ad a b
ad ad ad

المدارس الدينية.. محو الهوية الثقافية في مقابل فرض الأيديولوجيا الطالبانية

الخميس 05/أكتوبر/2023 - 07:38 م
المرجع
محمد شعت
طباعة
بعد الصعود الثاني لحركة طالبان الى السلطة في أفغانستان منتصف أغسطس عام 2021، اتجهت الحركة إلى فرض أيديولوجيتها وأفكارها عبر أدوات كثيرة، لعل أخطرها إنشاء المدارس الدينية، في مقابل تضييق الخناق على المدارس المدنية والمناهج الحديثة، وطمس كل ما يخالف توجهات الحركة وأفكارها ومعتقداتها.

دعم لا محدود

خلال العام الماضي واجهت العملية التعليمية في أفغانستان أزمات متلاحقة في جميع المراحل، بسبب قرارات حكومة طالبان، حيث تم إلغاء تعليم الفتيات فوق الصف السادس، ثم منع الفتيات من دخول الجامعات، أو حتى أداء اختبارات أو امتحانات التخرج، لتضيع رحلة الدراسة بالنسبة لآلاف الفتيات بعدما أوشكن على التخرج.

وفي الوقت نفسه سعت طالبان إلى تعديل المناهج، الأمر الذي أعلن عنه مرارًا ندا محمد نديم وزير التعليم في حكومة طالبان، الذي يرى أن المناهج الحالية في المدارس أو الجامعات لا بد من تحديثها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، خاصة المناهج المتعلقة بالعلوم الإنسانية؛ لأنه- وفق الحركة- فإن هذه المناهج تضم أفكارًا غربية وقد تكون مدخلًا للكفر.


في المقابل تسرع الحركة الخطى في إنشاء المدارس الدينية في كل منطقة ومدينة في البلاد، وتقديم عوامل الجذب للالتحاق بهذه المدارس، ومنها الدعم المادي الذي يتمثل في رواتب شهرية للدارسين، ولا يقتصر الأمر على التحركات الرسمية، لكن بعض قادة طالبان يقدمون على إنشاء مدارس دينية بشكل غير رسمي في العديد من المناطق.


ووفق تصريحات الملا كرامة الله أخوندزاده، نائب مدير التربية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم في حكومة طالبان، فإن إنشاء المدارس الدينية جزء من خطة العمل في الإطار الرسمي للحكومة، والعديد من الفتيات بدأن في الآونة الأخيرة الدراسة في المدارس الدينية.


ويولي زعيم حركة طالبان هيبة الله خواند زاده، اهتمامًا كبيرًا بالمدارس الدينية، حيث كشفت تقارير محلية عن حجم الأموال التي يتم تحويلها لتلك المدارس، ومنها دعم المدارس الدينية في مدينة غزنة جنوب غربي العاصمة كابل، التي يوجد بها وفق إحصاءات رسمية 762 مدرسة مسجلة لدى وزارة التربية والتعليم، بـ 50 مليون أفغاني.


ورصدت تقارير محلية تدفق دعم مالي كبير على المدارس الدينية غير الرسمية أيضًا في ولاية "تخار" شمال شرقي البلاد؛ لتشجيع الطلاب للانضمام إلى تلك المدراس، في ظل العقبات التي يواجهونها في المدارس الأخرى، وعدم وجود الدعم المتوفر لطلاب المدارس الدينية.


تخريج جيل مقاتل

يبدو أن حركة طالبان تسعى إلى تخريج جيل من المدارس الدينية يؤمن بأفكار الحركة وعقيدتها، ويمكن دمجه مستقبلا في قوات الجيش أو الأجهزة التابعة للحركة، وهو ما حدث خلال الفترة الأولى من سيطرة طالبان على أفغانستان، حيث بدأت في إنشاء مدارس دينية في مختلف مقاطعات البلاد، من ننجرهار وقندهار إلى هرات وتخار وبلخ.

ولجأت طالبان إلى الزج بطلاب هذه المدارس في المواجهات العسكرية للحركة، لكن الصعود الأول للحركة لم يستمر طويلًا، وبالتالي لم تتمكن من إتمام مشروعها الذي تسعى إلى إحيائه، ورغم الانتقادات الدولية لسياسة طالبان التعليمية فإن الحركة ماضية في مشروعها، وتحاول بكل الطرق أن يكون التعليم داخل هذه المدارس على الطريقة الطالبانية.


وتستعين طالبان في هذه المدارس بمعلمين ينتمون للحركة، ولديهم خبرة قتالية واسعة، مع عدم الاعتماد على المعلمين التابعين لوزارة التربية والتعليم في ظل حرص الحركة على الالتزام بمنهج تعليمي خاص بها، وهو الأمر الذي أعلنه أحد قيادات الحركة بأن لديهم خطط لإنشاء مدرسة دينية مركزية في كل محافظة وأيضًا إنشاء من 5 إلى 10 مدارس صغيرة في كل منطقة، وفقًا لاحتياجات الدولة "بحسب تعبيره".

"