قيادي بـ«المحمدية» الإندونيسية: نقدم الإسلام الوسطي وليس لدينا طموحات سياسية- حوار
تعد «الجمعية المحمديَّة»، ضمن أكبر الكيانات الدينية عالميًّا، وأكبر الجماعات تأثيرًا في إندونيسيا، بإحصاء تقريبي لعدد أعضائها يقارب 25 مليون إندونيسي، وتمارس دورًا كبيرًا في إرساء قيم الإسلام الوسطي داخل البلاد، ذات الغالبية المسلمة، وبين الجاليات الإندونيسية في الخارج.
وفى حواره لـ«المرجع»، يتحدث الشيخ زكي رشيد، رئيس فرع الجمعية، بين أبناء الجالية الإندونيسية في مصر، عن الروافد الفكرية لها، وتأثيرها، واستكشاف معالم فلسفتها المعروفة بــ«الماعون»، ومشروعها الفكري، وحجم مساهمتها في المجتمع الإندونيسي، ومفهوم «الإسلام التقدمي»، الذي تعتمده شعارًا لها في الدعوة الدينية، وموقفها من الدولة الإندونيسية، وموقفها من المشاركة السياسيَّة، وذلك على النحو التالي:
بداية.. اشرح لنا أيديولوجية الجمعية في البداية بشيء من التفصيل.
نتبنى «فلسفة الماعون»، وهي مأخوذة من السورة التي تحمل الاسم نفسه في القرآن الكريم، والتي تحث على مساعدة اليتامى والمساكين، وإعانة المحتاجين، كأساس من أساسيات الدين الإسلامي، ولذلك نركز في عملنا على الجانب الخدمي كسبيل أساسي للدعوة، وقد كان لتبني تلك الفلسفة قصة شهيرة، وهي أن الحاج محمد دحلان مؤسس الجمعية عام 1912، كرر شرح تفسير سورة «الماعون» لتلاميذه أكثر من مرة، فسألوه: لماذا تكرر نفس الكلام وقد سبق شرحه؟، فقال: ولماذا لم تعملوا به حتى الآن؟، ومن هنا بدأ تبنى فلسفة تحويل الآيات القرآنية إلى واقع عملي، وأَسَّسَ الجمعية من أجل حشد الجهود لخدمة المجتمع.
ما فحوى نموذج «إسلام بركموجوان» أو «الإسلام التقدمي» الذي تروج له الجمعية؟
معناه الاهتمام بتحديث فكر المسلمين، والاهتمام بالتعليم والتكنولوجيا والاقتصاد، وليس التركيز على التعليم الديني فقط، وللأسف اتهم البعض مؤسس الجمعية، بمخالفة تعاليم الدين الإسلامي عندما بدأ يدعو لإنشاء المدارس بدلًا من الاكتفاء بحلقات المسجد، وعندها بدأ ينشر هذه الدعوة بين أبناء المدن الإندونيسية.
لماذا يتركز معظم أتباع الجمعية في الحضر دون الريف؟
في البداية كان التركيز على المدن، لأن أهلها ينجذبون أكثر لدعوة التحديث والتقدم، لكننا الآن موجودون في المناطق الريفية أيضًا، ومؤسساتنا التعليمية تنتشر في جميع أنحاء البلاد، فلدينا 172 جامعة، وعشرات الآلاف من المدارس التي يزيد تعدادها على المدارس الحكومية ذاتها.
كم عدد أعضاء الجمعية الآن؟
طبقًا لآخر الإحصائيات فإن عدد أعضاء الجمعية يبلغ 25 مليون إندونيسي.
أليس لكم فروع خارج بلادكم؟
لا فجمعيتنا محلية في الأصل ولا تضم سوى مواطني البلاد، وليس لنا فروع في الخارج، سوى بين الجاليات الإندونيسية في الدول الأخرى، لكن هناك جمعيات إسلاميَّة استنسخت أفكارها وفلسفتها منا، في تايلاند وسنغافورة، بدون وجود روابط تنظيميَّة بيننا وبينهم، لكننا الآن بصدد افتتاح جامعة تابعة لنا في ماليزيا.
وماذا عن المدارس الدينيَّة؟
لدينا عدد من المدارس الدينية، ولدينا قطاع ديني اسمه «مجلس ترجيح وتجديد»، مهمته إصدار الفتاوى، وبشكل عام تنتهج الجمعية أفكار كل من الإمام محمد عبده والمفكر محمد رشيد رضا، أصحاب الفكر التجديدي، الذي يدعو لخدمة المجتمع والنهوض بأحوال الأمة.
ومن أين يأتيكم التمويل لكل هذه المؤسسات؟
التمويل يأتي عن طريق الأوقاف الاسلاميَّة، فمثلًا يخصص أحد الموسرين قطعة أرض للجمعية لتُبني عليها مشروعاتها الصحية والتعليميَّة، كما نستغل رسوم المدارس والمستشفيات فى بناء مشروعات أخرى، فلدينا مثلًا مستشفيات خاصة للأغنياء تُستغل أرباحها في الإنفاق على المستشفيات الخيريَّة، التي تقدم خدماتها بأسعار زهيدة للمواطنين البسطاء.
ألا تَسْعَون لتطبيق أحكام الشريعة الإسلاميَّة في إندونيسيا؟
لا ليس هذا شأننا، فكل ما نسعى إليه أن نرى بلادنا بلدة طيبة آمنة.
أليس لكم مطالب معينة خاصة بشكل الدولة ونظام الحكم فيها؟
لا نريد تغيير شكل الدولة، بل نرى أن مهمة الجميع الآن أن نعمل على النهوض بالمستوى التعليمي في بلادنا، حتى لا يبقى بيننا جاهل، وأن ننهض بصحة المواطنين حتى لا يبقى بيننا مريض، وننهض بالاقتصاد فلا يبقى فينا فقير.
وما موقف الجمعية من المشاركة السياسية؟
لسنا حزبًا سياسيًّا وليس لنا حزب يمثلنا.
لكن رأينا عددًا من قادة «المحمدية» يتقلدون مناصب سياسيَّة رفيعة، أبرزهم أمين رايس زعيم الجمعيَّة، الذي تولى رئاسة البرلمان الإندونيسي طيلة خمس سنوات، وكان رئيسًا لحزب الأمانة الوطنية.. فما رأيك؟
أعضاء الجمعية لهم كل الحق في المشاركة السياسيَّة، ولا يُفرض عليهم توجه سياسي معين.





