أوكرانيا تفشل في اختراق روسيا.. وواشنطن على جبهة القتال
الأحد 20/أغسطس/2023 - 05:41 م
محمود البتاكوشي
شنَّت القوات النظامية الأوكرانية هجمات تخريبية مكثفة في العمق الروسي، وذلك في محاولة لدعم هجومها المضاد الذي أثبت فشله بفضل الدفاعات الروسية الحصينة، ما دفع الدول الغربية إلى منح كييف المزيد من التعزيزات؛ حيث أعلنت الولايات المتحدة إمداد أوكرانيا بالقنابل العنقودية، بسبب تراجع مخزونات الدول الغربية من الذخيرة. إذ إن واشنطن قادرة على مساعدة الجيش الأوكراني في تجاوز الخطوط الدفاعية الروسية المحكمة على طول الجبهة.
واشنطن على الجبهة
بالرغم من مرور شهرين على بدء الهجوم المضاد، لم تنجح القوات الأوكرانية في تحقيق أي اختراق للدفاعات الروسية على طول الجبهة. وفي حين أعلن الجيش الأوكراني، في 25 يوليو، السيطرة على موقع للقوات الروسية بالقرب من قرية أندرييفكا إلى الجنوب من مدينة باخموت، والتي أكملت روسيا السيطرة عليها قبل بضعة أشهر، فإن الجيش الروسي أعلن تحرير بلدة سيرغيفكا على محور كراسني ليمان في 25 يوليو 2023.
ومن ضمن المساعدات الغربية لأوكرانيا قيام واشنطن بإمداد كييف بالطائرات المقاتلة إف 16، بحسب بيان لمنسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، في يوليو 2023، إذ أكد أن الولايات المتحدة تعتزم نقل طائرات إف 16 إلى أوكرانيا بحلول نهاية عام 2023.
إخفاق اوكراني
من جانبه أكد الدكتور باسل الحاج جاسم، الخبير في الشؤون الروسية، أن لجوء أوكرانيا إلى الهجمات التخريبية، يرجع إلى إخفاق الهجوم المضاد، وأن مواصلة القتال في ظل المعطيات الميدانية التالية لن يؤدي سوى إلى تكبيد كييف مزيدًا من الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات؛ حيث بلغت خسائر الجيش الأوكراني نحو 20% من إجمالي المعدات التي شاركت في الهجوم المضاد، وذلك في أول أسبوعين فقط، وأن معدلات الخسارة تراجعت إلى حوالي 10% في الأسابيع التالية، وهو ما يعود إلى اتجاه أوكرانيا إلى إرسال وحدات أصغر حجمًا لجبهات القتال.
وأضاف أنه مما لا شك فيه أن فشل الهجوم المضاد ينعكس سلبًا على مواصلة الدول الغربية دعمها الاقتصادي والعسكري لأوكرانيا، وهو ما بدأت بعض مؤشراته تظهر في التلاسن بين وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، والمسؤولين الأوكران، في 12 يوليو 2023، إذ طالب الأول هؤلاء المسؤولين بأن يظهروا قدرًا من الامتنان، مؤكدًا أن بلاده ليست خدمة أمازون للتوصيل عبر الإنترنت، في إشارة إلى أن كل الطلبات العسكرية الأوكرانية لن يتم الإيفاء بها بالضرورة، مما يؤكد وجود فجوة كبيرة بين أوكرانيا والدول الغربية وكل منهما بات يحمل الآخر مسؤولية فشل الهجوم.
جمود عسكري
وأضاف الخبير في الشؤون الروسية أن الجمود العسكري القائم حاليًّا سوف يفرض تحديًا كبيرًا على الدول الغربية، إذا ما استمر، إذ إنه سوف يشكك في جدوى استمرار واشنطن في تخصيص مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية لكييف، كما أنه سيزيد من شعبية السياسيين الأوروبيين والأمريكيين الذين يعارضون تقديم الأسلحة والمساعدة المالية إلى كييف، خاصة في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية في أغلب دول العالم، لذا فالعمليات التخريبية تُعد الخيار الأمثل لأوكرانيا لاستمرار الدعم الغربي، والوصول إلى صيغة مناسبة للسلام مع روسيا.
وأكد الحاج أن تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا سيقوض كثيرًا من مصداقية واشنطن كقوة كبرى، قادرة على حماية حلفائها، وهو الأمر الذي ينعكس سلبًا على النفوذ الأمريكي حول لعالم. ولذلك فإنه في ظل جمود خياري الحرب والسلام، فإن الخيار الأفضل لأوكرانيا هو محاولة تهديد روسيا بعمليات تخريبية من فترة لأخرى، وذلك لتأكيد قدرتها على إلحاق الأذى بموسكو، ومن ثم مواصلة الدعم الغربي، مشيرًا إلى أن تسعى أوكرانيا إلى التأكيد أنها رأس حربة حلف شمال الأطلسي والدرع الواقي لأوروبا في مواجهة التهديدات الروسية، وذلك عبر تأكيد قدرتها على تهديد الكرملين ووزارة الدفاع الروسية، بالإضافة إلى محاولة تنفيذ عمليات تخريبية ضد البنية التحتية الحيوية الروسية، والقواعد العسكرية، وغيرها من الأهداف.
رد فعل روسي
أكد الدكتور باسل الحاج أن تنفيذ أوكرانيا لمثل هذه الهجمات قوبل برد فعل روسي قوي، وهو ما يدفع كييف وحلفاءها الغربيين إلى تقييم جدوى هذه العمليات التخريبية، خاصة أنه عدا الهجوم على جسر مضيق كيرتش، أو مخازن ذخيرة للقوات الروسية في شبه جزيرة القرم، فإن أغلب الهجمات الأوكرانية التخريبية كانت محدودة، أو تم اعتراضها، مشيرًا إلى أن رد الفعل الروسي كان قاسيًا، فقد قامت روسيا بتدمير منشآت البنية التحتية العسكرية في ميناء أوديسا بخمسة أنواع من الذخيرة، كما أنه من الثابت أن هجمات روسيا على مخازن الذخيرة الأوكرانية تفوق عددًا هجمات أوكرانيا على مخازن الذخيرة الروسية، وبالتالي فإن مواصلة هذه الهجمات لن تلحق بروسيا خسائر فادحة، ولكنها قد تؤدي إلى تصعيد مستوى الصراع، خاصة أن دميتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، قد صرح في 24 يوليو 2023 بأن موسكو بحاجة إلى توسيع نطاق الأهداف التي تضربها في أوكرانيا، مضيفًا أن هناك حاجة إلى اختيار أهداف غير تقليدية، بحيث لا تقتصر على منشآت التخزين ومراكز الطاقة والمنشآت النفطية. وسبق وأن هددت روسيا باستهداف مراكز تخطيط الناتو والمرتزقة الغربيين داخل روسيا.





