إيران.. إقصاء آخر الإصلاحيين عن السلطة يفتح باب الجدل مجددًا

شهدت الساحة السياسية الإيرانية مؤخرًا إقصاء آخر رموز التيار الإصلاحي المتبقين في السلطة، ما أثار انتقادات حادة وجدلًا واسعًا حول خطط رأس النظام في التعامل مع هذا التيار السياسي الذي ظل في المشهد لفترة طويلة قبل أن يتم تقليم أظافره وإبعاد رموزه عن كل السلطات بشكل متتالٍ.
وأتت الاستقالة المفاجئة لأمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، بشكل غامض ومتعجل بعد فترة من الحديث عن وجود خلافات بين الرجل وقيادات أخرى في منظومة الحكم.
وتم الإعلان عن تلك الخطوة بشكل غامض من جانب علي شمخاني نفسه عبر صفحته على موقع "تويتر" الذي يحجبه النظام عن مواطنيه.
ويعكس اختيار شمخاني هذه المنصة الرقمية وكذلك تأكيد موقع "نور نيوز" المقرب من مجلس الأمن القومي الاستقالة أيضًا عبر موقع "تويتر" تكشف مدى عدم اقتناع المسؤولين الأمنيين بعدم جدوى الحجب، وعدم اختيار تطبيقات داخلية معروفة بضعفها وسوء جودتها للإعلان عن الاستقالة.
كما ألقت صحيفة "مردم سالاري" الضوء على أن استقالة شمخاني لم تكن شبيهة بالاستقالات السابقة في حكومة رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، وهي أقرب إلى العزل منها إلى الاستقالة، وذلك لأنه ينتمي إلى المسؤولين في عهد الرئيس الاصلاحي السابق حسن روحاني.
ونقلت الصحيفة كلام الناشط السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي، الذي تساءل عن جدوى هذا التغيير وما الإجراءات التي من المقرر أن يعتمدها المسؤول الجديد الذي سيتولى أمانة مجلس الأمن القومي خلفا لشمخاني، وأوضح أن كل شيء غامض وفي هالة من الإبهام حول سبب هذا التغيير وماهية الإجراءات المرتقبة.
أما صحيفة "آفتاب يزد" فقد لفتت إلى أن تعيين علي أكبر أحمديان خلفًا لشمخاني لم يكن متوقعًا، وإن المرشد قام أولًا بتعيينه في مجلس الأمن القومي، ثم عينه رئيس الجمهورية أمينًا لهذا المجلس في خطوة سريعة ومنسقة.
وتوقعت الصحيفة ثلاثة سيناريوهات لأمين مجلس الأمن القومي بعد استقالته من منصبه؛ الأول السعي لتشكيل تحالف برلماني لخوض الانتخابات البرلمانية والفوز بمقعد رئيس البرلمان، والسيناريو الثاني يتمثل في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقرر عقدها بعد عامين، مؤكدة أن شمخاني يستطيع أن ينال تزكية المعتدلين والإصلاحيين أيضًا لخوض هذه الانتخابات، وأن يكون المرشح الرئيسي في مواجهة التيار الأصولي، أما السيناريو الثالث، فهو الابتعاد عن المشهد السياسي والاكتفاء بتقديم استشارات للمرشد علي خامنئي والمؤسسات الأمنية والعسكرية.
وبإقالة شمخاني يتخلص المرشد الأعلى علي خامنئي من آخر مسؤول إصلاحي غير حزبي في الحكومة، بعد أن تولى المنصب 8 سنوات في عهد حكومة الرئيس السابق حسن روحاني.
ونوهت صحيفة "جمله" إلى أن شمخاني تم عزله من منصبه ولم يستقيل طوعيًّا وذلك تحت عنوان "العزل بالإيماء والإشارة"، أما صحيفة "اعتماد" فقد ناقشت ما إذا كان السبب وراء عزل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي هو خوف المتطرفين من إحياء الاتفاق النووي، بعد أن نجح شمخاني في التفاوض مع المملكة العربية السعودية والاتفاق على استئناف العلاقات بعد قطيعة معها دامت لسنوات.
وجدير بالذكر أنه تم منع علي لاريجاني من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية رغم كونه ظل لسنوات رئيسًا لمجلس الشورى ومع ذلك فإن مجلس صيانة الدستور الموالي للمرشد الأعلى علي خامنئي والتيار الأكثر تشددًا، قرر استبعاده من أجل إفساح الطريق أمام إبراهيم رئيسي الذي كان رئيسًا للسلطة القضائية في ذلك الوقت.
وأدت تلك الخطوات إلى شعور المتظاهرين المعارضين باليأس من الاعتماد على التيار الإصلاحي في تغيير سلوك النظام ورفع المتظاهرون قبل ذلك شعار "لا إصلاحيين ولا أصوليين انتهت القصة" وغيرها من العبارات الدالة على يأسهم من دور مؤثر للإصلاحيين.