مراوغات التنظيمات المُسلحة للهروب من قوائم الإرهاب
الأربعاء 25/يوليو/2018 - 03:46 م
التنظيمات المسلحة
عبدالرحمن صقر
تسعى جماعات العنف والتطرّف إلى المراوغة والتغيير المستمر في محاولات الإفلات من قوائم المنظمات الإرهابية، بتفكيك نفسها شكلًا وتغيير اسمها فقط، مع إعادة بعض الهيكلة البسيطة بين الحين والآخر، وتُعدُّ هذه سمة مشتركة بين هذه التنظيمات والجماعات، على اختلاف مسميّاتها وتنوّع شعاراتها، ولعلّ الهدف الرئيسي من هذا التغيير، هو تشتيت جهود مكافحة الإرهاب العالمية والعمل على البقاء لأطول مدة ممكنة، لتثبت تلك التنظيمات لأنصارها أنّ جعبتها مازالت تحوي الحيل والاستراتيجيات الخبيثة الرامية لفرض سيطرتها ونفوذها على الوجود، أكبر فترة زمنية، والهروب من قوائم المنظمات الإرهابية.
أبي محمد الجولاني
ولدى الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع عدة دول أخرى، معلومات عن محاولات المراوغات هذه، وتصدر كل فترة قائمة المنظمات الإرهابية ويتم تحديثها.
مراوغات «الجولاني»
في ديسمبر 2012، صنفت الحكومة الأمريكية جبهة النصرة على أنها تنظيم إرهابي، وفي 30 مايو 2013، قرر مجلس الأمن الدولي -بالإجماع- إضافة «النصرة لأهل الشام» إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعين لتنظيم «القاعدة».
وتُعْرَف «النصرة» على أنها تنظيم ينتمي إلى الفكر التكفيري، وتم تشكيلها بقيادة أبي محمد الجولاني؛ تزامنًا مع بداية الأزمة السورية 2011، حيث نمت قدراتها لتصبح في عدة أشهر من أبرز التنظيمات الإرهابية، وقد ربطتها تقارير مخابراتية أمريكية بتنظيم القاعدة بالعراق.
وفي 28 يوليو 2016، أعلن الجولاني زعيم النصرة، خلال تسجيل بث عبر القنوات الفضائية إلغاء العمل باسم جبهة النصرة، وإعادة تشكيل جماعة جديدة باسم «جبهة فتح الشام»، موضحًا أن «فتح الشام» ليست على علاقة بأي جهة خارجية، وفي يوليو 2016، أعلنت جماعة فتح الشام قطع علاقتها السابقة مع تنظيم القاعدة، وتشكيل كيان جديد حمل اسم هيئة «تحرير الشام».
وزارة الخارجية الأمريكية
ومع بداية يونيو 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها إدراج هيئة «تحرير الشام» على قائمة المنظمات الإرهابية، معتبرةً أن تحرير الشام هي الاسم الجديد الذي أطلقته النصرة التابعة لتنظيم «القاعدة»، بديلًا لاسمها في العام الماضي، لمواصلة عملها في سوريا، وصرح منسق مكافحة الإرهاب بالخارجية الأمريكية ناثان سيلس: بـ«أن تصنيف اليوم يسير في اتجاه أن الولايات المتحدة لا تنخدع بمحاولة القاعدة إعادة تشكيل نفسها».
كما أكدت وزارة الخارجية الروسية في يوليو 2016، أن تنظيم جبهة النصرة، سيبقى تنظيمًا إرهابيًّا غير شرعي، مهما أطلق على نفسه من تسميات، مشددة على مواصلة مكافحة هؤلاء «المتشددين» حتى القضاء عليهم تمامًا.
مراوغات «القاعدة»
وجاء في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب عام 2005، أن جماعة «أنصار الإسلام»، جماعة إرهابية محسوبة على التيار السلفي وتنظيم «القاعدة»، وتتبنى الجماعة العمل المسلح الذي ينسب إلى «الإسلام والجهاد»، وفي مطلع عام 2003 اتخذت الجماعة المنطقة الشمالية من العراق على الحدود الإيرانية معسكرات ومراكز تدريب لها.
وفي 2013، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية اسم كتائب عبدالله عزام منظمة إرهابية، وهي تنظيم تابع لفكر «القاعدة» كذلك، وأسس التنظيم عام 2004، وقد استمدت الكتائب اسمها من عبدالله عزام مؤسس تنظيم القاعدة بأفغانستان، الشهير بـ«رائد الجهاد الأفغاني»، وهو من أعلام «الإخوان»، وبدأت تلك الكتائب عملياتها العسكرية في 2004، بثلاثة تفجيرات في منتجع «طابا» وشاطئ «نويبع» بجمهورية مصر العربية.
