يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«وباء الكوليرا».. أحدث تداعيات «بوكوحرام» في نيجيريا

الجمعة 12/أكتوبر/2018 - 06:28 م
المرجع
محمد الدابولي
طباعة

باتت معاناة سكان «ولاية برنو» شمال نيجيريا مزدوجة، فإضافة إلى معاناتهم المستمرة من تصاعد العمليات الإرهابية التي يشنها عناصر جماعة «بوكو حرام» الذين يتخذون من الولاية مقرًّا رئيسيًّا لهم، أصبحوا يعانون من تفشي الأمراض والأوبئة القاتلة.


وأصدر مكتب الأمم المتحدة  لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تقريرًا في 6 من أكتوبر الحالي أكد فيه انتشار وباء الكوليرا في ولاية برنو؛ ما أدي إلى وفاة ما يقارب 68 شخصًا، إضافة إلى إصابة 4396 مواطنًا آخر بهذا الوباء، وأشار التقرير إلى أن الحكومة النيجرية بدأت اتخاذ إجراءاتها العاجلة لمكافحة الوباء المتفشي في الولاية.


للمزيد: الأزمات الإنسانية .. سلاح «بوكوحرام» الجديد للتمدد في غرب أفريقيا


وأكدت منظمة الصحة العالمية (WHO)، أن وباء الكوليرا يعد من أكثر الأوبئة تهديدًا لصحة الإنسان خلال الوقت الحاضر؛ فالكوليرا عبارة عن عدوى حادة تصيب الأمعاء تتسبب في إسهال شديد، ويُعد تناول مياه وأطعمة ملوثة بـ«بكتيريا الكوليرا» هو السبب الرئيسي وراء الإصابة بهذا المرض.


وأكدت منظمة الصحة العالمية، أن ما بين 1.3 و4 مليون حالة يصابون بهذا الوباء سنويًّا؛ فيما تقدر الوفيات ما بين 21 ألف إلى 143 حالة بمختلف أنحاء العالم.


ولعل أبرز ما يميز تقرير منظمة الأمم المتحدة حول الأسباب المؤدية لتفشي الوباء هو انعدام التنمية الاجتماعية في بعض المناطق؛ الأمر الذي يؤدي إلي انتشار تلك البكتيريا القاتلة؛ حيث إن انعدام التنمية الاجتماعية يسبب حرمان العديد من المناطق من الحقوق الأساسية، كحقهم في الحصول على مياه نظيفة وصرف صحي جيد منعًا للتلوث.

«وباء الكوليرا»..

الإرهاب والأوبئة

وأخيرًا انبرى العديد من التحليلات، مثل دراسة «التمرد والإرهاب والجريمة المنظمة والاحتباس الحراري: تحليل العلاقة بين التغيرات المناخية والجماعات المسلحة»، الصادرة عن مركز Adelphi الألماني المتخصص في دراسات التغير المناخي، إلى ربط الظاهرة الإرهابية بظواهر بيئية، مثل التغير المناخي وانتشار الأوبئة القاتلة.


وذهبت تلك التحليلات إلى أن العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والكوارث البيئية والصحية علاقة اعتماد متبادل؛ حيث استغلت تلك التنظيمات الأزمات البيئة والصحية في الانتشار وكسب المزيد من المتعاطفين الساخطين على السياسات الحكومية التي تركتهم فريسة للأزمات الصحية والبيئية.


ومن ناحية أخري أسهمت تلك التنظيمات في ترسيخ تلك الأزمات وتفاقمها، وإعاقة الجهود الحكومية المبذولة؛ من أجل معالجتها، والحد من آثارها، فانتشار الجماعات الإرهابية في المناطق النائية يحول دون وصول المساعدات الإنسانية والصحية العاجلة، كما أن جل تركيز الحكومة ينصب على محاربة تلك الجماعات وليس تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق المشتعلة.

«وباء الكوليرا»..

بوكوحرام وانتشار الكوليرا

انطلقت العمليات الإرهابية لحركة «بوكوحرام» عام 2009 من ولاية «برنو» شمال شرق نيجيريا، ومنذ ذلك التاريخ تعاني الولاية من أمرين، أولهما: سيطرة عناصر الحركة الإرهابية على المدينة (رغم جهود الجيش النيجيري لتحريرها)، والأمر الثاني هو انعدام الخدمات الإنسانية الأساسية، مثل المياه النظيفة والصرف الصحي الجيد.


ونتيجة انخفاض الخدمات الإنسانية في الولاية بسبب الحرب الدائرة، باتت أكثر عرضة للأوبئة والمجاعات، وهو ما تجلى خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ حيث تفشي وباء الكوليرا حاصدًا أرواح ما يقارب 70 شخصًا، ومصيبًا نحو 4000 آخرين من سكان تلك المنطقة.


ولم تكن الأزمة الإنسانية الدائرة حاليًّا في شمال نيجيريا محض صدفة، بل سبقتها تحذيرات أممية من خطورة تداعيات الوضع الأمني والإنساني في تلك المنطقة؛ فخلال انعقاد أعمال أسبوع المياه العالمي في العاصمة السويدية ستوكهولم، في أغسطس 2018، تحت عنوان: «المياه والنظم البيئية والتنمية البشرية في قلب الأجندة العالمية»، حذرت نائب الأمين العام للأمم المتحدة «أمينة محمد»، من خطر تلوث المياه في منطقة بحيرة تشاد وشمال نيجيريا.


للمزيد:  التغير المناخي وأثره على تنامي الإرهاب في غرب أفريقيا


كما كشفت «أمينة»، التي شغلت سابقًا وزيرة البيئة في نيجيريا خلال الفترة من 2015 – 2016، تردي الخدمات الإنسانية كالمياه النظيفة والصرف الصحي؛ الأمر الذي يسبب معاناة لسكان شمال نيجيريا، وطالبت بضرورة تطهير تلك المناطق من الجماعات الإرهابية المتطرفة؛ حتى يتسنَّى للحكومة المركزية إدخال الإصلاحات والخدمات الإنسانية لسكان شمال نيجيريا؛ الأمر الذي يُسهم في تقليل الخطر من الإصابة بالأوبئة القاتلة.

"