ad a b
ad ad ad

يحيى الحجوري.. الداعية الطريد

الأربعاء 18/يوليو/2018 - 11:07 ص
يحيى الحجوري
يحيى الحجوري
إسلام محمد
طباعة
يُعد يحيى الحجوري، من أبرز المرجعيات العلمية السلفية في اليمن، فقد تتلمذ على يد الشيخ مقبل الوادعي مؤسس الدعوة السلفية في الجمهورية اليمنية، وقد ورث مكان أستاذه في الإشراف على دار الحديث في دماج، بمحافظة صعدة، بناءً على ما قيل إنها وصية منه قبل وفاته، وله طلاب ومريدون في جميع أنحاء الدولة، إضافة إلى الآلاف من الطلبة من الدول العربية والأجنبية.

وينسب «الحجوري»، إلى التيار المدخلي بسبب تأثره وتقاربه مع ربيع المدخلي، الشخصية المثيرة للجدل، والذي يعمل أستاذا لعلم الحديث بالجامعة الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، وتعد أبرز السمات الرئيسية لهذا التيار، التأييد المطلق للسلطة الحاكمة، وتحريم المشاركة السياسية، والاهتمام بعلم الحديث.

وقد كانت بداية «الحجوري»، العلمية في كتاتيب القرآن بقريته، ورحل بعد ذلك للمملكة العربية السعودية لطلب العلم، ثم عاد إلى بلاده للدراسة على يد الشيخ مقبل الوادعي في دماج، ولازمه حتى موته عام 2001، وتولى مسؤولية إدارة دار الحديث وهي المدرسة العلمية التي أسسها الوادعي لتدريس العلوم الدينية من فقه وتفسير وحديث وغيرها، ولها شهرة عالمية لاسيما بين مسلمي شرق آسيا الذين وفد عدد كبير منهم إلى دماج للدراسة والتعلم.

معركة الموازنات
وقع نزاع كبير بين «الحجوري»، وأبي الحسن السليماني المأربي (أحد أكبر تلاميذ الوادعي) بعد موت شيخهما، وكان المدخلي مناصرًا للحجوري في هذا النزاع الذي كان محوره الأساسي قضية «الموازنات»؛ حيث اتهما المأربي بأنه يتساهل مع أخطاء الدعاة، بدعوى «الموازنة بين حسناتهم وسيئاتهم»؛ فكان المأربي يثني على عدد من الدعاة ممن صدرت منهم بعض المخالفات للمنهج السلفي، بينما تبنى المدخلي والحجوري منهج تبديع المخالفين لهم في أي مسألة فكرية وتصنيفهم على أنهم أصحاب فكر منحرف، والاهتمام بالردود المطولة على خصومهم الذين غالبًا ما ينتمون إلى ذات التيار.

تسبب الخلاف حول هذه المسألة في تأجيج النزاع بين الفريقين، واتهم «المأربي» بالانحراف عن منهج السنة والتغاضي عن أخطاء جماعة الإخوان التي أُسِّسَت في مصر عام 1928، وتضم أطيافًا فكرية مختلفة، وتتبنى المشاركة السياسية، في حين دافع المأربي عن رؤيته في كتاب «الدفاع عن أهل الاتباع»؛ متهمًا «المدخلي» و«الحجوري» بشق الصف السلفي، والغلو في التبديع والتفسيق لمن يخالفهم في الرأي.

وبمرور الوقت انقلب «الجحوري» على «المدخلي»، وما لبثت الخلافات أن تصاعدت بينهما، ولم تنجح مساعي الصلح بينهما رغم اتفاق منهجهما، كما أدَّت شدة الحجوري مع مخالفيه لانفضاض عدد من أتباعه ومؤيديه عنه، وانحاز بعض مؤيديه السابقين لجبهة المدخلي، وحاولوا طرد الحجوري من مركزه في «دماج» وفشلوا في ذلك، وسرعان ما مزقت الخلافات الداخلية أتباع المدخلي؛ ما سبب قطيعة بينهم وبينه في النهاية.

