يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«الدعوة السلفية».. صانعة الإرهاب في سوريا وليبيا

الإثنين 23/يوليو/2018 - 12:16 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
عبدالهادي ربيع
طباعة
تحاول الدعوة السلفية بمصر، التي تتخذ من محافظة الإسكندرية مقرًا لها، تقديم نفسها للعالم العربي والإسلامي على أساس أنها دعوة دينية ذات مشروع سياسي، وأنها تنتهج السلمية والتدرج في التغيير، وتقبل الآخر وتتعايش معه؛ إلا أن أحداث الربيع العربي وما تلته من أزمات وحروب أهلية بين الفصائل؛ خاصة في ليبيا وسوريا والعراق أثبتت أن السلفيين الذين طالما سعوا إلى ارتداء ثوب «الكيان المهادن»، يخفون أنيابًا، ويعتنقون «مشروعًا مسلحًا».


ياسر برهامي
ياسر برهامي
حقيقة «الأنياب السلفية، ومشروعهم المسلح»، ظهرت في البداية على شكل ظواهر فردية، انضم خلالها أتباع الدعوة السلفية التي يتزعمها ياسر برهامي، إلى الكيانات المسلحة المتقاتلة في سوريا، وسرعان ما تولوا مناصب الشرعيين والقيادات في هذه الميليشيات، ومع مرور الأيام وضحت الأمور بشكل أكبر، وتكشفت حقيقة وجود السلفيين ضمن هذه الجماعات الإرهابية بشكل جماعي ومنظم ومخطط له سلفًا، وذلك في سبيل تحقيق حلمهم المزعوم بـ«إقامة الخلافة الإسلامية».
«محمد إسماعيل المقدم
«محمد إسماعيل المقدم محمد» وبرهامي
شرعيو الجماعات المتقاتلة
ويُعد تلاميذ ياسر برهامي، أبرز السلفيين المنضمين للجماعات الإرهابية المتقاتلة في سوريا، إضافة إلى «محمد إسماعيل المقدم محمد» (كان عضوًا بتنظيم جهادي بالقاهرة برفقة أيمن الظواهري وهو ابن 17 عامًا)، وهؤلاء يقودون لجان الإفتاء الشرعي داخل الكثير من الفصائل المسلحة بالشام، خاصة تلك المقربة من تنظيم القاعدة، وجميعهم يتباهون بتلك الجملة التي وصفهم بها مؤسس تنظيم القاعدة وزعيمه الراحل أسامة بن لادن، والتي قال فيها: «أخواننا في الدعوة السلفية على ثغر الإسكندرية».

كما يُعد محمد ناجي، الملقب بـ«أبو اليقظان المصري» (أحد أبرز قيادات حزب النور السلفي)، دليلًا دامغًا على الصلة الوطيدة بين الدعوة السلفية المصرية وجماعات الإرهاب في سوريا، حيث انتقل الرجل إلى سوريا عام 2013، واستقر بمدينة حلب في مهمة لشحن المقاتلين، ثم تولى مهمة لجنة الإفتاء الشرعي بين المسلحين، ولذلك لقب نفسه بـ«داعية إلى الله من أرض الشام».

كما ارتحل إلى سوريا أيضًا، «أبو الفتح الفرغلي» (القيادي بـ«حزب النور، والدعوة السلفية»)، وأصبح عضوًا بمجلس شورى ولجنة إفتاء «هيئة تحرير الشام»، ولم تكن هذه هي المهمة الوحيدة التي أوكلت إليه؛ فقد شغل قبل ذلك منصب «رئيس المكتب الدعوي والشرعي» بـ«حركة أحرار الشام»، قبل أن ينشق عنها لاحقًا.

