ad a b
ad ad ad

التنظيمات والاستقطاب السائل.. احتواء «القاعدة» لعناصر «داعش» نموذجًا

الخميس 26/يوليو/2018 - 11:26 ص
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
حامد المسلمي
طباعة
تعمل التنظيمات الإرهابية دائمًا على تجنيد واستقطاب المزيد من العناصر المتطرفة حتى توسع من نشاطها من جانب، ولمزيد من إحكام سيطرتها على الأرض من جانب آخر، تمهيدًا لإقامة «الدولة الدينية» التي ينشدونها.

وفي سبيل التجنيد والاستقطاب تحاول التنظيمات استخدام كل الوسائل والآليات المتاحة للتجنيد، ومن بينها؛ التجنيد عبر الأموال والمساجد والجمعيات الخيرية، ومنظمات الإغاثة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي (Social Media) الحديثة على شبكة الإنترنت، كما تُستخدم المناظرات بين المنتمين للجماعات المنافسة بغرض استقطاب التنظيم بكامل عناصره.
ناصر والسادات
ناصر والسادات
وفي معظم الأحيان تلعب المتغيرات السياسية والإقليمية الدور الأهم في حالة السيولة التي تُصيب التنظيمات الإسلامية، فتكون عوامل مساعدة سواء للانشطار التنظيمي أو إجراء مزيد من التحالفات.

على سبيل المثال، لعبت المتغيرات الدولية والإقليمية والداخلية، بالإضافة إلى طبيعة الحرب الباردة في فترة السبعينيات من القرن الماضي دورًا مهمًا في صعود التيار الإسلامي في مصر، بداية من نكسة 5 يونيو 1967 وهزيمة الدول العربية «الإسلامية» أمام الإسرائيليين، بالإضافة إلى الصراع الداخلي بين التيارات السياسية الناصريين ونظام السادات، وانتقال مصر من المعسكر الاشتراكي إلى المعسكر الرأسمالي، كل هذه الأسباب مهدت إلى صعود التيارات الإسلاموية، وعودة تنظيم جماعة الإخوان للحياة مرة أخرى.
داعش
داعش
ومع التفاعلات في الحياة السياسية المصرية، انفصلت تيارات جماعة الإخوان لتُشكل تيارات أخرى أكثر راديكالية (بشكل معلن)، وتتبنى الصدام مع الدولة بشكل مباشر، وبعيدًا عن «تقية» جماعة الإخوان.

كما نجد أن هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي، وانهيار «الدولة الإسلامية النموذج» كان عاملًا محفزًا على تشتت التنظيم، ومحاولة البحث عن وطن بديل من جانب، خاصةً في الدول المنهارة أمنيًّا والممزقة جغرافيًّا؛ مثل ليبيا والصومال وأفغانستان، ومن جانب آخر أدى لصعود تنظيم «القاعدة»، ومحاولة احتواء أعضاء تنظيم «داعش» «كتنظيم سائل ومشتت» مرة أخرى.

وفي هذا الإطار، تسعى الدراسة إلى تناول قدرة تنظيم القاعدة على استقطاب الفصائل الدينية السائلة، خاصة تنظيم «داعش الإرهابي» في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ويمكن تناول الدراسة من خلال المحاور الآتية:
 عالم الاجتماع والفيلسوف
عالم الاجتماع والفيلسوف البولندي «زيجمونت باومان»
أولًا- مفهوم الفصائل الدينية السائلة (خصائص، والمكونات) والفرق بينها وبين التنظيمات الأخرى المتماسكة: 
محاولة تحديد مفهوم الفصائل الدينية السائلة أمر غاية في الأهمية، خاصة مع عدم شيوع هذا المصطلح أو الاتفاق على سمات وخصائص معينة لهذا المصطلح، وتُعد محاولات عالم الاجتماع والفيلسوف البولندي «زيجمونت باومان» للتنظير لمفهوم «الحداثة الصلبة والحداثة السائلة»، حيث ذكر أننا نعيش في أوقات سائلة، وهو يشير إلى عصر من عدم اليقين، يتميز بحالة مستمرة من التغيير في المؤسسات الاجتماعية التي تذوب بسرعة أكبر مما يشكل خوفًا وقلقًا.

