ad a b
ad ad ad

«المراجعات» .. ورقة رابحة للجماعة الإسلامية عند اللزوم

الجمعة 20/يوليو/2018 - 10:05 ص
المرجع
عبدالرحمن صقر
طباعة
فى تسعينيات القرن العشرين أطلقت الجماعة الإسلامية المسلحة بمصر، ما يسمى بـ«المراجعات الفكرية»، وقدمتها تحت عنوان «مبادرة 97م لنبذ العنف وإلقاء السلاح»، وقبلت الدولة مراجعاتهم ظنًا منها أن عناصر الجماعة الإسلامية تابوا توبة نصوحًا، خاصة بعد ما تضمنته تلك المبادرة من وقف العنف نهائيًا ضد الدولة ومؤسساتها ومواطنيها.


«المراجعات» .. ورقة
كانت "المراجعات" هي الورقة الرابحة دائمًا على مائدة اللعبة (السياسية- الأمنية)، بين الدولة والجماعة الإسلامية، تشهرها الأخيرة وقت اللزوم وانعدام الحلول، بمثابة الراية البيضاء التي تعلن استسلام طرف في الحرب مع طرف آخر، في خديعة الكبرى من أجل الخروج من السجون.
وفي أعقاب إتمام المصالحة، أصدرت السلطات المصرية قرارها بالإفراج عن عناصر «قواعد» الجماعة الإسلامية، شريطة عدم إطلاق صراحهم جميعًا مرة واحدة، لكن على دفعات، لاختبار نوايا الجماعة ومصدقايتها إزاء المبادرة والتزامها بما ورد فيها من بنود كانت ثمنًا لحريته.


«المراجعات» .. ورقة
وبالفعل خرجت عناصر الجماعة على مجموعات، كل مجموعة على رأسها قيادى أو اثنان للحفاظ على الوضع العام ومراقبة اتمام المبادرة والالتزام الكامل بتنفيذ المبادرة خارج السجون من قبل عناصر الجماعة الإسلامية التى تخلت عن العمل المسلح- مؤقتًا- واتجهت للعمل الدعوى والاندماج فى المجتمع كما جاء في بنود المبادرة الكتفق عليها من الطرفين (الدولة والجماعة). 
لكن هل نالت المبادرة موافقة واقتناع كل عناصر الجماعة الإسلامية المفرج عنهم بمبادرة 97 لنبذ العنف؟ أم كانت المراجعات- كما أسلفنا الذكر- مجرد أكذوبة ولا تعدو عن كونها خداع تكتيكي للخروج من السجن؟ 
إن أصغر عنصر من قواعد الجماعة الإسلامية خرج من السجن عقب مبادرة نبذ العنف وعمره 42 عامًا، ما يعني أنه أمضى شبابه وراء الأسوار سجينًا، ما سمح لكثير منهم بتكوين روابط وجماعات صغيرة داخل السجن، وبعد نيل حريتهم انشغل كثير منهم على تحصيل ما فاته من سنوات عمره، فاهتم أغلبهم بتأمين وظيفة مناسبة تساعده على الزاواج.

«المراجعات» .. ورقة
وما إن اندمجوا فى المجتمع بشكل طبيعي، وخفت قبضة الدولة الأمنية عنهم، حتى باتت تعاودهم النزعات العدوانية التي نشأوا عليه، وسلكوا مسلكًا مضادًا لكل ما جاء بمبادرة 97، ورويدا رويدًا عادوا لنهجهم القديم، وأسقطوا ورقة المراجعات ليشهروا بدلًا منها السلاح في وجه الدولة داعين للتغيير بوسيلة وحيدة فقط لا يجيدون سواها ولا يصدقون في غيرها، وهي العنف.
ومنهم ابو العلا عبدربه (قاتل المفكر المصري فرج فودة فى التسعينيات)، والذي لقى مصرعه في مارس 2017م بسوريا، وكان يقاتل بصفوف "جبهة النصرة" التى أنشقت عن تنظيم القاعدة الذى يقوده الآن "ايمن الظواهرى".
ومنهم ايضا محمدعباس، الذى اعترض على المبادرة ووافق بعد ذلك كـنوع من أنواع التكتيك المؤقت للخروج من السجون المصرية فى ذلك الوقت، ثم عاد مسرعًا الى القتال فى سوريا مع أول فرصة سنحت له العودة الى منهج العنف ولقى مصرعه فى بداية العام 2018م.
وأيضًا سار على نهجهما "أبوسياف" القيادى بالجناح المسلح للجماعة الاسلامية، وما زالت شخصيته غامضة، خاصة بعد هروبه خارج مصر للقتال في صفوف التنظيمات الارهابية بليبيا.
وغيرهم من الشباب الذين عادوا الى الأعمال المسلحة فى مصر وخارجها رغم الاعتراف منهم بالمراجعات ومبادرة 97م التى تدعو الى نبذ العنف وعدم حمل السلاح والالتزام الكامل بها.
وكل هؤلاء عادوا لجذور أفكارهم الدموية من تكوين ميليشيات مسلحة والانضمام الى جماعات وحركات أخرى تتسق مع نفس أفكارهم.
"