«الإسلام المصرفي».. خطة تمكين الإخوان في فرنسا

يواجه «حكيم القروي»
(أبرز الوجوه الإسلامية في فرنسا) اتهامات بـ«أنه سلم صعود الإخوان في الأراضي الفرنسية»،
مستغلًا علاقته الوطيدة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

«القروي»، المنحدر من أصول تونسية، يسعى لوضع مخطط
لإعادة هيكلة الإسلام في فرنسا، وهو البرنامج الذي طالب به «ماكرون»، لكن تقارير فرنسية
قالت إنه يسعى لتمكين أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية في البلد الذي يواجه أكبر تهديدات
إرهابية في أوروبا.
وبحسب تقرير لـ«واشنطن بوست»، نشر في أبريل 2017، بعنوان Struggling to prevent terrorist attacks،
France wants to ‘reform’ Islam، فإن
الإسلام الذي يسعى «القروي» (الذي لا يعد متدينًا ظاهريًّا) لإعادة هيكلته يتجسّد في العديد
من النّواحي النّخبوية الفرنسيّة الحديثة، وربّما بشكل أكثر من الّلازم بالنّسبة إلى
بعض المسلمين، فهو على الرغم من إعلانه أنه ضد الحجاب، لكنه في ذات الوقت يعارض قيم
المساواة الفرنسية.
وبدأ «القروي» الكتابة عن المسلمين بعد هجوم شارلي إيبدو عام 2015، وتظهَر
مواقفه المتعدّدة في كتاب صدر مؤخرًا بعنوان «الإسلام.. دين فرنسيّ » "L'Islam، Une Religion Française"، وهو
عبارة عن مداخلة أسعدت قطاعات كبيرة من النّخبة الفرنسيّة لما اشتملت عليه من دعوة
المسلمين لتولي مسؤوليّة مجتمعهم، وجاء في خاتمة الكتاب: «إنّنا في حاجة إلى استنفاركم.
ومن خلال إلزام أنفسكم بذلك يُصبِح الإسلام بشكل طبيعيّ دينًا فرنسيًّا».
ووفقًا لما نقله تقرير الـ«واشنطن بوست»، يقول «القرويّ» في مقابلة بمكتبه
في باريس: «لقد ارتكبنا خطأ استراتيجيًّا في الماضي، عندما قُرّر أنّ المسلمين أجانب
وأنّ الإسلام يجب أن يتمّ تمويله من قِبل دول أجنبيّة».
وقد أدّت مقترحات «القرويّ»، إلى نفور بعض المسلمين المتديّنين في فرنسا
وأولئك الّذين يحاربون الإسلاموفوبيا. كما تعرّض لانتقادات بسبب قبوله أنّ الأصولية
في الأساس هي مشكلة إسلاميّة يجب معالجتها في صفوف الجالية. إلّا أنّ العديد من الإرهابيّين
المُدانين لم يكونوا متديّنين بشكل خاصّ.

ويقول مروان محمّد، المدير السّابق للتّجمع ضدّ الإسلاموفوبيا في فرنسا Collective Against Islamophobia in France والنّاشِط المناهض
للتّميّيز: «القروي، لديه مقاربة براجماتيّة، فهو يريد تعريف المشكلات وتقديم الحلول.
لكن ما يعرّفه على أنّه 'راديكاليّ' لا علاقة له بالإسلام».
وربما يفسر عدم تدين «القروي»، واتجاهه إلى الحديث باسم الإسلام في فرنسا،
في ظل نفور الفرنسيين من المتطرفين وكل ما يتعلق باسم «الجهاد»، وكونه رجل استثمار
بشكل أساسي، ارتباطه بجماعة الإخوان، المدعومة من قطر التي تضخ أموالًا كبيرة في أوروبا
بشكل عام وفرنسا بشكل خاص.
ومحاولة «القروي» لتمكين الإخوان في فرنسا ليست الأولى، فالجماعة سبق وأن
استغلت استثمارات قطر في باريس لتمكين رجالها هناك.
وفي تقرير لصحيفة «لاكروا» الفرنسية، تبلغ استثمارت قطر في فرنسا 40 مليار
يورو، لتصبح أكبر داعم لجماعات متطرفة، تجعل باريس ثانى أكبر بلد متلقٍّ لاستثمارات
الدوحة فى العالم.

ووفقًا لصحيفة «لاكروا»، دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال حملته
الانتخابية إلى خفض امتيازات قطر الممنوحة فى الضرائب من قِبَل الدولة، بعد تمكينها
من أغلب الأماكن المرموقة فى باريس لإقامة مشاريعها.
وأوضحت الصحيفة أن تلك الدولة الصغيرة التى تسمى «قطر»، أصبحت تمتلك فى
فرنسا مؤشر «cac 40»،
أحد أهم مؤشرات البورصة فى فرنسا، وشركات مرموقة، مثل راديو «لا جاريديير»، و«فيوليا»،
التى تدير خدمات الطاقة والنقل وإمدادات المياه وإدارتها، وأيضًا شركة الملابس الفاخرة
«إل. فى. إم. إتش»، فضلا عن الاستحواذ على أكبر نادٍ فرنسى، وهو «باريس سان جيرمان»
منذ عام 2011.

وأكدت الصحيفة، إن قطر سيطرت أيضا على سوق العقارات عام 2013، بل استحوذت
على ملكية قصر «كلام جالاس» الأثرى، الذى تملكه فرنسا فى العاصمة النمساوية فيينا عام
2015، رغم معارضة شديدة.
وفى العام نفسه، كجزء من مشروع باريس الكبرى، وعد المستثمرون القطريون
بمليارات اليورو لشركات التطوير العقارى من أجل تحديث العاصمة وتوسيعها.
وأضافت الصحيفة، أن فرنسا خلقت لقطر مجالا كبيرا من أجل استثمار المشاريع
الكبيرة، من خلال جهاز قطر للاستثمار QIA، من
أجل تمويل ومساعدة الشركات الفرنسية الصغيرة والمتوسطة المتخصصة فى البحوث والصحة والغذاء.

وفي 2016، نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية، تحقيقا في أبريل 2016، حول طريقة
تعيين الإخواني حفيد حسن البنا «طارق رمضان» كأستاذ للدراسات الإسلامية المعاصرة في
جامعة أوكسفورد عام 2009، مشيرة إلى أنه استفاد من نفوذ قطر في فرنسا، والتي تتحقق
نتيجة استثماراتها هناك.
وتعمل قطر على دعم مؤسسات الإخوان في أوروبا، وزيادة نفوذهم وتأثيرهم،
كما تسعى لإعادة إنتاج «المشروع الإخواني الجديد» عبر البوابة الأوروبية، باستخدام
أوراق جديدة سواء كانت دينية أو ثقافية أو مؤسسية.