فاجنر.. خنجر في خاصرة السودان المثخن بالجراح
بعد تزايد الحديث عن دخول قوات فاجنر الروسية، على خط الأزمة السودانية، ينتاب الأوساط الدولية القلق، حيث توجد تلك القوات في جهات محاذية للسودان مثل الشرق الليبي وإفريقيا الوسطى والسودان أيضًا.
وبرّر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وجود مجموعة فاجنر في القارة الإفريقية قائلًا إنّ الحكومات والسلطات الشرعية في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والسودان وعدد من الدول الأخرى طلبت من "فاجنر" تقديم خدمات، مشيرًا إلى أنها شركة أمنية خاصة.
وفي المقابل، أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن قلقه لوجود مجموعة فاجنر الروسية في السودان، مضيفًا أن تلك القوات النشطة في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والمشاركة في حرب أوكرانيا، تجلب معها أينما تحركت المزيد من الموت والدمار.
الازدهار في أجواء القلاقل السياسية والأمنية
قوات فاجنر الرسية التي يمتد نشاطها إلى حقول عدة تبدأ بالتسليح والتدريب ونشر المرتزقة، إضافة إلى الأنشطة الاقتصادية التي تنمو في الظل، تزدهر في أجواء القلاقل السياسية والأمنية، وهو ما يجعل السودان المضطرب مكان استثمار رابح لفاجنر، ومن خلفها موسكو.
ويقول محمد الشرقاوي، الباحث المختص في شؤون حركات العنف وملفات الأزمات، إن عناصر فاجنر، تخوض حربًا بالوكالة في السودان، مؤكدًا أن التجربة أثبتت ذلك بالنظر لوضع الشركات الأمنية في الإقليم، وعلى المتشكك رؤية الوضع في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ«المرجع» أن التخوفات الدولية من وجود عناصر فاجنر في السودان في محلها، كونها تعرقل أي محاولات للحل، وتزيد من تصاعد حدة الاشتباكات، ناهيك عن المساس بالسيادة الوطنية.
وأشار الباحث في كلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، إلى أن وجود فاغنر في السودان، بدأ منذ ديسمبر 2017 لتقديم الدعم السياسي والعسكري للرئيس المعزول عمر البشير، كإحدى نتائج المفاوضات الروسية السودانية في نوفمبر من العام نفسه، حيث تم الاتفاق على صفقات اقتصادية وأمنية، تضمنت مجموعة من امتيازات تعدين الذهب لشركة إم-إنفست، وهي شركة روسية مرتبطة بفاجنر.
وتابع قائلًا، إن أنشطة فاجنر استمرت في السودان حتى بعد سقوط نظام البشير، ودخلت في مواءمات مع السلطات السودانية وحركات انفصالية بما يضمن لها البقاء في البلد، لرعاية مصالحها، مشيرًا إلى حفاظها على المكتسبات التي منحها لها البشير في قطاع التعدين وتحديدًا في مخلفات التعدين في الذهب، نظير مساعدته في دخول الكرملين في 2017، ويوليو 2018.
أزمة معقدة
من جهته يقول محمد ربيع الديهي، الباحث في الشؤون الدولية، في تصريح خاص لـ«المرجع»، إن الأزمة السودانية أزمة معقدة تتشابك فيها أطراف الداخل مع الخارج، وفي سياق ذلك برز الحديث عن قوات فاجنر الروسية، خاصة بعد إعلان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في واشنطن أن فاجنر مستعدة لتقديم خدماتها للشعب السوداني اإذا طلب ذلك، الأمر الذي قد يزيد من حدة تأزم المشهد السوداني.
وأشار الباحث، إلى أن حضور قوات فاجنر الروسية يأتي في سياق تأمين الشركات الروسية العاملة في السودان، خاصة في مجال الطاقة ومجال التنقيب عن الذهب، ما يعني أن احتمالات إقحامها في الأزمة السودانية وارد وبشدة لدعم طرف ضد الآخر، إذا ما تضررت مصالح روسيا وهو ما يعني أن احتمالات تدخلها سيزيد من تعقيد المشهد السوداني.





