هل يبحث «شيخ محمود» عن دفء أحضان الدب الروسي؟
يغلف الغموض وعلامات الاستفهام، الزيارة المفاجئة التي أجرها أبشر عمر جامع وزير الخارجية الصومالي إلى العاصمة الروسية موسكو، منذ عدة أيام، عقد خلالها لقاءات مع مسئولين على رأسهم نظيره الروسي، سيرجي لافروف.
وفتحت زيارة أبشر عمر جامع، وزير الخارجية الصومالي إلى العاصمة الروسية موسكو، بابًا أمام التكهنات حول التعاون العسكري بين البلدين عبر مد موسكو مقديشو بالأسلحة والمعدات العسكرية لمساعدتها في حربها على الإرهاب، لا سيما حركة الشباب التي تعد تهديدًا حقيقيًّا لأمن واستقرار الصومال، بالتزامن مع الفتور الذي يشوب العلاقات الأمريكية ــ الصومالية، ما يهدد نفوذ واشنطن في القرن الأفريقي.
دلالات الزيارة
يؤكد الدكتور أحمد العناني الباحث في الشؤون الدولية، أن زيارة وزير خارجية الصومال إلى موسكو تعكس العديد من الدلالات في مقدمتها رغبة الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، في التقارب مع روسيا وتعزيز العلاقات بينهما، في محاولة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب بواسطة التعاون مع القوى الدولية فضلًا عن الضغط على واشنطن باستخدام ورقة موسكو غريمها التقليدي لاستمرار دعمها في مكافحة الإرهاب.
وأضاف الباحث في الشؤون الدولية، أن محاولات التقارب الروسي الصومالي تزعج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يحاول منذ توليه قيادة الولايات المتحدة الأمريكية إعادة الوجود العسكري المباشر لقواته في الصومال، مُلغيًا قرار الرئيس السابق دونالد ترامب، بسحب القوات الأمريكية من الصومال، وذلك حتى لا يترك الساحة خالية للوجود الروسي في المنطقة الحيوية بالنسبة للقوى الغربية، ولا سيما في ظل توجه النظام الصومالي لتعزيز التقارب مع روسيا والصين على حساب الغرب، في محاولة للحصول على دعم عسكري أوسع يعزز قدرات القوات الصومالية في حربها ضد حركة الشباب الإرهابية.
وأكد الباحث أن أكبر دليل يعزز المخاوف الأمريكية من فقد نفوذها لصالح روسيا هو ما أعلنه سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي عن استعداد موسكو لمنح مقديشو دعمًا عسكريًّا لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة، عبر توقيع اتفاقية تعاون مشترك تقضي بالدعم العسكري الروسي للحكومة الصومالية وتقديم برامج تدريب للقوات الصومالية.
موقف الصومال من الحرب الروسية ــ الأوكرانية
وأضاف الدكتور أحمد العناني أن زيارة وزير الخارجية الصومالي إلى موسكو تعكس تغييرًا في موقف مقديشو من الحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة منذ 24 فبراير 2022، حيث كان الصومال من أول الدول الإفريقية التي أدانت الحرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن بسبب الصعوبات والتحديات التي يواجهها الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، في حربه ضد حركة الشباب الإرهابية جراء ضعف قدرة قوات الأمن على الاحتفاظ بالمناطق المحررة حديثًا وتحقيق الاستقرار فيها، يسعى شيخ محمود للتقارب مع روسيا، سواءً للحصول على دعم موسكو في ملف الغذاء، أو لطلب الدعم العسكري الروسي لتعزيز قدرات القوات الصومالية في حربها ضد الإرهاب.
الارتماء في أحضان الدب الروسي
وأكد الباحث في الشؤون الغربية أن ما يدفع مقديشو للارتماء في أحضان الدب الروسي هو القيود المفروضة عليها في تسليح الجيش، ما يجعل الأفضلية تصب في مصلحة الحركات الإرهابية وعلى رأسها الشباب، لذا يعد التعاون مع موسكو أفضل الحلول لمواجهة هذه الأزمة ولاسيما أنها طالبت في أكثر من مناسبة بضرورة رفع الحظر المفروض على الصومال وسط رفض أمريكي وأوروبي، ما يفتح الباب أمام عقد صفقة تقضي بتسليح الجيش الصومالي مقابل دعم مصالح موسكو في منطقة القرن الإفريقي، وتعزيز التقارب بين الجانبين.





