المنظمات المسلحة تمهد الطريق للراديكالية بـ«كولومبيا»
الخميس 12/يوليو/2018 - 03:54 م

صورة أرشيفية
نهلة عبدالمنعم
على الشمال الغربي من القارة اللاتينية تقع كولومبيا، ذات التاريخ الثري بعصابات تجارة المخدرات ومافيا السلاح، والأيديولوجيات السياسية المتعددة التي أثرت بصراعاتها على استقرار الدولة وأمنها، وأدى تراجع ذلك إلى انقضاض الجماعات الراديكالية على المجتمع ما بين مرابط ينتظر لحظة مواتية للانقضاض، أو ذي مصلحة.
فقد كشفت الأجهزة الأمنية في مارس الماضي عن القبض على شخص يدعى «راؤول جوتيريز» أثبتت التحريات تخطيطه لعملية إرهابية كان ينتوي بها استهداف 29 دبلوماسيًّا في السفارة الأمريكية بالعاصمة «بوجوتا».
فيما قدم مكتب النائب العام الكولومبي أدلة على الاتصال بين المواطن الكوبي صاحب الـ43 عامًا، وعدة مواطنين مغربيين ينتمون لتنظيم «داعش»، وهم «ماتين موهان»، و«سعيد سامويد»، و«فرانسيسكو كوينتانا»، كانوا ينسقون سويًّا لتنفيذ مخططهم الإرهابي، عن طريق «جوتيريز»، الذي دخل البلاد بشكل غير قانوني، وأثبتت تحريات النائب العام تحضيره لهجوم انتحاري.

«حزب الله»
فرص المرابطين
أثارت هذه القضية ردود فعل واسعة بين نخبة المجتمع، ما جعلهم يتساءلون عن مستقبل البلاد بعد ظهور آثار للراديكالية داخل حدودها، وعن الدوافع والأسباب التي من الممكن أن تجعل البلاد حاضنة لأيٍّ من تنظيمات الإسلام الحركي.
فذكر خايمي لويس زاباتا، الباحث الكولومبي في شؤون الإرهاب، أن فرص هؤلاء المتطرفين للتمكن من التوغل في أركان المجتمع قد تبدو كبيرة، نظرا لضعف الإجراءات الأمنية في الدولة، إلى جانب الوجود الخطير لمنتمين لـ«حزب الله» اللبناني في القارة اللاتينية ككل عن طريق الدعم الإيراني، إضافة إلى مشكلة التأمين الضعيف للحدود المشتركة بالقارة.
ويقودنا هذا الرأي إلى دراسة حدود الدول المجاورة لكولومبيا، التي يعد أخطرها البرازيل التي تقع في المجموعة المعروفة باسم «منطقةTBA» وهي منطقة جغرافية تضم ثلاث دول من القارة اللاتينية وهي «البرازيل والأرجنتين وباراجواي».
وسبق وذكر تقرير عن الإرهاب نشرته وزارة الخارجية الأمريكية في 2015 أن هذه المنطقة يُشهد بها نفوذ إرهابي، خاصة لحزب الله الذي حافظ على وجوده بـ«TBA» عن طريق عصابات الجريمة والمخدرات التي تشكل مصدر دخل مهم له.
كما أشار بحث نشره «معهد واشنطن للدراسات السياسية» أن «حزب الله» عين مجموعة من عناصره داخل المنطقة، أبرزهم «فاروق أوميري»، ومهمته إصدار الجوازات المزورة لعبور إلى أمريكا اللاتينية من خلال البرازيل، إضافة إلى الإشراف على عمليات تهريب المخدرات بين أمريكا الجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط.
وعن عصابات الجريمة المنتشرة في البلاد أظهرت حادثة أطلق عليها «سرقة القرن» مدى قوة تلك العصابات إلى جانب الضعف الأمني المفرط، حيث قام حوالي 50 مسلحًا في أبريل عام 2017 بالسطو على شركة لنقل الأموال في عملية استمرت لساعتين وكأنها حرب شوارع.

جيش التحرير الوطني» المعروف بـ«ELN»
ذوو المصالح
أما عن السبب الأهم والدافع المفرط لجعل «كولومبيا» من أبرز الدول اللاتينية، أرضًا خصبة للجماعات الإرهابية، هو الاضطرابات السياسية وعمليات القتل والتخريب والتهريب التي تقودها المجموعات المسلحة المنتشرة في البلاد لأغراض سياسية في ظاهرها ومعتقداتها، ولكن تصرفاتها الإرهابية العنيفة أفقدتها الشرعية النضالية وتسببت في اتهامها بضخ الأموال لعدد من التنظيمات الإرهابية كـ«حزب الله»، وتنظيم «القاعدة».
فالصراع السياسي الذي نشأ في الستينيات من القرن الماضي بين التيارات الشيوعية والنظام الحاكم المناهض لها أفرز العديد من المجموعات المسلحة المعارضة للدولة مثل القوات المسلحة الثورية الكولومبية المعروفة اختصارًا بـ«FARC» التي بدأت نشاطها في 1964 كعصابة مسلحة، تم إدراجها في عام 2005 على لائحة التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة، وبرلمان أمريكا اللاتينية، والاتحاد الأوروبي، وكندا، غير أنها قد وقعت على مصالحة مع الدولة في عام 2016.
ومن التنظيمات المسلحة الأخرى التي أفرزها الصراع الستيني «جيش التحرير الوطني» المعروف بـ«ELN»، إلى جانب بعض التنظيمات الأخرى.
وفي دراسة عن العلاقة بين تجارة المخدرات التي تقودها «فارك» وتنظيم «طالبان» فى أفغانستان نشرتها الدورية الفرنسية لقضايا المخدرات تم التأكيد على العلاقات المشبوهة بين التنظيمين الأهم في تلك التجارة.
فأشارت الورقة البحثية إلى تجارة الكوكايين والحشيش التي تشتهر بهما أفغانستان عن طريق تنظيم «طالبان» وكولومبيا عن طريق تنظيم «فارك»، مؤكدة أن تلك التنظيمين يجمعهما تعاون خفي في نقل وترويج وبيع المخدرات التي تساهم في تمويلهم.
أما عن تنظيم «القاعدة» فكشفت مستشارة مكافحة الإرهاب والشؤون الخارجية، أوليفييه جويتا في بحث قدمته لوسائل الإعلام الكولومبية عن أن القوات المسلحة الثورية لكولومبيا تمول تنظيم القاعدة من خلال دفعها للأمول الكثيفة لضمان المرور الآمن للكوكايين عبر شمال أفريقيا ونحو أوروبا عن طريق المناطق التي تسيطر عليها القاعدة.