واتساقًا مع منهجه، كان «الحجوري» منشغلا بتلك الخلافات البينية تمامًا عن الأحداث السياسية الكبرى التي تدور حوله في المحافظة، رغم اشتعال ستة حروب فيها بداية من عام 2004 إلى عام 2010، بين الجيش الوطني، وجماعة الحوثي الشيعية المدعومة من طهران، والتي تعتبر محافظة صعدة معقلها الرئيسي، فرغم خلافه الحاد مع المنهج الشيعي، إلا أنه اعتبر الأمر شأنا خاصا برئيس الدولة وقراره السياسي بصفته ولي الأمر الشرعي، لكن تطورات الأحداث وتسارعها دفعت بالحجوري إلى قلب المشهد السياسي بل والعسكري رغم أنفه.

إعلان الجهاد
في عام 2011 قامت ثورة 11 فبراير ضد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، فوقف الحجوري وجماعته موقفه المعتاد من تأييد النظام وإدانة الثوار الخارجين عليه، بينما انحاز الحوثيون للتظاهرات المطالبة بخلع الرئيس.

تدهورت الأوضاع الأمنية في عموم البلاد، فسيطر الحوثيون على إدارة محافظة صعدة وطالبوا «الحجوري» وجماعته بالرحيل باعتبار أن المحافظة لا تحتمل وجود مذهبين، بينما روجوا لدى شباب الثورة أن الخلاف بينهم بسبب موقف الحجوري السلبي من الثورة، وحاصرت ميليشيات الحوثي «دماج» ولزم الجيش الحياد، فأعلن الحجوري دعوة الجهاد ضد الحوثي، فتطوعت أعداد كبيرة من السلفيين وأبناء القبائل الذين تنتشر الأسلحة بينهم بكثرة، وأجبروا الحوثيين على التراجع ورفع الحصار.

وأعاد الحوثيون الهجوم على «دماج» في أغسطس 2013، وتوافدت أعداد من السلفيين على البلدة، ووقعت اشتباكات مسلحة بين الطرفين قتل فيها العشرات، لكن الدولة تدخلت هذه المرة ورعت اتفاقًا بين الأطراف المتحاربة يقضي بتهجير سكان دماج تحت حماية الجيش، وبدأ النزوح القسري في 15 يناير 2014، وتم نقل الآلاف من أهالي المنطقة إلى خارجها، وتفرقوا في المحافظات، وأقام البعض منهم في خيام بالعاصمة صنعاء، وشمل التهجير أكثر من 4 آلاف من طلبة الحجوري المحليين والأجانب، إضافة إلى آلاف السكان الذين قرروا المغادرة بصحبة الطلبة خوفًا من انتقام الحوثيين، وكذلك تم تهجير أهالي منطقة كتاف المجاورة التي كانت تمثل مركزًا لتجمع المقاتلين القادمين لنصرة دماج.

وفي 21 سبتمبر 2014، انقلب الحوثيون على الرئيس عبدربه منصور هادي، واقتحموا العاصمة صنعاء، وفرَّ هادي إلى الرياض، التي دعمته وأعلنت عن تشكيل قوات التحالف العربي، في مارس 2015، وهي العملية العسكرية التي تهدف لدعم شرعية الرئيس هادي، ومحاربة الحوثيين.

وإبان تلك الأحداث تشكلت مجموعات عسكرية كثيرة في أنحاء البلاد تحت مسمى المقاومة الشعبية، لصد عدوان الحوثيين، وقد ساعدت مظلومية الطرد من «دماج» على تجميع الأتباع حول الحجوري، واجتذب تعاطف الكثيرين ممن سبق واختلفوا معه، وكون أتباعه باليمن فرقًا عسكرية شاركت في القتال في الصفوف الأمامية، أبرزهم المجموعة التي تقاتل في تعز تحت قيادة عادل بن فارع المعروف بـ«أبي العباس» تلميذ الحجوري، بينما سافر الأخير للإقامة في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية لمتابعة أنشطته الدعوية من هناك.
"