سيطرة التيار المتشدد.. هل تشعل دوريات الحجاب الشارع الإيراني مجددًا؟
على خلفية موجة الاحتجاجات التي شهدتها إيران من أشهر عديدة بعد مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني في أحد مراكز الاحتجاز على يد شرطة الأخلاق بسبب الحجاب، ألغت السلطات دوريات الحجاب في محاولة لتهدئة الشارع خلال توقيت اندلاع تلك الاحتجاجات، إلا أنه وبعد قرابة عشرة أشهر أعلنت الشرطة رسميًّا إعادة مزاولة عمل دوريات شرطة الحجاب في شوارع البلاد.
وصرّح المتحدث باسم الشرطة الإيرانية، العميد سعيد منتظر المهدي، بأن عودة القوات جاءت في إطار بسط الأمن العام وتوطيد أسس الأسرة، موضحًا أنه يتم تسيير دوريات للسيارات والراجلين في جميع أنحاء البلاد، حيث يقومون بمختلف مهام الشرطة، منها التحذير والتذكير واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يقومون باختراق القواعد الاجتماعية عبر ارتداء ملابس غير عادية، في إشارة واضحة إلى الحجاب.
إدانات واسعة
وشهد قرار عودة دوريات الحجاب إدانات واسعة، وسط تحذيرات من مساهمة القرار في إشعال الشارع مرة أخرى.
وحذّر الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي من أنّ استئناف دوريات شرطة الآداب في شوارع المدن الإيرانية قد يشكل تهديدًا لاستقرار الجمهورية الإسلامية.
وقال خاتمي: "يبدو أنّ خطر التخريب الذاتي، وهو موضوع نقاش متكرر، يتجلى بشكل متزايد مع استئناف دوريات شرطة الآداب، جنبًا إلى جنب مع سلوك الشرطة المثير للجدل، والتدابير الأمنية، والأحكام القضائية غير التقليدية فيما يتعلق بالمسائل الاجتماعية، سيما ما يخصّ المرأة".
وأشار خاتمي إلى أنّ المجتمع الإيراني يتزعزع بسبب التوترات الهائلة، وحذّر من أن استمرار عدم قدرة القيادة على معالجة القضايا الاجتماعية سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.
ووفق موقع "إيران انترناشيونال" الإخباري المعارض، تسببت العودة لإجبار الفتيات على الحجاب، في اشتباكات في مدينة رشت، شمالي إيران، بعد أن حاولت عناصر الأمن اعتقال ثلاث نساء في ساحة "شهرداري" بالمدينة، لعدم التزامهن بالحجاب الإجباري.
وتسببت ضغوط عناصر الأمن لاعتقال النساء في الشوارع، في اشتعال الأجواء في ساحة "شهرداري"، حيث هتف مواطنون في بعض الأماكن "الموت لخامنئي"، واستمرارًا لهذا الموقف حاول أشخاص يرتدون الزي المدني تفريق المواطنين بالغاز المسيل للدموع، وحدث اشتباك بين الأهالي وهؤلاء الأشخاص وعناصر الأمن.
عودة متوقعة
يقول الباحث الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني، مسعود إبراهيم، في تصريحات خاصة لـ"المرجع"، إن قرار عودة دوريات الحجاب مرة أخرى إلى الشوارع الإيرانية لم يكن مفاجئًا، فهذا أمر طبيعي بعد أن هدأ الحراك في الشارع، وأصبحت الأمور أكثر استقرارًا بعد فترة احتجاجات هي الأصعب في تاريخ البلاد.
يضيف إبراهيم أن الاحتجاجات التي لا تزال أثارها موجودة في بعض المحافظات، خاصة تلك التي تسكنها الأقليات العرقية والدينية، موضع رهان للكثير من المحللين أنها بداية لسقوط النظام ولكن غابت عنهم أن قوة النظام الإيراني تكمن في أيديولوجيته الدينية التي تأسس عليها ومع الزمن صارت مصدر قوته واستمراره لأكبر فترة، ولذا ومن خلال هذه الأيديولوجية عادت شرطة الأخلاق تمارس عملها وبقوة، ثقة من النظام في قوة مبادئه التي تأسس عليها ثورة 1979م.
دلالات العودة
وعن دلالات العودة، يقول الباحث في الشأن الإيراني: إن هذه العودة تكشف عن التيار الأصولي المتشدد لا يزال قويًّا داخل الساحة السياسية الإيرانية، ولا يزال يسيطر على مفاصل الدولة، وهو الحامى لمبادئ الجمهورية الإسلامية، كما أن السلطة التنفيذية مقيدة ولا سلطة لديها في مثل هذه الأمور، وأن القرار هو قرار رأس السلطة مرشد الجمهورية الإسلامية كما هو الحال في أغلب الأمور.
ووفق إبراهيم، فإنه رغم وجود تيار معارض لعودة هذه الدوريات وهو التيار المعتدل والذي لا يزال صوته خافتًا في المجتمع وانخفضت شعبيته كثيرًا خلال العقد الأخير، إلا أن ظهوره خلال هذه الفترة قد يعيد شعبيته المفقودة مرة أخرى، ولا شك أن النظام الإيراني بعودة شرطة الأخلاق مرة أخرى ودوريات الحجاب هي رسالة للداخل والخارج أن الحراك الأخير لن يكون عائقًا في سبيل الحفاظ على مبادئ الجمهورية الإسلامية، ورغم كل ما حدث فالنظام قوي ولم يهتز ولم يتراجع عن قراراته.





