غاز الدرة.. خلاف قديم بين إيران والكويت يثار مجددًا
الخميس 10/أغسطس/2023 - 05:07 م
إسلام محمد
جدد النزاع على ملكية حقل غاز «الدرة» التوتر بين إيران والكويت، إذ تدعي طهران أن لها نصيبًا في الحقل الذي يقع قرب ساحل الكويت وترفض الاعتراف بالقانون الدولي في هذه القضية.
تصريحات كويتية
وكان وزير النفط الكويتي سعد البراك، قد صرح في حديث إعلامي، بأن بلاده ستبدأ الحفر وإنتاج الغاز من الحقل من دون انتظار ترسيم الحدود البحرية مع إيران، بينما أكد وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، أن بلاده قد تضع على جدول أعمالها «تأمين حقوقها ومصالحها والاستخراج والتنقيب عن هذه الموارد ولن تتحمل أي تضييع لحقوقها»، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الحكومية (إرنا).
ويقدر الاحتياطي القابل للاستخراج من هذا الحقل بنحو 200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وأجرت إيران والكويت على مدار سنوات سلسلة مباحثات لحل النزاع حول الحقل الغازي وترسيم الحدود البحرية بين البلدين، إلا أن كل هذه المفاوضات لم تؤدِ إلى نتيجة ملموسة.
وأشعل هذا الحقل البحري خلافات ليس فقط بين إيران والكويت بل والمملكة العربية السعودية أيضًا، مما دفع دولتي الكويت والسعودية إلى تأكيد أن ثروات هذه المنطقة حق لهما فقط، وطالبت الرياض، طهران باستئناف الحوار حول توزيع ثروات الحقل.
خلاف قديم
ويعد ملف حقل الدرة من أقدم ملفات الخلاف بين الكويت وإيران، إذ بدأت المفاوضات حوله في الستينيات، ورغم ذلك لم تتوصل الدولتان إلى حل بشأن ترسيم الحدود بينهما، رغم تكرر جولات المفاوضات.
وسبق أن وصلت الأمور إلى حافة التوتر بين الكويت وإيران بسبب هذا الحقل عام 2001، حين بدأت إيران حينذاك التنقيب فيه فسارعت الكويت والسعودية لترسيم حدودهما البحرية والاتفاق على تطوير الحقل بشكل مشترك.
أما في عام 2003، فأعلنت الكويت أنها قد تعرض الخلاف على التحكيم الدولي، لكن إيران رفضت التحكيم لرفضها الرجوع إلى قانون البحار الذي أقرته الأمم المتحدة.
وفي عام 2015 أعلنت طهران طرح مشروع لتطوير امتداد الحقل، ومؤخرًا أعلن رئيس شركة النفط الإيرانية الذي صرح بأن إيران ستبدأ الحفر في الحقل الذي تسميه باسم فارسي تاريخي وهو آراش، تمهيدًا لبدء الحفر والقيام بالدراسات اللازمة.
ويرجع الأساس القانوني للخلاف إلى أسس ترسيم الحدود البحرية، حيث ترغب طهران في الترسيم بداية من جزرها إلى البر الكويتي خلافًا لقانون البحار الذي يقر برسم الحدود من خط المنتصف بين ساحلي البلدين، وهو ما ترغب فيه الكويت عملًا بقانون البحار.
وفي عام 2019 وقعت الكويت والمملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم لتطوير الحقل الكويتي السعودي المشترك، وأعلنت الدولتان رسميًّا أنهما طرف تفاوضي واحد في مواجهة الطرف الإيراني.
وتعد الكويت هي المستفيد الرئيسي من تطوير الحقل، فالسعودية لديها إنتاج كبير من الغاز على عكس الكويت، وفي حال بدء الإنتاج ستوفر الكويت جزءًا من الكمية التي تحتاج إليها، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن أول إنتاج لهذا الحقل قد يستغرق سنوات، كما أن احتياجات الكويت تزداد بمرور الوقت، أي أنها تريد التعجيل بحل الأزمة.
وبالنسبة لإيران فإنها تحتل المركز الثاني في احتياطات الغاز على مستوى العالم، لكن بسبب العقوبات وعزوف الشركات العالمية عن الاستثمار بها تعاني طهران من أزمة كبيرة في الغاز الطبيعي، ولا يُتوقع أن يتم حلها بمجرد الحصول على نسبة صغيرة من حقل الدرة في حال وافقت الكويت والسعودية على إشراكها، لذلك فالموقف الإيراني سياسي بالدرجة الأولى ولا يمكن تصنيفه تحت الدوافع الاقتصادية فقط بل له أبعاد أقليمية ودولية.
ويأتي هذا النزاع ليحد من التفاؤل الكبير المصاحب للمصالحة السعودية الإيرانية، ويضع اختبارًا لقياس مدى نجاح الدبلوماسية في حل المشكلات بين إيران والعرب، ويثير القلق من التأثيرات السلبية المحتملة لهذا الخلاف على المنطقة.
إطار تفاهم
ولم تكن المصالحة السعودية الإيرانية مصالحة بين دولتين؛ بل هي إطار للتفاهم بين قوتين إقليميتين متنافستين، أي أن مجال عمل الاتفاق وتأثيره يشمل المنطقة بأكملها، لذا أكد بيان وزارة الخارجية السعودية على اعتبار المملكة والكويت طرفًا تفاوضيًّا واحدًا في مواجهة الجانب الإيراني.





