ad a b
ad ad ad

التصوُّف السائل.. «زوايا مستقلة» تتخفَّى عن عيون الجهات الرسمية

الجمعة 10/أغسطس/2018 - 02:26 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة
اختصار الصوفية المصرية في الحالة «الطرقية» ربما لن يكون دقيقًا، فالتصوف الطريقي المتصدّر والمعبر عنه بسبع وسبعين طريقة -إجمالي الطرق الصوفية المسجلة بمصر- لا يمتد عمره لأكثر من 42 عامًا، بمقتضى قانون 118 لسنة 1976، الذي تأسست بناءً عليه الطرق الصوفية والمجلس الأعلى المكون منها (أعلى جهة نظامية صوفية في مصر).
التصوُّف السائل..
ومن قبل القانون عاشت الصوفية قرونًا فيما يُعرف بـ«التصوف السائل»، أو «تصوف الزوايا»، وهو تصوف غير رسمي، عبارة عن تكوينات لكل تكوينة شيخ ومُريدون، ولا يمكن اعتبار أن استحداث التصوف الطرقي كان نهاية للتصوف السائل، بل مازال الثاني حاضرًا، وله مُريدون يُمارسون طقوسًا لا يسمع بها إلا أصحابها.

أكبر الكيانات الصوفية المدرجة ضمن «تصوف الزوايا»، هي «الخلوتية»، المستقرة بشكل أساسي في صعيد مصر، ويرأس مشيختها محمد الطيب، شقيق فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب.

ورغم النفوذ الذي تحظى به الطريقة في نفوس أهالي الصعيد، تحديدًا أبناء محافظة الأقصر، جنوبي مصر، بحكم موقعها الديني وتأثيرها الاجتماعي الذي استمدته من مجالس تُقيمها لحلِّ المنازعات العائلية، فإن الطريقة لم تُبادر بتقديم أوراقها للمجلس الأعلى للصوفية للحصول على ترخيص يقنن أوضاعها.

علاء أبوالعزائم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، وشيخ الطريقة العزمية، أكد أن المجلس الصوفي «سيكون في غاية سعادته إذا أدرجت طريقة شقيق شيخ الأزهر تحت غطائه، ولكن الطريقة نفسها هي التي ترفض تعديل أوضاعها، راضيةً بموقعها المميز الحاصلة عليه في الصعيد».

وأوضح «أبوالعزائم»، في تصريح لـ«المرجع»، أن الطريقة رغم عدم تقنين وجودها فإنها قادرة على الانتشار وعقد الفعاليات التي يشارك فيها الآلاف ويسافر لحضورها أناس من المحافظات كافة.

وتُقيم الطريقة هذه الفعاليات في ساحة تُسمى «ساحة الطيب»، وهي أشهر ساحات الصعيد، التي يقام فيها بشكل يومي فعاليات ودروس علم تنشر فكر الطريقة ومنهج التصوف.

وإذا كانت «الخلوتية» طريقة كبيرة لثقلها وأهمية الشخصيات المنتمية لها، فثمة كيانات أخرى صغيرة لا يسمع عنها إلا أصحابها، أو المقيمون بالقرب من مقراتها، وتستقر هذه الكيانات أو الزوايا بشكل أساسي في القرى، بعيدًا عن أعين الجهات الرسمية.
التصوُّف السائل..
تكوين الزوايا
وقال مصدر إداري من داخل المجلس الأعلى للطرق الصوفية، طلب عدم نشر اسمه: إن «تكوين هذه الزوايا يكون غالبًا عبر متصوفة غير معروفين بالقرى، يعتقدون أن الله فتح عليهم بطريق، فيبدؤون نشر أفكارهم بين أهل قريتهم، وبانضمام جزء منهم يُشكلون تجمعًا ويسمونه طريقة». 

ولا يزيد عدد المنضمين للزاوية الواحدة من هذه الزوايا على المائة فرد في بعض الأحيان، بحسب المصدر، مؤكدًا أن أغلبها لا يطمح في الانتشار خارج حدود قريته، وأحيانًا خارج حدود عائلات بعينها، لافتًا إلى أن عددهم ربما يصل لآلاف؛ نظرًا لأنها تجارب ذاتية، تقام وتخمد دون معايير محددة.

ويقر بأن هذه الزوايا تُسهم بدرجة ما في نشر أفكار منحرفة؛ لأنها تُسِنُّ طقوسًا على أصحابها تتضمن في بعض الأحيان حركات أو عبارات غير مفهومة، وليس لها أصل شرعي.

بدوره، تعهد المجلس الأعلى للطرق الصوفية بشكل رسمي في أكثر من مناسبة بمحاربة ما اعتبره «تصرفات دخيلة على التصوف تظهر في الموالد»، لكنه لم يتطرق في أي من هذه المناسبات إلى الزوايا غير المقننة أو دورها.

ورغم أن المادة الرابعة من قانون 118، الذي دُشِّنَ بمقتضاه المجلس، يضمن له حق حظر أي «فئة أو جماعة أو شخص يزعم الانتساب إلى الطرق الصوفية أو يباشر نشاطًا صوفيًّا، ولم يكن مدرجًا ضمن سجلات الطرق الصوفية»، إلا أن المجلس لم يُقدم في مرة على قرار الحظر.

لماذا؟
«أبوالعزائم»، عضو المجلس الصوفي، علق على ذلك، قائلًا لـ«المرجع»: إن «المجلس لم يحظر أيًّا من الطرق غير المقننة؛ لأنه على علم بمشايخها، وواثق في منهجهم، مثل طريقة شيخ الأزهر التي قال عنها «تحوي عددًا من العالمين بالتصوف».

وأردف أنه يبحث عن روح القانون، وليس عن نصه، وطالما هذه الطرق تدعم الصوفية، فما الأزمة من وجودها حتى لو غير مقننة؟

ومن ناحيته، ذهب عبدالله الناصر حلمي، أمين «اتحاد القوى الصوفية»، إلى أن المجلس الصوفي مقصّر في حماية التصوف من الداخلين عليه، «ورغم إنه يمتلك حق الحظر والتقويم فإنه لم يُمارس دوره بمراقبة ومنع التصرفات «الخزعبلية» التي تسلك طريقها إلى الموالد».

وأوضح «الناصر»، أن عدد الطرق غير الرسمية كبير جدًّا، وبعضها معروف، إلا أنه يصعب حصرها، لافتًا إلى أن هذه الطرق لا تسعى لإدراج نفسها في قوائم المجلس، إما لتحفّظ تحمله على إدارة المجلس، وإما لرغبتها في إقامة فعالياتها وطقوسها بعيدًا عن رقابة الأعلى للصوفية.

وأشار أمين «اتحاد القوى الصوفية»، إلى أن بعضها يرغب في الابتعاد عن الأمن، الذي يشترط الحصول على موافقته في الاحتفالات الصوفية الكبرى.
"