رغم التفاهمات مع واشنطن.. إيران تتمسك بورقة تخصيب اليورانيوم
رغم التفاهمات الجارية بين إيران وبين الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمَّ التوصل خلالها إلى إطلاق سراح خمسة سجناء أمريكيين مقابل إلغاء واشنطن تجميد ستة مليارات دولار من أموال النفط الإيرانية، والحديث عن بنود سرية تضمن تخلص طهران من كميات اليورانيوم المخصب بنسبة 60% أو عدم الاحتفاظ بكميات جديدة، إلا أن إيران أعلنت عن استمرار تخصيب اليورانيوم وفق القانون المحلي.
وكشفت تقارير أمريكية أنه بالتزامن مع هذه التفاهمات الجارية بين الطرفين، لوحظ إبطاء إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وسط أحاديث عن بنود سرية لهذه التفاهمات تستهدف تخصيب اليورانيوم، والتوقف عن إمدادات إيران لروسيا بالطائرات المسيرة.
وأعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم على أساس إطار العمل الذي وضعه البرلمان عام 2020، لافتًا إلى أن مساعد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية سيزور طهران، بينما تستعد الوكالة لإصدار تقريرها الجديد عن البرنامج النووي الإيراني خلال أيام.
وعندما سئل عن التقارير الأمريكية التي ذكرت أن طهران أبطأت تخصيبها لليورانيوم بنسبة نقاء 60%، قال إسلامي: "تخصيبنا النووي مستمر على أساس قانون إطار العمل الاستراتيجي"، في إشارة إلى التشريع ذي الصلة.
وأقر البرلمان الإيراني عام 2020 قانونًا يلزم الحكومة باتخاذ تدابير مثل تعزيز عمليات تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز الحد المنصوص عليه في اتفاق طهران النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، إذا لم تلتزم الأطراف الأخرى بشكل كامل بالاتفاق.
خطوة متوقعة
الباحث الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني، الدكتور مسعود إبراهيم، قال في تصريحات خاصة لـ"المرجع"، إن إعلان محمد إسلامي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، استمرار بلاده في تخصيب اليورانيوم، على الرغم من الهدوء النسبي والتقارير الأمريكية بشأن التباطؤ الإيراني في تخزين اليورانيوم المخصب، لم يكن مفاجئًا حتى للمسؤولين الأمريكيين.
ووفق "إبراهيم" فإن المتابع للسياسات الإيرانية يعي جيدًا سيكولوجية النظام الإيراني في التعامل مع الأزمات، وأن فكرة تقديم إيران لتنازلات أمر مستبعد، وربما يكون هناك تأجيل لمراحل لكن فكرة إلغاء الأهداف الرئيسة للنظام أمر صعب للغاية.
امتلاك سلاح الردع
ويلفت إلى أن النظام الإيراني له أهداف استراتجية لن يتنازل عنها، ومنها على سبيل المثال امتلاك سلاح الردع الذي يمكنه من الحفاظ واستكمال مشروعه الإقليمي العالمي، والقائم على المذهب الشيعي، وكل ما يحدث في الملف النووى منذ بدايته وحتى اليوم ما هو إلا استثمار إيراني للوقت للوصول إلى المبتغى الرئيس، وهو الوصول للعتبة النووية.
ويتوقع "إبراهيم" أن ما حدث أيضًا خلال الأيام الماضية من تباطؤ في عملية التخصيب هو جزء من السياسة الإيرانية في تحقيق مبتغاها من الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الإفراج عن ملايين الدولارات المجمدة والمستحقة، وإعلان حسن النوايا، واليوم وبعدما وصلت لهدفها عادت الدورة النووية الإيرانية من جديد للضغط على أوروبا وواشنطن لتحقيق مزيد من المكاسب المادية والمعنوية.
يختم الباحث الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني تصريحاته بالقول: "ليس بعيدًا أن نسمع إسلاميًّا أو غيره يعلن امتلاك إيران للتقنية النووية العسكرية، وربما اقترب الوقت لإعلان ذلك، فكل الشواهد تؤكد أن إيران على وشك امتلاك هذه التقنية، وربما هو ما يمنع أوربا وأمريكا من التعامل بقوة مع النظام الإيراني، والذي نجح بلا شك في الوصول إلى مرحلة الاحتواء مع واشنطن وأوروبا.