كما أن هناك الكثير من الأدلة على أن السيولة في التحالفات أصبحت واحدة من السمات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط على نحو متزايد، وغالبًا ما تكون هذه العملية متناقضة، ونفس التفكير ينطبق على الجغرافيا السياسية في المنطقة اليوم، بالإضافة إلى أن الكتل الصلبة نادرة، والتحالفات قصيرة الأجل وتعزز الخوف، حيث تتغير النظرة إلى «ما الذي يمثل تهديدًا»، في ذات القضية.

وهذا هو الحال مع الائتلاف الحالي المعادي لتنظيم داعش، وأكثر وضوحًا في القوى التي تعمل معا ضد التنظيم في الموصل آنذاك.

• مفهوم الفصائل الدينية السائلة والفرق بينها وبين الفصائل الدينية المتماسكة: 
الفصائل الدينية السائلة هي عبارة عن التيارات الدينية السائلة التي تنتهج سبل مختلفة، وغالبية هذه التيارات تتفق مع التنظيمات الإرهابية في المرجعية الأصولية والفقهية، والشريعة الإسلامية بمعناها الواسع كإطار مرجعي وفقهي يسعى كلاهما لتطبيقه، إلا أنها تختلف معها في بعض الفروع والأولويات وطرق التطبيق.

كما أن هذه الفصائل الدينية السائلة غالبًا لا تُشكل تنظيمًا قويًّا، وتصبح هدفًا للتجنيد والاستقطاب من التنظيمات القوية الأخرى.

وفي حالات نادرة وفق متغيرات سياسية وإقليمية وجيوسياسية وديموجرافية (وليست دينية) عندما يكون التنظيم القوي يتشكل من تيارات متعددة مثل جماعة الإخوان، ينفصل بعض الأفراد (الذين يعبرون عن فصيلة دينية سائلة داخل التنظيم)، وينضمون إلى تنظيمات أخرى أكثر راديكالية وتعبيرًا عنهم، مثل انضمام عناصر الإخوان إلى تنظيمي «داعش» أو «الإخوان» قُبيل 3 يوليو 2013، أو الانفصال التكتيكي بعد الإطاحة بهم من الحكم في مصر، وذلك لممارسة العنف بحرية ودفع الشُبهات عن التنظيم الأم.

• خصائص التيارات الدينية السائلة
للفصائل الدينية السائلة مجموعة من الخصائص منها: 

- مجموعات فكرية غير منظمة بشكل واضح، أو تيارات داخل تنظيمات وتختلف عنها في الرؤية بشكل جزئي.

- فلول لتنظيمات مهزومة مثل فلول تنظيم داعش الفارين من سوريا والعراق.

- جماعات مهمشة اجتماعيًّا لا تتبنى رؤية أيديولوجية معينة، وتسعى التنظيمات المختلفة إلى استقطابها واستيعابها لداخل التنظيم، مثل محاولات جماعة الإخوان استقطاب العديد من الفئات المهمشة اجتماعيًّا، خاصةً في الفترة التي عقبت التحول من المعسكر الشرقي إلى المعسكر الغربي في منتصف السبعينيات، كاستقطاب طلاب الجامعات من ذوي الأصول الريفية ومستويات اقتصادية منخفضة.

- الأفراد المتطرفون والذين يبدون تعاطفًا مع الحوادث الإرهابية وتضامنًا مع التنظيمات الإرهابية، خاصة في أوروبا وأمريكا وشرق أسيا، ويصبحون هدفًا سهلًا للتجنيد كــ«ذئاب منفردة».
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
ثانيًا- الروابط المشتركة بين التنظيمات السائلة والمتماسكة
هناك العديد من الروابط المشتركة بين التنظيمات السائلة والتنظيمات المتماسكة، أهم هذه الروابط هي؛

1- الرابط الأيديولوجي
يُمثل الرابط الأيديولوجي ووحدة الإطار الفكري والمرجعي من أهم الروابط التي توثق الصلات بين الأفراد والتنظيم من جانب، وبين التيارات السائلة والتنظيمات المتماسكة من جانب آخر، وتُعد الدافع الأساسي لانضمام هذه التيارات السائلة إلى التنظيمات المتماسكة من جانب ثالث، ومن جانب أخير تُعد هي الدافع الأساسي أيضًا للتنظيمات المتماسكة لوضع استراتيجية معينة لاستقطاب هذه الفئة دون غيرها لوحدة الجانب الأيديولوجي.