كما ورد في القائمة الإرهابية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو تنظيم مُصنّف لدى دول عدة على أنه إرهابي، ونشأ عن الجماعة «السلفية للدعوة والقتال» بالجزائر، وفي 2006 أعلنت الجماعة السلفية انضمامها إلى تنظيم «القاعدة» الذي كان يقوده أسامة بن لادن، قبل أن تسمى في العام التالي رسميًّا باسم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
داعش
«داعش» يُراوغ بـ«المُبَايَعَة»
ولعب تنظيم «داعش» على فكرة المبايعة، وهي طريقة جديدة، يقصد أن الموالين الجدد للتنظيم عليهم عدم تغيير اسم تنظيمهم إلى التنظيم الأم أو مسمايتها التي عُرفت بها في بداية التنظيم في سوريا والعراق، ولكن تُعلن المبايعة للتنظيم الأم «داعش» مع الاحتفاظ بالاسم الأصلي للتنظيم المبايع، ولكن كما كشفت الإدارة الأمريكية ما فعله «القاعدة» وغيره من التنظيمات، فعلت كذلك مع «داعش»؛ حيث أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، أواخر فبراير 2018 قائمة تضم سبعة تنظيمات موالية لـ«داعش»، في كل من (غرب أفريقيا، والفلبين، وبنغلاديش، والصومال) إضافة إلى (جند الخلافة بتونس وفي مصر، ومجموعة موتي، والقائدين مهند معلم وأبومصعب البرناوي)، وجاء ذلك توضيحًا من الخارجية الأمريكية، أن واشنطن تعرف جيدًا هذه المراوغات التي حاول تنظيم «داعش» اللعب بها من إطلاق عدة مسميات مختلفة على الموالين له من عدة دول بالعالم، للهروب من قوائم التنظيمات المسلحة الإرهابية، التي تصدر كل فترة عن الخارجية الأمريكية بالتعاون مع دول العالم.
أنصار الشريعة بليبيا
تنظيم أنصار الشريعة، أو ما يُعرف بـ«كتيبة أنصار الشريعة في ليبيا» هي ميليشيا أُسست في أبريل من عام 2012، تدعو إلى تحكيم الشريعة في ليبيا -حسب وصفهم وبطريقتهم هم فقط- ويُعدُّ أغلب أعضاء التنظيم من الأجانب، ومن اللافت للنظر أنه لا يرفع العلم الليبي، لكن يرفع العلم الذي اشتهر به تنظيم «القاعدة»، وأدرجه مجلس الأمن الدولي على لائحة الإرهاب في 20 نوفمبر 2014.
وفي ديسمبر 2014، أعلن في مدينة درنة عن تأسيس تنظيم جديد يُسمى «مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها»، وقال آمر كتيبة شهداء بوسلم سالم دربي إن إعلان التنظيم يأتي في مرحلة «حاسمة وحرجة» تمر بها ليبيا.
وشكل مجلس شورى مجاهدي درنة، من عدة ميليشيات إرهابية تابعة لأنصار الشريعة في درنة، والمصنفة على لائحة الإرهاب من قِبَل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ 20 نوفمبر 2014، وميليشيا جيش الإسلام، وميليشيات شهداء بوسليم، ومجلس شورى ثوار بنغازي.
وفي مايو 2017، أعلن تنظيم «أنصار الشريعة بليبيا حل نفسه رسميًّا، ودعا فصائل أخرى إلى الاتحاد في مواجهة قوى أخرى مناهضة للثورة على حد ما ورد ببيانهم، ورجح مراقبون أن إقدام التنظيم على هذه الخطوة يأتي سعيًا للهرب والخروج من قوائم الإرهاب، واشتهر تنظيم أنصار الشريعة عقب اتهام الولايات المتحدة له بأنه وراء هجوم بنغازي عام 2012، الذي قتل فيه السفير الأمريكي لدى ليبيا «كريستوفر ستيفنر».
وفي مايو 2018، ظهر عطية سعيد الشاعري مسؤول مجلس شورى «مجاهدي درنة وضواحيها»، يوم الجمعة الموافق 12 مايو، عبر وسائل الإعلان ليُعلن تغيير اسم المجلس إلى «قوة حماية درنة»، لمواجهة خطط تقدم الجيش لتحرير المدينة، كنوع من التكتيك ليعطي الأطراف الداعمة له بالداخل والخارج مساحة للتحرك الإعلامي والضغط، والظهور بأن التنظيم ليس إرهابيًّا.





