يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

فرنسا تستعين بتجربة الأزهر في التعايش السلمي

الأحد 08/يوليو/2018 - 01:01 م
جانب من اللقاء
جانب من اللقاء
هناء قنديل
طباعة

حظي الأزهر الشريف خلال الفترة الماضية، باهتمام كبير؛ باعتباره أكبر مؤسسة دينية في العالم، قادرة على قيادة مشروع تجديد الخطاب الديني، بما يضمن إحداث التأثير المطلوب في عقول وقلوب المسلمين.

وبذل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على مدار الشهور الماضية، جهودًا كبيرة جدا في خدمة هذه الفكرة، وجاب عددًا كبيرًا من دول العالم، للدفاع عن الإسلام، وإبراز أهمية تجديد الخطاب الديني، دون المساس بالثوابت والأصول.

وأخيرًا التقى «الطيب»، عددًا من نواب البرلمان الفرنسي، برئاسة، كلود جوسجن، وجويندال رويار، بعدما طلب الوفد تنظيم هذا اللقاء؛ للاستفادة من خبرات الأزهر الشريف في مسألة المواطنة، وتحقيق الاستقرار المجتمعي.


هذا اللقاء وأسبابه، يطرح سؤالًا مهمًا جدًا، وهو: هل بدأ الأزهر يستعيد قوته الناعمة ومكانته العالمية المستحقة؟

فضيلة الإمام الأكبر
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف

تفاصيل اللقاء

أعضاء الوفد البرلماني الفرنسي، كشفوا عن تفاصيل اللقاء، موضحين أن الإمام الأكبر له رمزية ومكانة كبيرتان باعتباره أهم شخصيةٍ دينية في العالم الإسلامي، مشيدين بقدرته على خفض حدة التوتر بين أتباع الأديان، وتعزيز العلاقات الإسلامية المسيحية، واعتماد الحوار مع المؤسسات الدينية الكبرى في العالم، أساسًا للعلاقات.

الوفد الفرنسي، شدد على أن منهج الأزهر الوسطي، جعل مصر تبدو نموذجًا ملهمًا للعلاقات بين أبناء المجتمع الواحد، داعين إلى دراسة آليات نقل هذا النموذج المصري الأزهري إلى المجتمعات الأوروبية.

بدوره أكد «الطيب»، أن نجاح النموذج المصري، في العلاقة بين أتباع الأديان المختلفة، يعود إلى إدراك المصريين أن السلام هو أساس رسالة الأديان كافة، وأن هذا يتحقق بالعلاقة الطيبة القائمة على التعاون، وتدارك المشكلات الاجتماعية، منوهًا بدور مؤسسة «بيت العائلة»، التي يتعاون فيها الأزهر مع كنيسة الإسكندرية.

شيخ الأزهر، ألقى الضوء أيضًا خلال اللقاء، على الجهود التي بذلت لتوثيق العلاقات مع المؤسسات الدينية العالمية، وفي مقدمتها الفاتيكان، ومجلس الكنائس العالمي، لافتًا إلى أن الحوار مع هذه الجهات امتد إلى الشباب أيضًا، مشددًا على أن طبيعة المجتمع المصري، ما زالت في أغلبيتها العظمى تتميز بالتسامح والاعتدال، رغم موجة الأفكار المتطرفة التي تجتاح المنطقة حاليًّا.

القوة الناعمة

بدأ الأزهر يستعيد مكانته الحقيقية، وقوته الناعمة، بالتزامن مع الجهود التي بذلها الإمام الأكبر فيما يتعلق بإعادة مسيرة حوار الأديان إلى مسارها الصحيح، التي كانت متوقفة في عهد الإمام الأكبر السابق، الدكتور محمد السيد طنطاوي، في أعقاب الخلافات التي تفجرت عام 2006، مع الفاتيكان، على خلفية محاضرة ألقاها البابا بيندكت السادس، في ألمانيا، اتهم خلالها الإسلام بالعنف.

 

وبعدها وفي عام 2008، بدأ الحديث عن استئناف الحوار يعود على استحياء، إلى أن توقف تمامًا من جديد في عام 2011، عندما دعا بابا الفاتيكان إلى حماية المسيحيين في مصر، بحسب وصفه وقتها، وهو ما رد عليه الأزهر، وجميع مؤسسات الدولة المصرية، بأن تصريحات البابا، تمثل تجاوزًا مرفوضًا، وتدخلًا سافرًا في الشأن المصري، وأعلن وقتها الدكتور «الطيب»، قطع الحوار مع الفاتيكان.

البابا فرنسيس
البابا فرنسيس

البابا فرنسيس

في مارس 2013، تولى البابا فرنسيس الأول، مقعد الحبر الأعظم في الكنيسية الكاثوليكية بالفاتيكان، ودعا إلى إعادة الحوار مع الأزهر، وهو ما استقبله الأخير بالترحيب، بعد ذلك أجرى الدكتور «الطيب»، زيارة تاريخية غير مسبوقة للفاتيكان في عام 2016.

فرنسا تستعين بتجربة

قضية القدس

لم تقف القوة الناعمة المستردة للأزهر، عند حل الأزمات التي تواجه العلاقات الإسلامية المسيحية، وإنما امتدت لوقفة حاسمة، من الإمام الأكبر، بصفته رئيسًا لمجلس حكماء المسلمين، في مواجهة الهجمة الأخيرة على القدس، عقب قرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إليها، اعترافًا بها عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

 

وأصدر «المجلس»، برئاسة «الطيب»، بيانات حث فيها جموع المساجد على مستوى العالم العربي والإسلامي، اعتماد خطبة موحدة عن مكانة القدس لدى المسلمين، وعروبتها.


ورفض «الطيب»، طلبًا رسميًّا من نائب الرئيس الأمريكى، مايك بينس، للقائه في ديسمبر الماضي، قائلًا: «كيف لي أن أجلس مع من منحوا ما لا يملكون، لمن لا يستحقون، وزيفوا التاريخ» .


وتولى الأزهر، ممثلًا في إمامه الأكبر، الإعداد للمؤتمر العالمي لنصرة القدس، فضلًا عن تدريس مادة عنها، في المناهج الأزهرية.

فرنسا تستعين بتجربة

الإسلاموفوبيا

وكان للأزهر، وجود بارز أيضًا، في معالجة قضية الإسلاموفوبيا، التي اجتاحت الغرب؛ عقب سلسلة الهجمات الإرهابية «الداعشية» التي طالت معظم العواصم الغربية.

وأجرى «الطيب»، زيارات خارجية متتالية؛ لنشر ثقافة التعايش السلمي، والتأكيد على براءة الإسلام من كل الأعمال الإرهابية، وزار إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وإندونيسا أكبر بلد إسلامي في العالم، كما زار نيجيريا، ومخيم اللاجئين في عاصمتها «أبوجا»، مجريًا سلسلة من الحوارات الهادفة إلى تصحيح صورة الإسلام.

"