لماذا تواصل طالبان التضييق على المنظمات الإغاثية والصحية؟
رغم معاناة الشعب الأفغاني من تدهور الأحوال المعيشية والإنسانية، وحاجته الشديدة إلى دعم المنظمات الإغاثية والصحية، تواصل حركة طالبان منذ وصولها إلى السلطة في منتصف أغسطس 2021، التضييق على كثير من تلك المنظمات، بصورة تجعل من العسير عليها مساندة المواطن بالصورة التي يجب أن تكون.. فما هي مبررات الحركة لذلك؟ وكيف تتعامل مع تلك المنظمات؟
حظر للأنشطة
آخر المنظمات التي حظرت طالبان أنشطتها في أفغانستان منظمة المعونة الأجنبية، "معهد إنترساس في القطاع الصحي بمنطقة زابول".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن حظر عمل هذا المعهد، جاء بعد تعنت شديد من الحركة التي تصرُّ على توظيف أشخاص تابعين لها من أجل العمل والسيطرة على المنظمة التي أغلقت أبوابها بالفعل قبل منتصف يوليو الجاري.
وذكر موقع "الثامنة صباحًا" الأفغاني أن هذه هي المرة الثانية التي يتوقف فيها نشاط "انترساس" في منطقة زابل، وأن دائرة الصحة العامة التابعة للحركة لم تعلق على الحدث الناتج عن ابتزاز طالبان للمنظمات الإغاثية والصحية.
وتشير تقارير محلية إلى أن أكثر من 15 منظمة إغاثية أوقفت أنشطتها في ولاية ديكوندي وحدها منذ شتاء العام الماضي، بسبب رفض تلك المنظمات ابتزاز حركة طالبان التي تحاول الهيمنة عليها أو توظيف عناصر تابعين لها ضمن الفرق العاملة في تلك المنظمات.
وتضم قائمة المنظمات التي توقفت أنشطتها في الولاية كلًّا من: منظمة أكشن إيد، ورازي، وبراك، وجمعية الإغاثة الكاثوليكية، ومؤسسة تحدي الألفية.
وأكدت التقارير أن أغلب المنظمات توقفت بعد محاولات مسؤولين محليين وأقاربهم في الولاية بينهم ابن شقيق المحافظ أمين الله عبيد، الهيمنة على المؤسسات والتدخل في شؤونها.
وكان المفتش العام الأمريكي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR)، أعلن في وقت سابق أن "طالبان" تدخلت 494 مرة في أعمال منظمات الإغاثة الدولية في أفغانستان في الفترة بين نوفمبر 2022 إلى فبراير 2023.
أسباب متعددة
وتقف العوامل الأيديولوجية على رأس الأسباب التي تتعلق بتعنت حركة طالبان مع جميع المنظمات الدولية، خاصة التي تتصل بموقف الحركة من عمل النساء بصفة عامة، وقد أصدرت طالبان نهاية 2022 أوامر إلى المنظمات غير الحكومية العاملة في أفغانستان بمنع تشغيل النساء بها سواء الأجنبيات أو الأفغانيات.
وبررت الحركة تلك التعليمات بعدم التزام الموظفات في تلك المنظمات بقواعد اللباس المناسبة، وهددت بتعليق تراخيص المنظمات التي لا تلتزم بالقرار.
وأثارت تلك القرارت المتعنتة من قبل الحركة موجة انتقادات دولية واسعة، منها ما ظهر صداه واضحًا خلال المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة القطرية الدوحة برعاية الأمم المتحدة نهاية أبريل ومطلع مايو الماضيين؛ لمناقشة المشكلات التي تواجه المنظمات الإنسانية والإغاثية في أفغانستان تحت حكم طالبان بحضور ممثلين عن نحو 25 دولة ومنظمة.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتبريش خلال المباحثات أن قرار حركة طالبان يضعها أمام "خيار مروع" إزاء مواصلة عملياتها الضخمة في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة.
كما اعتبر مجلس
الأمن في جلسته التي سبقت مباحثات الدوحة بأيام قليلة أن القرار غير مسبوق في تاريخ
الأمم المتحدة.





