تصاعدت حدة
الإعدامات في إيران خلال الشهور الأخيرة، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام بحق المعارض
الإيراني حبيب أسيود، والذي يحمل الجنسية "السويدية" أيضًا، وذلك بتهمة الإفساد
في الأرض وتشكيل جماعة متمردة والتخطيط للعديد من العمليات الإرهابية وتنفيذها،
وهي التهم الجاهزة التي تلصقها طهران بالمعارضين سواء بالداخل أو الخارج.
ووفق تقارير إيرانية فقد تم تنفيذ الحكم بحق أسيود بعدما أثبت القضاء
الإيراني في 12 مارس الماضي حكم الإعدام بحقه، وذكر موقع "ميزان أونلاين"
التابع للسلطة القضائيّة أنّ "حُكم الإعدام بحقّ حبيب شعب الملقّب حبيب
أسيود، زعيم جماعة حركة النضال، قد نُفّذ تم تنفيذه، وذلك خلال أوائل شهر مايو
الجاري.
ووفق القضاء
الإيراني فإن أسيود "الشخص الرئيسي في الهجوم الإرهابي في العرض العسكري في
سبتمبر 2018"، حيث قتل ما لا يقل عن 25 شخصًا وجرح 70 بينهم طفل في الرابعة من
العمر، وانتقدت السويد حكم الإعدام ووصفته بالعقوبة غير الإنسانية.
تجاهل الدعوات الدولية
رغم الإدانات الدولية المتوالية لتنفيذ حكم الإعدام بحق حبيب أسيود،
فإن إيران واصلت تنفيذ أحكام الإعدام بحق متظاهرين، حيث أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ
أحكام إعدام في حق ثلاثة رجال لإدانتهم بتهمة قتل أفراد من قوات الأمن خلال
تظاهرات شهدتها البلاد العام الماضي، وهم ماجد كاظمي وصالح مرهاشمي وسعيد
اليعقوبي.
وجاء تنفيذ أحكام الإعدام بحق المتظاهرين الثلاثة رغم دعوات من الولايات
المتحدة الأمريكية بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، والتحذير من الاستمرار في تنفيذ
أحكام جائرة في ظل محاكمات وُصفت بـ"الصورية"، حيث قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية
الأمريكية فيدانت باتيل، إن "إعدام هؤلاء الرجال، بعد محاكمات اعتبرت على
نطاق واسع أنها صورية، سيكون إهانة لحقوق الإنسان والكرامة في إيران وفي كل
مكان".
ووفق تقديرات منظمات حقوقية دولية، فقد نُفذت أحكام الإعدام بحق عشرات
الأشخاص خلال أسابيع، واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش ان الاستمرار في تسريع وتيرة
الإعدامات في إيران يمثل انتهاكًا خطيرًا للحق في الحياة، مطالبة بتوجيه إدانات
دولية للنظام الإيراني، مشيرة إلى أن تهمة "الردة" التي يوجهها النظام
الإيراني للمعارضين لا تستوجب حكم الإعدام وفق القانون الدولي.
سلوك انتقامي
يأتي سلوك النظام الإيراني في إطار الانتقام من المتظاهرين الذين شاركوا
في احتجاجات استمرت لأشهر بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني التي لفظت
أنفاسها الأخيرة بعد احتجازها في مركز تابع لشرطة الأخلاق، بعد احتجازها بحجة
الحجاب المسيء، وهو ما تسبب في ردود أفعال داخلية وخارجية غاضبة.
وتسعى طهران إلى تطويق أي حركات احتجاجية في الوقت الراهن من خلال
تنفيذ أحكام الإعدام لبث الرعب في نفوس المواطنين الإيرانيين، وذلك في الوقت نفسه
الذي تسعى إيران إلى إعادة صياغة علاقاتها مع دول المنطقة، وهو ما قد يؤثر على
المساندة الخارجية لحركات الاحتجاج في الداخل الإيراني.
ويشير السلوك الإيراني المفرط في تنفيذ الإعدامات إلى عدم استعداد
النظام الإيراني لاحتواء الحركات الاحتجاجية في الداخل أو السعي نحو إصلاحات
داخلية لامتصاص الغضب الشعبي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها
الشعب الإيراني، إضافة إلى الاستهداف القوميات غير الفارسية التي تمثل ثقلًا في
الشارع الإيراني.
ومن المتوقع أن
يتسبب تجاهل النظام الإيراني للمطالب الشعبية وترميم الجبهة الداخلية، في انفجار
شعبي مجددًا بعدما هدأت حدة الاحتجاجات، خاصة بعد ظهور بوادر احتجاجية بعد تنفيذ
أحكام الإعدام الأخيرة بحق المتظاهرين، حيث بدأت التجمعات الاحتجاجية مجددًا في
مناطق في طهران، والتي رددت هتافات مناهضة للنظام الإيراني.
وقد تلقى الاحتجاجات الشعبية دعمًا من جانب المنظمات الحقوقية الدولية،
حيث قالت
البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في شأن إيران التي شكلها مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة في بيان إنها "تشعر بقلق عميق إزاء استمرار عمليات
إعدام متظاهرين في إيران دينوا على أساس اعترافات انتزعت تحت التعذيب".