حقبة صعبة.. نيجيريا تعيش بين الإرهاب والجريمة المسلحة ودعوات الانفصال
حقبة عصيبة
فدولة نيجيريا، والتي تصنف من الدول الأكثر في عدد السكان في القارة الإفريقية، تعيش فترة زمنية عصيبة نتيجة الأزمات الكبيرة التي تعيشها البلاد، حيث يطوق إرهاب جماعة بوكو حرام في شمال البلاد، والحركات الانفصالية في جنوب البلاد.
ففي جنوب نيجيريا، يدعو المتمردون إلى الاستقلال، وفي الوسط تتناحر المواجهات القبلية مع بعضها البعض، أما في الشمال فتنتشر جماعة بوكو حرام والتي تسيطر على الشمال بأكمله، نتيجة انعدام الأمن في تلك المنطقة الحدودية مع النيجر وتشاد، أما باقي أنحاء البلاد، فلم تُرحم من العنف حيث يحاصرها الاضطراب الأمني من جميع النواحي.
«إيبو» والنفط النيجيري
وتنتشر جماعة مسلحة تسمى «إيبو»، حيث تتمركز في منشآت إنتاج النفط النيجيري بالجنوب، وهذا ما يفسر انتشار الحركات الانفصالية في تلك المنطقة، حيث يطالبون الحكومة بالاستقلال، وتستهدف بشكل أساسي المقرات الحكومية وتستولي على النفط الخام.
وفي الشمال ومع انتشار جماعة بوكو حرام، توجد أيضًا جماعة أنصار الشريعة والتي توالي تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى قُطاع الطرق والميليشيات القبلية، التي تستفيد من الفوضى المنتشرة في البلاد، على الرغم من حالة الحرب التي يشنها الجيش النيجيري منذ فترة طويلة.
نذير شؤم
وفي السياق ذاته، قالت نورهان شرارة، الباحثة في الشأن الإفريقي، إن الوضع الأمني في نيجيريا حاليًا نذير شؤم على مستقبل الشعب النيجيري والحكومة أيضًا فرغم أن التخوفات من تحركات بوكو حرام بعد لانتخابات الرئاسية لم تنته بعد، حتى ظهرت العصابات المسلحة والتي أرهقت الجيش ومازالت تقوم بعمليات الخطف والنهب والترويع، فبين إرهاب بوكو حرام في الشمال الشرقي والمتمردون والعصابات في الشمال الغربي يئن الشعب النيجيري منذ سنوات عدة علاوة على الصراعات الدينية والعرقية الناتجة عن التركيبة الإثنية المعقدة لنيجيريا والتي دفعت البلاد الاشتباكات عرقية دامية راح ضحيتها المئات من المدنيين ودفعت الآلاف إلى الفرار.
وأكدت شرارة في تصريح خاص لـ«المرجع»، أنه بهذه الصور فإن نيجيريا والتي تعد البلد الأكثر سكانًا في إفريقيا ومن الدول الأغنى على مستوى القارة السمراء لا تتحمل أي اضطرابات أمنية، موضحةً أن مع ظهور جماعة إيبو المسلحة في الجنوب ومطالبتها بالانفصال والاستقلال عن الحكومة المركزية لتخطو خطوة سريعة نحو انهيار الدولة وهو ما يسعى إليه الإرهاب دائمًا ليستطيع إحكام قبضته على البلدان.
وأضافت الباحثة في الشأن الإفريقي، أن ذلك يرجع لمناداة الانفصاليين باستقلال الجنوب بسبب تمركز منشآت إنتاج النفط في هذه المنطقة وكذلك العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، مؤكدة أن استخدام جماعة إيبو العنف تجاه أفراد الشرطة ومؤسسات الدولة وسيلة ضغط على الحكومة لتلبية رغبتهم في الانفصال في مقابل مواجهة غير مجدية من الجيش الذي يحارب الإرهاب في جميع بقاع نيجيريا.
وأشارت إلى أن الوضع الأمني في نيجيريا يزداد سوءًا يومًا بعد يوم وأصبح الإرهاب سواء من الجماعات الإرهابية والتنظيمات أو العصابات أو الجماعات المسلحة خطر يداهم الحكومة والشعب كل دقيقة.
وتابعت؛ ومع ظهور توترات عرقية في عديد من الولايات ووسط دعوات لانفصال الجنوب المضطرب والغنى بالنفط، كما ذكرنا سالفًا، إلى الاستقلال وسعي جماعة بوكو حرام المتشددة إلى إقامة دولة إسلامية في الشمال الشرقي من البلاد لم يعد هناك فرصة للتهاون في التعامل مع مثل هذه الدعوات. حيث يبلغ عدد سكان نيجيريا 180 مليونًا ينقسمون بشكل متساوٍ تقريبًا بين مسيحيين ومسلمين، بالإضافة إلى نحو 200 عرقية مختلفة تتعايش غالبًا بشكل سلمي مع بعضها البعض منذ سنوات، فظهور هذه الدعوات في هذه الظروف الأمنية يُعد خطًا أحمر وتهديدًا لوجود نيجيريا كدولة.





