في ذكرى مقتله.. شامل باساييف «بن لادن روسيا»
الجمعة 20/يوليو/2018 - 08:29 م

شامل باساييف
أحمد لملوم
يتذكر الكثيرون في روسيا والشيشان «شامل باساييف»، خصم موسكو القوي، الذي قتل في يوليو عام 2006، وكان المنفذ لهجمات إرهابية قتل فيها مئات المدنيين الروس، وبذلت الحكومة الروسية جهودًا مضنية للنيل منه، وكانت تعلن كل فترة عن نجاح عملية خاصة في تصفيته، حتى وصل عدد تلك العمليات إلى سبع، كما أطلقت عليه لقب «أسامة بن لادن الشيشان».
ينحدر «باساييف» من أسرة فقيرة، حيث ولد في قرية جنوب شرق الشيشان عام 1965، وكان أبواه يعملان في مهن شاقة من أجل توفير متطلبات الأسرة، وخلال طفولته كان يدعي أنه «فتى سوفييتي» وسط أقرانه، وقام بالانضمام للقوات المسلحة السوفييتية بعد إنهائه مرحلة التعليم الثانوي، حيث خدم كرجل إطفاء.
سافر «باساييف» إلى موسكو بعد إنهاء خدمته العسكرية، للالتحاق بكلية الحقوق لكنه فشل في الحصول على القبول بالكلية، واختار دراسة إدارة تقسيم الأراضي في معهد موسكو للهندسة.
وفي عام 1991، حمل «باساييف» السلاح ليدافع عن المباني التابعة للحكومة الروسية في موسكو، أثناء محاولة فاشلة للانقلاب على الرئيس الروسي بوريس يلتسن، واستغل الحاكم الشيشاني «جوهر دوداييف» الفوضى التي أعقبت محاولة الانقلاب، ليعلن استقلال الشيشان عن الاتحاد السوفييتي من طرف واحد.
وردًا على محاولة الانفصال هذه، أعلن الرئيس الروسي حالة الطوارئ في الشيشان، وقام بإرسال قوات عسكرية قرب الحدود معها، وفي هذه الأثناء تغيرت ميول «باساييف» السياسية، وتحول لمعارض للوجود الروسي في بلاده، وقام مع آخرين بخطف طائرة روسية وهدد بتفجيرها إذا لم ترفع حالة الطوارئ، وانتهت الواقعة بترك «باساييف» يعود إلى الشيشان بعد هبوط الطائرة بشكل آمن.
وذهب «باساييف» إلى أبخازيا، دولة متاخمة للشيشان، ليشارك مع الانفصاليين -الراغبين في الاستقلال عن جورجيا- في القتال عام 1992، وانتهى القتال بين الطرفين بهزيمة القوات الجورجية.
وأصبح «باساييف» بطلًا قوميًّا في الشيشان بفضل البسالة والشجاعة التي أظهرها كقائد كتيبة من المتطوعين في مواجهة القوات التي أرسلها الرئيس الروسي «يلتسن» لإخضاع الشيشان مرة أخرى للحكم الروسي عام 1994.
وبعد مقتل والده وزوجته في غارة جوية روسية، في صيف عام 1995، قام باحتجاز رهائن في مستشفى في مدينة بودينوفسك، إحدى كبرى المدن الروسية، وقتل عددًا من الرهائن في محاولات اقتحام القوات الروسية للمستشفى، واستمرت هذه العملية حتى توصل الطرفان إلى اتفاق يقضي بترك «باساييف» ورجاله مقابل إطلاق سراح الرهائن.
وشارك «باساييف» بعد ذلك في استعادة العاصمة الشيشانية «جروزني» من القوات الروسية، ليجبر الرئيس الروسي الذي حمل السلاح دفاعًا عنه ذات مرة، بوريس يلتسن على قبول استقلال الشيشان.
وفي عام 1997، ترشح «باساييف» لرئاسة الشيشان، وحصد 27% من الأصوات، ليحل في المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية، وشغل منصب رئيس الوزراء لعدة شهور مع الرئيس الشيشاني أصلان مسخادوف.
ومع فشله في إدارة أمور البلاد، التي كانت تعاني من تبعات الانفصال عن الاتحاد السوفييتي، عاد مرة أخرى إلى العمل العسكري، إذ توجه برفقة أحد المتشددين السعوديين، يدعى «ابن الخطاب»، مع ميليشيا مكونة من 2000 مسلح، إلى جبال دولة داغستان المجاورة لتأسيس دولة إسلامية عام 1999.
وفي شهر سبتمبر من العام نفسه، تم تفجير عددٍ من الشقق السكنية في روسيا، راح ضحيتها 293 قتيلًا، وقرر رئيس الوزراء الروسي حينها، فلاديمير بوتين، إعادة اجتياح الأراضي الشيشانية ردًا على العملية الإرهابية، وتمكن الجيش الروسي من السيطرة على العاصمة جروزني، في يناير 2000.
وخلال محاولة الهروب من القوات الروسية، فقد «باساييف» قدمه اليمنى، وبعد هذه الحادثة قام بالتخطيط لعدة عمليات إرهابية خلفت المئات من القتلى، منها تفجير بالقرب من محطة مترو موسكو عام 2000، وتفجير طائرتي ركاب.
وحدثت أسوأ هذه العمليات، عندما احتجز رجال «باساييف» أكثر من 1100 شخص كرهينة في مدرسة محلية بمدينة بيسلان الروسية، وقتل في هذه العملية 331 رهينة، نصفهم من الأطفال، كما تعرض المئات منهم للإصابة.
واعترف «باساييف» ببشاعة ما حدث في مدرسة بيسلان، لكنه برره قائلًا: «ماحدث خطأ الروس، لأنهم لما ينفذوا ما طلبت».
وأعلنت الحكومة الروسية بعد هذه العملية، مكافأة تقدر بـ 10 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات تفيد بإلقاء القبض عليه، ولم يكن «باساييف» موجودًا في عملية مدرسة بيسلان، إلا أنه قال، في مقابلة معه بثت على التلفزيون الأمريكي، إنه قام بتخطيط العملية، التي قال إنها كلفته 8 آلاف يورو فقط.
وأضاف «باساييف»، خلال هذه المقابلة، أنه سعيد بوصفه إرهابيًا، متهما القوات الروسية بالإرهاب أيضًا كونهم قتلوا الكثير من المدنيين في الشيشان.
وكانت نهاية «باساييف» محل خلاف، كما كانت حياته، إذ يراه البعض بطلًا قوميًا، فيما يراه آخرون إرهابيًا قتل مئات المدنيين، وكان الكرملين قد أعلن، في يوليو 2006، عن تنفيذ القوات الخاصة الروسية عملية استهدفت تصفيته، بينما قال المقربون منه: إنه دهس على لغم أرضي بالخطأ أثناء عملية تسلم شحنة سلاح.