليمن.

صورة أرشيفية
ورحبت الإمارات العربيَّة المُتحدة بقرار ترامب للأسباب التي أوردها في كلمته، التي لا تضمن عدم حصول إيران على السلاح النووي في المستقبل، كما رحبت باستراتيجيته في هذا الخصوص.

فيديريكا موجيريني
المواقف الدوليَّة الرافضة
من جانبها، أعلنت وزيرة خارجيَّة الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني عن تصميم الاتحاد على الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب منه.

ماكرون
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده وألمانيا وبريطانيا تريد العمل بشكل مشترك على اتفاق أوسع، معربًا عن أسف الدول الأوروبيَّة الثلاث بشأن القرار الأمريكي.

صورة أرشيفية
كما أعلنت الخارجية الروسيَّة بالانفتاح على جميع الأطراف قائلة: «إن موسكو منفتحة على الأطراف الأخرى بالاتفاق النووي، وستواصل تطوير علاقاتها مع إيران»، وكذلك أدانت سوريا القرار الأمريكي بشدة، معتبرة أنه سيزيد التوتر في العالم.

روحاني
رد الفعل الإيراني
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقد أعلن بقاء بلاده بالاتفاق النووي دون الولايات المتحدة، شريطة أن تتأكد إيران خلال أسابيع أنها ستحصل على امتيازات الاتفاق كاملة بضمان بقية أطراف الاتفاق، قائلًا: «إن أمريكا ستندم على قرار الانسحاب من الاتفاق»، مؤكدًا قدرة بلاده على مواجهة أي ضغوط من واشنطن.
وأشار روحاني إلى أنه «أمر وكالة الطاقة الذرية في طهران بالاستعداد لاستئناف تخصيب اليورانيوم إلى مستويات صناعيَّة»، موضحًا أن الأسابيع المقبلة ستشهد مشاورات بين إيران وحلفائها وأصدقائها.

ترامب
تداعيات القرار الأمريكي
هناك عدة سيناريوهات لتبعات القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي على الصراعات في المنطقة العربية؛ حيث ستمثل سوريا صدى تلك الصراعات والحروب بالوكالة.
فمن المحتمل أن تسعى إيران -مُستعينةً ببعض ميليشياتها الشيعيَّة- إلى شن هجمات ضد القوات الأمريكيَّة، كما أن طهران -المشاركة بالحرب في سوريا منذ عام 2012- لن تمنع «حزب الله» -حليفها في لبنان- من شن هجمات على إسرائيل، ومن ثم من المحتمل قيام مواجهات عسكريَّة «إيرانيَّة - إسرائيليَّة» على الأراضي السورية، ما ينذر بقيام حرب إقليميَّة بالوكالة ستكون سوريا هي ميدانها.
ومن المحتمل أيضًا، أن يسعى الوسطاء الأوروبيون (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) لمحاولة رأب الصدع بين الطرفين، والاتفاق حول معايير جديدة يعدل على أساسها الاتفاقية، كما طالبت الولايات المتحدة، وهو أمر مستبعد لصعوبة إجبار إيران على الموافقة بتعديلات ترامب، وقد تسعى الأطراف الأوروبيَّة إلى صياغة اتفاق جديد للاستمرار في منع إيران من حصولها على السلاح النووي، وهذا يعنى أن تكون إيران قد توصلت إلى صيغة جديدة تكون أمريكا ليست طرفًا فيها، وهي صيغة (4 + 1) بخصم واشنطن من المعادلة؛ لتأمين مصالح الشركات الأوروبيَّة في طهران.