الجماعات المندمجة ودورها في بقاء إخوان السنغال.. قراءة وتحليل
لا يزال تكنيك اختراق المجتمعات المسلمة على يد جماعة الإخوان متمثلًا في
خطاب التشكيك في صحيح العقيدة، سواء كان الغالبية صوفية أو سلفية، وهو ما فعلته
المنظمات التابعة للجماعة في السنغال ذات الغالبية المسلمة، إذ كانت بوابتها
لتفتيت الشعب بإقناعهم أن إسلامهم غير نقي وأن الإخوان وحدهم قادرون على منحهم
صبغة شرعية ودينية سليمة.
ولا تخفي الحركة الإخوانية في السنغال كونهم جزءًا من التنظيم الدولي للجماعة. وذلك باعتراف موسى فال، أحد قيادات الجماعة بقوله إن الجماعة جزء من الحركة الإسلامية العالمية، مضيفًا: وهذه واضحة في توجهنا العام ولنا تعاون في الساحة العالمية؛ حيث إننا نعتبر أنفسنا ممثلي الحركة الإسلامية العالمية في السنغال.
ورغم المزاعم الأولية للوجود الإخواني بالسنغال بأن دورهم فقط محاربة البدع وضبط بوصلة الدين في المجتمع، لكن سرعان ما اتخذ حضورهم صبغة سياسية واتجهوا لتأسيس الجمعيات وبناء مدارس تحت إشرافهم للسيطرة على عقول الطلاب في مختلف المراحل العمرية.
الجماعات المندمجة غذّت عدة قطاعات في الوجود الإخواني المتمثل في جماعة عباد الرحمن، منها القطاع الطلابي الذي اختص بالأنشطة التعليمية ويعمل على تجنيد الطلاب في سن مبكرة ونشر أفكار الجماعة في المدارس القرآنية التي أسستها الجماعة.
كما انشغل القطاع النسوي بالدعوة في أوساط النساء، عبر القيام بأعمال اجتماعية وتربوية تهدف بالأساس إلى ضم العنصر النسائي وإقناعهن أن الحل لما تعانيه المرأة السنغالية هو المرجعية الإسلامية للمجتمع.
أما القطاع الشبابي فيتجه نشاطه إلى الفئة العمرية الشبابية من المجتمع، عبر إقامة محاضرات ومؤتمرات ومخيمات، تتناوب على الأقاليم.
بدوره قال الباحث السياسي السنغالي هارون باه، إن للتغيراتِ السياسيةِ التي شهدها العقد الأول من القرنِ الحادي والعشرين تأثيرات مباشرة على واقعِ انتشار جماعات الإسلام السياسي في داخل النظام الإقليمي الإفريقي، وإنْ اختلف مستوى ذلك التأثير والتأثر من دولة لأخرى؛ حسب موقعها في الميزان الإستراتيجي للقوى الأجنبية.
ولفت إلى أن المجال الأرحب لنشاط الحركات الإسلامية بالسنغال المجال الثقافي، والاجتماعي، عبر فتح معاهد ومدارس لتعليم العلوم العربية والإسلامية، وبالإضافة إلى العمل الثقافي؛ فإنها تقوم كذلك بأعمال اجتماعية، كفتح مراكز صحية، ومستشفيات، وتعاونيات سهلت مهمة التواصل مع الناس ونشر الفكر الخاص بهم.
كما أوضح الباحث السنغالي أن المتتبع للشأن الديني في السنغال يعلم واقع مثل قلّة التنظيم، وتشتت الجهود وتبعثرها، وقلة الموارد المالية والبشرية، وأحيانًا تركزها في مناطق دون أخرى، إلى جانب انتشار الثقافة الفرنسية في شتى أنحاء البلاد. وبيّن هارون أن المؤسسين لجماعة عبادِ الرحمن استلهموا العمل الدعوي الإسلامي، والفكر الحركي، والجانب التنظيمي، مِن خلال اطّلاعهم على إنتاجات الإخوان المسلمين في مصر، وهذه هي طبيعة العلاقة بهم إلى يومنا هذا، كما أكدها مؤسسو الجماعة





