اضطرابات «لاسعانود».. هل تمنح «الشباب» الصومالية قبلة الحياة؟
حالة من الفوضى وعدم الاستقرار تضرب الصومال بسبب الصراع الدائر مع ما تعرف بجمهورية أرض الصومال والمعروفة اختصارًا بـ "صوماليلاند"، والتي أعلنت استقلالها وانفصالها من جانب واحد عام 1991، ولم تحظ باعتراف دولي، مستغلة الحرب الأهلية التي ضربت البلاد حينها، ولا سيما مع قيام "صوماليلاند" باحتلال مدينة لاسعانود الصومالية، ما حدا بمجلس الأمن الدولي إلى مطالبتها بالانسحاب الفوري عقب تصاعد الاشتباكات والعنف القبلي في المدينة وسقوط عدد كبير من الضحايا، ما أدى لنزوح نحو 150 ألف شخص من مناطق القتال.
تزايد وتيرة العنف
تقع مدينة لاسعانود في المنطقة الحدودية الفاصلة بين الصومال وصوماليلاند، فهي عاصمة منطقة سول شمال البلاد، وتزايدت في الفترة الأخيرة وتيرة العنف ونتج عنها سقوط مئات الضحايا والمصابين ونزوح الآلاف خوفًا على حياتهم جراء هذا الصراع الدموي، فضلًا عن تدمير البنية التحتية للبلاد.
يقول الباحث جمال عبد الحميد، الخبير في العلاقات الدولية، إن العنف المتزايد في «لاسعانود» يعكس الصراعات القبلية هناك إذ تؤدي العشائر دورًا محوريًّا في وصول السياسيين للسلطة في صوماليلاند، وتتمثل أحد أسباب مشكلة «لاسعانود» في الانتقادات المتزايدة من قبل العشائر الطرفية لهيمنة عشائر إسحاق، على السلطة في صوماليلاند منذ انفصالها الأحادي في عام 1991، مشيرًا إلى أن عشيرة دولبهانت تشكل الأغلبية في منطقة سول، وعاصمتها لاسعانود، تليها عشيرة ووارسنقلي.
ويضيف الباحث إن عشائر سول تفضل فكرة الانضمام إلى مقديشو بدلًا من البقاء داخل صوماليلاند، باعتبار أن انفصال الأخيرة يخدم مصلحة عشائر إسحاق، وذلك سبب تصاعد الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والميليشيات العشائرية، لاسيما منذ ديسمبر 2022، عندما تحولت الاحتجاجات هناك إلى انتفاضة واسعة من قبل عشيرة دولبهانت، والتي دعت للعودة إلى الفيدرالية الصومالية الموحدة، ما أدى لزيادة وتيرة المواجهات المسلحة.
ضوء أخضر لحركة الشباب الإرهابية
وأكد الخبير في الشأن الدولي، ضرورة إنصات صوماليلاند لصوت العقل وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الذي طالب بالانسحاب فورًا من مدينة لاسعانود، كما طالب جميع الأطراف بالتوقف عن العنف، حتى يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن استمرار الصراع الدائر هناك يمنح الضوء الأخضر لحركة الشباب الإرهابية لنشر عناصرها داخل المدينة المنكوبة، مستغلة حالة الفوضى وعدم الاستقرار الناجمة عن الصراع الدائر مما يزيد من التهديدات الإقليمية المحتملة الأمر الذي يؤثر بصورة سلبية على أمن القارة السمراء.
وأوضح، أن هشاشة الأوضاع في الصومال تمنح حركة الشباب الإرهابية قبلة الحياة، وتجعلها قادرة على تنفيذ أنشطتها، وتجنيد المزيد من المقاتلين، وتنفيذ الهجَمات الإرهابية، ما يهدد أمن واستقرار إفريقيا لقدرتها على السيطرة على موانئَ بحريةٍ مطلّة على المحيط الهندي، وتهديد مدخل البحر الأحمر، الذي يُمكِّنها من الحصول على الدعم اللوجستي وتجنيد المقاتلين، فضلًا عن تمويل أنشطتها بواسطة تجارة المخدِّرات والأسلحة والبشر، والتعاون مع التنظيمات الإرهابية في شبه الجزيرة العربية واليمن.
تعاون الشباب مع القراصنة
ويُضاف إلى ذلك ــ والحديث للباحث ـــ إمكانية تعاون حركة الشباب مع القراصنة في شنِّ هجَمات على البحر، ولا سيَّما في المناطق المعرضة للخطر، مثل: ساحل الصومال، والبحر الأحمر، وخليج عدَن، وشرقي إفريقيا؛ فقد مدحت حركةُ الشباب القراصنةَ، وألمحت إلى إمكانية التعاون معهم في وقت سابق، لتعويض خسارتها لمعاقلها في المدن الساحلية، وحرمت السيطرةَ على الموانئ الإستراتيجية، ولا سيما ميناء براوي، وميناء كيسمايو، وميناء ماركا، التي كانت ذاتَ يوم مراكزَ مهمَّة لتوريد الأسلحة والمقاتلين الأجانب.
وأكد الخبير في الشأن الدولي أن عودة الاستقرار
في الصومال يقطع الطريق أمام حركة الشباب التي تعاني في الفترة الأخيرة من تضييق الخناق
عليها من قبل القوات الأمنية الصومالية والشركاء الدوليين، ونتج عن ذلك اعتقال وتصفية
العديد من عناصرها الأمر الذي يجعلها غير قادرة على تجاوز عملياتها لحدود الصومال،
إذ أنها في موقف دفاعي طوال الوقت تسعى من خلاله إلى البقاء فقط وأكبر دليل على ذلك
تراجع عملياتها الإرهابية بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة.