2- وحدة الهدف السياسي
بينما يمثل وحدة الهدف السياسي الرابط الثاني بين هذه التنظيمات المتماسكة وبين الفصائل الدينية السائلة، وتتعلق بإقامة «دولة الخلافة الراشدة» حسب مفهوم هذه التنظيمات، وذلك على غرار نظام الحكم في عصر النبوة، ولم يأخذوا في الاعتبار طبيعة الظرف التاريخي والجغرافي لنظم الحكم في هذه الحقبة التاريخية منذ أكثر ما يزيد عن 1400 عام مضت. 

ووحدة هذا الهدف السياسي نابعة من رؤية أيديولوجية وأصولية دينية واحدة، وهي أن «الإسلام دين ودولة»، وبها يخلط التنظيم بين الدين والسياسي، ويحاول أن يطوع النص الديني والحوادث التاريخية السابقة لخدمة هدف التنظيم الديني سياسيًّا، بما يساعد في حشد وتجنيد الأفراد والفصائل الدينية السائلة خلفه. 
القيادي الإخواني
القيادي الإخواني محمد كمال
ثالثًا- دوافع الانتقال من حالة لأخرى
تتعلق دوافع الانتقال من حالة الفصائل الدينية السائلة أو الأفراد إلى الانضمام للتنظيمات الدينية المتماسكة أو العكس أي الانفصال من التنظيم الديني المتماسك إلى وحدات أخرى أدنى بظروف المناخ السياسي والتفاعلات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية.

1-الدافع الأيديولوجي
وهو يتعلق بالخلافات الفقهية والمنهجية، وفي الأغلب تكون في الفروع وأولويات القتال وليس في الأساس الصلب للأيديولوجية التكفيرية لهذه الجماعات، كانفصال تنظيم داعش عن تنظيم القاعدة، حيث نجد أن هناك عوامل ودوافع كثيرة أدت إلى انفصال تنظيم داعش عن القاعدة في 2014، وإعلانه قيام ما عرف بــ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، منها الاختلافات الأيديولوجية والسياسية وتباين الطابع الديموجرافي بين «سوريا والعراق» والمختلف عن «أفغانستان وباكستان»، فالعراق يتسم بأغلبية شيعية سعت للسيطرة على البلاد عقب سقوط نظام صدام حسين «السني» في 2003، وسوريا ذات أغلبية سنية مع سيطرة شيعية علوية على نظام الحكم، وذلك بدعم إيراني في البلدين، وهذا الأمر مختلف عن أفغانستان وباكستان أصحاب الأغلبية السنية والمسيطرة على الحكم تاريخيًّا.

2-الدافع التكتيكي:
وهي تتعلق بمواءمة سياسية في لحظة معينة تفرضها عليه الظروف السياسية، مثل خروج حركات «سواعد مصر.. حسم» و«لواء الثورة» من رحم جماعة الإخوان، لممارسة العنف والإرهاب ضد الدولة المصرية من جانب، وأن تستطيع جماعة الإخوان نفي صفة الإرهاب عنها، وهذه العلاقة أثبتتها التحقيقات المصرية مع المتهمين من الحركتين، وعلاقتها بالقيادي الإخواني محمد كمال، والذي قُتل في مواجهات مع الشرطة المصرية.
القاعدة وداعش
القاعدة وداعش
رابعًا- صعود القاعدة ومحاولات استمالة عناصر داعش
رغم محاولات تنظيم داعش في البقاء بعد الضربات المتتالية التي تلقاها من الحكومات الوطنية في سوريا والعراق، بالإضافة إلى ضربات التحالفات الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، إلا أن التنظيم يحاول البقاء عبر استراتيجية تعتمد على التجنيد واجتذاب المزيد من العناصر التي تساعده على استجماع قواه وللسيطرة مرة أخرى، ويعمل تحديدًا على التوسع في مناطق النفوذ التقليدي لتنظيم القاعدة، وفي هذا السبيل انتهج عدة سبل سواء منها اجتذاب كوادر قاعدية «منتمين إلى تنظيم القاعدة»، مثلما حدث في إعلان ولاية خراسان في أفغانستان أو في اليمن، أو الصومال أو نيجيريا، وغيرها.