وهناك أيضًا، «شعيب المصري» (تلميذ ياسر برهامي)، الذي رحل إلى سوريا، وانضم إلى صفوف المقاتلين في «حركة أحرار الشام»، ثم انشق عنها في العام 2016 ولحق بـ«حركة مجاهدي أشداء»، قبل أن ينضم مؤخرًا إلى «هيئة تحرير الشام».
 أبو محمد الجولاني
أبو محمد الجولاني
ومن أشهر المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية، شريف هزاع، الملقب بـ«أبو أيوب المصري» (من تلاميذ برهامي)، وهو صاحب تاريخ طويل في صناعة التطرف؛ بدءًا من عمله مدرّسًا في معهد جماعة التوحيد والجهاد بمدينة «بيشاور» الأفغانية، وحتى شغله عضوية «لجنة إصلاح ذات البين» في الدعوة السلفية التي يترأسها الشيخ شريف الهواري، ثم انضمامه إلى «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقًا)، كقاضٍ شرعي، قبل أن ينقلب عليها.

ولم تكن خطوة انضمام «تلاميذ برهامي»، إلى الجماعات الإرهابية المتقاتلة بسوريا، «قرار فردي» اتخذوه من تلقاء أنفسهم؛ بل كان بدعوة من نائب رئيس الدعوة السلفية (معلمهم)، الذي قال في تصريح سابق له: «إن الجهاد في سوريا ضد النظام العلوي العلماني فرض؛ إما فرض عين على كل قادر من أهل سوريا، وإما فرض كفاية على غيرهم في معاونتهم.. وأرجح أن يذهب من يُحتاج إليه هناك من كفاءات خاصة في الدعوة والعمل الإغاثي والطبي وغير ذلك».

ومن أشهر التنظيمات الإرهابية التي انضم إليها «تلاميذ برهامي»، «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا)، و«كتائب الفرقان»، و«حركة أحرار الشام»، و«هيئة تحرير الشام» (يتزعمها حاليًا أبو محمد الجولاني).

ولم يقتصر دور السلفيين، على الانضمام إلى الجماعات التكفيرية الموالية للقاعدة فحسب؛ بل وقعوا كذلك في شراك تنظيم داعش الإرهابي؛ إذ تشير التقارير الصحفية إلى أن نحو 70 شابًا من الدعوة السلفية انضموا إلى «داعش» في سوريا والعراق وليبيا.

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
التنظيم العسكري
وتعدى الانضمام السلفي لصفوف الجماعات الإرهابية المقاتلة الشكل الفردي؛ فهناك تنظيم عسكري يتبع الدعوة السلفية، يقاتل في سوريا وليبيا، وهو الأمر الذي قلب الموازين.

فهذا التنظيم العسكري؛ هو الذراع المسلحة لـ«الدعوة السلفية» في الخارج، ومن ضمن مهامه استقطاب وتجنيد عناصر جديدة، وتولي مهمة تدريبهم في ليبيا والصومال، وعقب ذلك نقلهم إلى سوريا للمشاركة في القتال هناك، وهذا ما كشفه «إسلام أنور المهدي» (المتحدث السابق باسم الدعوة السلفية).
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
السلفيون وليبيا
وفي نوع من توزيع الأدوار بين التيارات السلفية (التي وإن اختلفت في المنهج أو في الشؤون الداخلية المصرية؛ إلا أنها تتفق في الهدف والغاية في الشؤون الخارجية خاصة في سوريا وليبيا)، شارك قياديو «الجبهة السلفية» الهاربون في تركيا (جميعهم مقربون من جماعة الإخوان) في دعم بعض الكيانات المسلحة في الداخل الليبي، كان آخرها ظهور القيادي بالجبهة الدكتور خالد سعيد، في حيز معسكرات تجهيز العناصر المسلحة في ليبيا.

وتشير تقارير صحفية، إلى أن وجود الدكتور خالد سعيد، في ليبيا كان تنفيذًا لتعليمات زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، والتي أرسلها الثاني إلى الأول عن طريق الرجل الثاني في التنظيم عبدالله أحمد عبدالله، الملقب بـ«أبو محمد المصري»، بهدف تأسيس خلايا جهادية مسلحة جديدة تابعة لـ«القاعدة».

وتؤكد التقارير ذاتها، أن هذه الزيارة لمعسكرات التدريب الليبية لم تكن الأخيرة؛ إذ سبق أن انتقل «سعيد» إليها بعد هروبه من مصر أواخر العام 2014، عبر السودان فتركيا، ثم سوريا، انتهاء بليبيا، وقد خطط لهذه الزيارة عناصر من تنظيم القاعدة بتعليمات من «الظواهري».

"