زيلينسكي يستغيث برجل إطفاء العالم.. هل تخمد الصين حريق الأزمة الأوكرانية؟
الخميس 18/مايو/2023 - 04:59 م
محمود البتاكوشي
يحاول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخروج من المأزق الذي وقع فيه منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في ٢٤ فبراير ٢٠٢٢، بسبب مخاوف موسكو من انضمام بلاده إلى حلف الناتو، ونتج عن ذلك تدمير البنية التحتية في الكثير من المدن الأوكرانية، فضلًا عن اقتطاع أجزاء كبيرة من أرضها، لذا يبحث عن وسيط جديد قد يسهم في حل الأزمة.
الصين وسيطا
زيلينسكي وجد ضالته في الصين التي تسعى إلى لعب دور رجل الإطفاء في العالم، إذ سبق وساهمت في حلحلة العلاقات السعودية الإيرانية، وفتحت جهودها الباب أمام عودة العلاقات، لذا يأمل الرئيس الأوكراني أن تلعب دور الوسيط لحل أزمة بلاده مع الدب الروسي بالشكل الذي يجنب أوكرانيا المزيد من الخسائر، ولاسيما أن العلاقات الروسية الصينية في أفضل حالاتها، وأكبر دليل على ذلك اتصاله مؤخرًا مع نظيره الصيني شي جين بينج، وعبر خلاله عن أمله في أن يعطي دفعة للعلاقات مع بكين، ولكنه لم يضع في اعتباره أن تقاربه مع بكين قد يحرمه من الدعم الغربي الذي يحصل عليه نظرًا لعلاقاتهم المتوترة مع التنين الصيني ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يروق لها تعاظم دور بكين على الصعيد العالمي باعتباره يسحب من رصيدها.
جدير بالذكر أن الرئيس الصيني شي جينبينغ، أبلغ نظيره الأوكراني، خلال المكالمة الهاتفية بأن بلاده بصدد إيفاد ممثلين عنها إلى أوكرانيا، فضلًا عن إجراء محادثات مع جميع الأطراف لحل الأزمة، فيما عقبت وزارة الخارجية الروسية قائلة: إن بكين تحاول التمهيد لعملية تفاوض مع كييف، لكن الخارجية الروسية أكدت أن كييف لا تزال تظهر رفضًا لما سمته مبادرات معقولة تهدف إلى تسوية دبلوماسية.
زيلينسكي فقد الثقة
في هذا السياق، أكد الدكتور هشام بشير، أستاذ العلوم السياسية، أن الرئيس الأوكراني فقد الكثير من ثقته في الدول الغربية، إذ يراها ورطته في الحرب مع روسيا، وأدخلته معركة لا ناقة له فيها ولا جمل، لذا يدرك جيدًا أهمية اللجوء إلى طاولة المفاوضات تحت مظلة صينية، خاصة مع قرب إجراء انتخابات في مناطق ضمتها روسيا لأراضيها منها زابوريجيا وخيرسون، وبالتالي هو أمر فيه استفادة مزدوجة فكل النجاحات التي أحرزتها الصين سياسيًا على الملعب العالمي تتقاسم شريكها روسيا فيها، نظرًا لمصالحهما المشتركة في الكثير من بؤر الصراع والنفوذ، وكونها مصالح متعاركة مع الهيمنة الأمريكية.
وأضاف بشير أن زيلينيسكي يبذل جهودًا كبيرة في الفترة الأخيرة للخروج بأقل الخسائر من حربه مع روسيا، واضعًا مصلحة ما تبقى من بلاده فوق كل اعتبار، خاصة أن الدعم الغربي لم يحم أوكرانيا من الدمار، فخسائره الاقتصادية والسياسية باتت أكبر من قدرة حلفائه على الوفاء بالالتزام بتجاوزها عسكريًّا وماديًّا في العام المقبل، وأنه بات من الضروري وجود طريق للعودة وتصحيح المسار.
مبادرة الـ12 بندًا
وأكد الخبير السياسي أن الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا طوال العام الماضي لم يحل الأزمة مع روسيا، وبالتالي كان لا بد من البحث عن بديل قوي يمكنه تقديم حل فعلي على الأرض دون تنازلات مخلة بأهداف كييف وحقوقها، وله القدرة على الحديث مع الروس عن قرب، وتذليل الصعاب تمهيدًا لاتفاق، لعله وجد ضالته في الصين وخاصة أن فرنسا سبق لها اختيار الصين كوسيط لحل الأزمة الأوكرانية المشتعلة بعد أن استطاعت بكين إنهاء العديد من الحلول لأزمات كانت مستعصية، وأبرزها التقارب السعودي الإيراني بعد 7 سنوات من التوتر، فضلًا عن استعداد صيني واضح لبذل الجهد السياسي والدبلوماسي لإنهاء أزمة أوكرانيا، بفضل قوة العلاقات الروسية الصينية تسمح لبكين بلعب دور الضغط السياسي في طريق حلحلة الصراع.
وأشار إلى أن الصين سبق أن تقدمت بمبادرة من 12 بندًا لإنهاء الصراع لكنها لم تلق ترحيبًا غربيًّا، خوفًا من زيادة النفوذ الصيني، لذا من المؤكد أن الدول الغربية ستحاول بشتى السبل منع هذا التقارب، وفي حالة حدوثه قد تمنع مساعداتها عن أوكرانيا بهدف تأديب زيلينيسكي، وإن كان ذلك يضر بالمصالح الغربية، إذ إنهم يعتبرون أوكرانيا خط دفاعهم الأول ضد الدب الروسي، وهزيمته يعني تراجع شعبية رؤساء الدول الغربية ولا سيما الرئيس الأمريكي جو بايدن.