كما يعمل تنظيم داعش على اجتذاب الكتلة السائلة في مناطق وجوده الذين يتبنون نفس الفكر إلا أنهم غير منخرطين تنظيميًّا في جماعة إرهابية، بالإضافة إلى العناصر الإجرامية والمرتزقة عن طريق تجنيدهم بالأموال ودور الفتيات وجهاد النكاح في الأمر.

أما تنظيم القاعدة فيعمل بشكل حثيث إلى استمالة عناصر تنظيم داعش، وبحسب مصادر أمنية جزائرية، نجح مسلحو «القاعدة» في الجزائر في إقناع عشرة من مقاتلي «داعش» هناك في مبايعة تنظيم «القاعدة» بعد الدخول في مناظرات مع دعاة متطرفين موالين لـ«القاعدة» وذلك في أغسطس 2017، وتكرر الأمر ذاته في سوريا في سبتمبر من العام نفسه، كما تفاخر موقع إلكتروني في اليمن موالٍ لتنظيم القاعدة بما اعتبره «توبة كثير من مقاتلي (داعش) ممن رفضوا النهج الديني والسلوك غير القويم لقادتهم وقرروا الانضمام لتنظيم القاعدة».
القاعدة وداعش في
القاعدة وداعش في أفغانستان
وفي أفغانستان، أعلنت جماعة أفغانية من مقاتلي تنظيم داعش في منطقة «غور» النائية ذات الأهمية الاستراتيجية الانشقاق عن التنظيم والانضمام إلى جماعة «طالبان».

وجدير بالذكر أن تنظيم القاعدة نفسه بايع حركة طالبان، بالإضافة إلى تحركات القاعدة في نيجيريا ومالي والصومال لاستقطاب فلول داعش وتوحيد راية التنظيمات الإرهابية مرة أخرى.

إن حجر الزاوية في صعود تنظيم القاعدة وعودته لريادة التنظيمات الجهادية في العالم، خاصة على حساب تنظيم داعش، هو الفارق الجوهري في بنية كلا التنظيمين وطريقة عملهم على الأرض.

1- يعمل تنظيم القاعدة بشكل عنقودي، ويعتمد على مبايعة أعضاء التنظيم الفرعي في منطقة محددة ليصبح منضويًا تحت رايته، ثم يترك للتنظيم الفرعي العمل بشكل لا مركزي مع حرية في الحركة والتي تناسب ظروف الزمان والمكان والبيئة المحلية.

2-بينما يعمل تنظيم داعش بشكل مركزي من جانبين؛ الأول: يعتمد على السيطرة على الأرض وإقامة دولة أو ولاية على منطقة جغرافية محددة ويعلن فيها قوانينه «إقامة الشريعة الإسلامية وفق مفهومهم المتشدد، وذلك باستخراج حوادث تاريخية سابقة وإسقاط أحكام زمانها السياسي على العصر الحالي»، والثاني: وهو التخطيط المركزي لكل العمليات الكبرى التي تنفذها الأفرع التابعة له في أي مكان.

3 - في ضوء هذا التباين بين طريقة عمل التنظيمين، بالإضافة إلى الجهود الوطنية والدولية للقضاء على أي تنظيم ينازع الدولة السيطرة السياسية والحكم ليعود بالدولة إلى عصر الدولة الدينية «الثيوقراطية»، فإنه لا مستقبل لتنظيم داعش بشكل عملي على الأرض، وأن بقاء التنظيم بشكل وقتي ولن يستمر طويلًا، وهذا ما حدث بالفعل من الجهود الوطنية العراقية والسورية، بالإضافة إلى الجهود الإقليمية (العربية والروسية) والجهود الدولية للقضاء على داعش ودولتهم الدينية، كل هذه الأحداث أدت إلى صعود تنظيم القاعدة مرة أخرى مع توقعات بريادة العمل الجهادي منفردًا مرة أخرى، وأدرك تنظيم القاعدة هذا الأمر ليعمل على استمالة واستيعاب عناصر تنظيم داعش مرة أخرى للانضواء تحت لوائه.

4- رغم أن ظاهرة «الذئاب المنفردة» استخدمها تنظيم داعش، الذي دعا أنصاره في أوروبا للقيام بأعمال إرهابية في أوروبا، إلا أن هذه الظاهرة مرشحة للزيادة في حالة تنظيم القاعدة، وذلك كتغيير تكتيكي محتمل في طريقة عمل تنظيم القاعدة في حال قدرته على احتواء عناصر تنظيم داعش.
 طالبان
طالبان
خاتمة: في ضوء استعراض الانهيار الذي تعرض له تنظيم «داعش» وانهيار «الدولة الإسلامية النموذج» وفق مفهومهم، ومع الاختلاف الواضح بين طريقة ومنهجية تنظيمي القاعدة وداعش، يحاول تنظيم القاعدة استمالة فلول وعناصر تنظيم داعش، وتوحيد راية الجماعات الإرهابية تحت لوائه.

ولا يمكن الحديث عن مستقبل التنظيمات الإرهابية المتماسكة والسائلة بمعزل عن الحديث عن المفاوضات السرية بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية مع توقعات بأن تأخذ المفاوضات منحى إيجابيًّا، وذلك بسبب خطورة تنظيم داعش «ولاية خراسان» على حركة طالبان وعلى الحكومة الأفغانية وعلى الأمن الإقليمي لمنطقة آسيا الوسطى بالكامل.

ويمكن استعراض عدة سيناريوهات في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية والتكتيكية لجميع الأطراف.

1- السيناريو الأول: مبني هذا السيناريو على نجاح المفاوضات بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية برعاية أمريكية ودولية، ففي هذه الحالة ينبغي على حركة طالبان التخلي عن تنظيم القاعدة بشكل كامل، وهو ما رفضته الحركة سابقًا– إبان عهد أسامة بن لادن زعيم ومؤسس تنظيم القاعدة- وأدى إلى الغزو الأمريكي في نهاية عام 2001.

وفي حالة نجاح المفاوضات، سيؤثر هذا بالتبعية على كل التنظيمات الجهادية في منطقة آسيا الوسطى والعالم (باعتبار أن تنظيم القاعدة ومعقله في أفغانستان الإدارة المركزية للحركات الجهادية)، وسيؤثر على طريقة عمل التنظيمات الجهادية، ويرجح أنه في حالة نجاح هذا السيناريو سيؤدي إلى حرب مفتوحة بين الحكومات الوطنية والتحالفات الدولية، وبين التنظيمات الإرهابية؛ ما يؤدي إلى انحصارها، وتزايد العمليات الإرهابية الفردية «الذئاب المنفردة».

2- السيناريو الثاني: مبني السيناريو على فرضية فضل المفاوضات أو عدم استكمالها بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، وبموجب هذه الفرضية فإن وضع تنظيم القاعدة لن يتغير كثيرًا، وسوف يبقى على معاقله في الحيز الجغرافي الخاضع لحركة طالبان. 

وفي هذه الحالة مع الانهيار المتتالي لتنظيم داعش وفقدان معاقله التقليدية في سوريا والعراق، بالإضافة إلى نشاط تنظيم القاعدة في استقطاب واستمالة فلول وعناصر داعش، فإن هذا السيناريو مرشح وبقوة لأن يوحد راية التنظيمات الإرهابية تحت لواء تنظيم القاعدة، ما سيعيد تنظيم القاعدة إلى بؤرة الأحداث مرة أخرى، مع تصاعد الهجمات الإرهابية، خاصةً ضد المصالح الأمريكية، وهو ما تدركه أمريكا بشكل واضح، ولذلك تعتبر من أكثر الداعمين للمبادرات المطروحة من الحكومة الأفغانية لتسوية الأزمة الأفغانية مع حركة طالبان.

3 - السيناريو الثالث: مبني على فرضية قدرة تنظيم داعش على استعادة قدرته العددية واللوجستية وإن انتقل من معاقله في سوريا والعراق إلى إحدى الدول المنهارة أمنيًّا مثل «ليبيا، الصومال، أفغانستان واليمن» فإن هذا السيناريو سيؤدي إلى بقاء تنظيم داعش، ومن ثم احتمالية تكرار نموذج الدولة الدينية الفاشية مرة أخرى.

وختامًا؛ في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية وصعود اليمين القومي في أوروبا وأمريكا، خاصة الرغبة الأمريكية- في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- في القضاء على التنظيمات الإرهابية، وإنهاء الوجود العسكري الأمريكي المباشر في بعض الدول الفاشلة والمنتشر بها الإرهاب، فإننا نرجح السيناريو الأول في الأمد القريب والمتوسط.
- Eduard Soler i Lecha، The Qatar crisis: Welcome to the liquid Middle East، In Middle East Eye، 6 July 2017.
http:www.middleeasteye.netcolumnsliquid-middle-east-1523192101
- مصطفى هاشم زايد، " دولة الخلافة هي النموذج الإسلامي الوحيد والصحيح، وإقامتها فرض وما دونها خيانة لله ورسوله وعمالة للغرب الكافر"، المكتب الإسلامي لحزب تحرير مصر «ولاية مصر».
https:hizb.net?p=5509;
- Hamed El-Mossalamy، Al-Qaeda's alliance and secession tactics، in The Reference (Paris: Center for Middle East Studies Paris، 5 June 2018)
- ناجي الجرجاوي، الاعترافات الكاملة لعناصر «حسم» و«لواء الثورة» الإرهابيين أمام النيابة: أطلقنا النيران بكثافة على الشرطة للتصدى لعملية فض رابعة، جريدة الأهرام (القاهرة: مؤسسة الأهرام، العدد 48040، 17 يونيو 2018)
http:www.ahram.org.egNewsQ656455.aspx
- الوليد إسماعيل، وهيثم البراعي، تحقيقات "حسم" الإرهابي: المتهم المتوفي "محمد كمال" كان يتولى القيادة داخل مصر، موقع جريدة الوطن، 18 يناير 2017.
https:www.elwatannews.comnewsdetails1794506 
- مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، "تغيرات طارئة: هل يتبنى "داعش" آليات جديدة في تجنيد الإرهابيين؟"، (أبوظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 15 أكتوبر 2017).
- نفسه.
- الشرق الأوسط، «القاعدة» تستقطب كوادر «داعش» بعد تبديد حلمهم: تنظيم البغدادي بات على وشك الانهيار بسبب خسائره في الأرواح والعتاد والأرض والنفوذ (لندن: جريدة الشرق الأوسط، العدد 14299، 21 يناير 2018)
- نفسه.
 البيعة: يكون إعطاء البيعة بإعلان الولاء الكامل من العنصر للتنظيم، ومن التنظيم الفرعي للتنظيم المركزي، ويكون ذلك على النحو التالي «إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية الله، في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وعدم منازعته الأمر– أي الحكم-، وتفويض الأمور إليه»، للمزيد انظر
جاسم محمد، داعش وإعلان الدولة الإسلامية والصراع على البيعة (القاهرة: المكتب العربي للمعارف، 2015) ص ص 107-113.
- Hamed El-Mossalamy، Op.Cit.
- محمد مختار قنديل، "مسارات حذرة.. ماذا بعد انهيار مركزية تنظيم داعش؟"، مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية (الجيزة: مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية، 19 نوفمبر 2017)
 الذئاب المنفردة: وتُعرف هذه الظاهرة بأنها مجموعة من الأفعال الفردية العدوانية التي يقوم بها أفراد بدافع شخصي أو عقائدي بهدف إلحاق أضرار جسيمة بالدولة أو المجتمع، وقد يكون الدافع وراء قيام البعض بمثل هذه الأفعال المُشينة اعتناقهم لفكرة مُتطرفة يقومون بتحويلها إلى واقع بمجرد أن تُتاح لهم الفرصة، ورغم أن بداية استخدامه فكرة الذئاب المنفردة لم تكن من التنظيمات الإسلاموية، حيث استخدمها العنصري الأمريكي الشهير «توم ميتزجر» و«أليكس كيرتز» في التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن التنظيمات الإسلاموية استخدمتها مؤخرًا وبقوة. للمزيد انظر:
أحمد سامي عبدالفتاح، "الذئاب المنفردة: أخطر التحديات في أوروبا" في مجلة المرجع (باريس: مركز دراسات الشرق الأوسط باريس، العدد الأول، مايو 2018) ص ص 106-122.
- الجورنال نيوز، بعد داعش: «القاعدة» تلجأ لـ «الذئاب المنفردة»، 15 أبريل 2017.
https:www.aljournal.commyapp-13882
"