«عبدالفتاح مورو».. ثعلب إخوان تونس
السبت 30/يونيو/2018 - 07:08 م
حور سامح
يُعَدُّ المحامي «عبدالفتاح مورو»، الرجل الثاني في حزب «حركة النهضة» التونسي (الذراع السياسيَّة لجماعة الإخوان في تونس)، ومن أبرز زعماء التيار الإسلامي بعد راشد الغنوشي، زعيم الحركة، منذ تأسيسهما أول نشاط ثقافي ديني في تونس.
بدأ «مورو» عمله الدعوي عام 1960 في المساجد والمدارس الدينية، ليتجه بعد ذلك للعمل السياسي؛ حيث اتفق عام 1973 مع «الغنوشي»، على تأسيس حركة إسلامية، وبعد محاولة عقد اجتماع لما يقرب من 100 شخص، اعتُقل المؤسسان على أثر ذلك الاجتماع.
وبعد الخروج من المعتقل، عقد «مورو» العزم على تأسيس منظمة سرية (الجماعة الإسلامية)، بدأها بالتواصل مع الإخوان، ونشطت المنظمة بعد أن انهمرت عليها التبرعات، فنشرت عددًا من الصحف والكتب والمجلات؛ ما جعلها تلقى انتشارًا كبيرًا في تونس.
وفي عام 1981، غيّرت الجماعة الإسلاميَّة اسمها؛ لتصبح «حركة النهضة»، وإثر مخالفات قانونية للحركة دخل «مورو» السجن مرة أخرى بين عامي 1991 و1992، فتراجع نشاط الحركة بشكل كبير، وبعد خروجه من محبسه قرر التوقف عن العمل السياسي، وعودته لمزاولة مهنة المحاماة.
وعقب الثورة التونسيَّة (17 ديسمبر 2010)، عاد «مورو» للعمل السياسي، بعد عودة رفيق دربه «الغنوشي» من المنفى؛ إذ اتفق الطرفان على خوض انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بقائمة مستقلة، ولكنه فشل في تلك الانتخابات، فقرر العودة إلى «حركة النهضة» عام 2012، وأصبح نائبًا لرئيسها راشد الغنوشي.
تصريحات متلّونة
رغم أن «مورو» لم يجد قبولًا شعبيًّا في تونس خلال مشاركته في عدد من الانتخابات، فإنه يُعد المتحكم بشكل كبير في «حركة النهضة»، ويتميز بالذكاء في تصريحاته، وكذلك في قراراته السياسيَّة؛ حيث تخلى عن تمسكه بفكرة تطبيق الشريعة الإسلامية، عندما وجدها غير مقبولة اجتماعيًّا، وسعى للوصول لهدفه، وكسب تعاطف التونسيين، وما يدلل على ذلك قوله، في أحد حواراته الإعلامية: «الأمر قبل أوانه يعاقب بحرمانه».
كما قال خلال حوار أجراه في أكتوبر 2014 مع إحدى الصحف العربية: «من الممكن أن تتوقف الحركة عند مرحلة ما؛ لأن ظروفها لا تسمح لها بالتقدم، ولكن الهدف الأساسي للحركة هو تحكيم شرع الله»، مضيفًا: «سيد قطب كَفَّر المجتمعات لأنها لا تطبق شرع الله».
تأثير أفكار «قطب» على «مورو» كان واضحًا، إلا أن المصلحة كانت تجبره في بعض الأوقات إلى التخلص من تلك الأفكار أو التخلي عنها مؤقتًا؛ حيث قال الأخير في حوار مع جريدة «القدس العربي»، عن اتجاه المجتمع التونسي للتحرر، وارتفاع أسهم حرية المرأة: «أولئك الذين يغرقون في الجدل، متى وماذا تلبس المرأة أو تخلع، ليس مهمًّا متى تخلع الفتاة ملابسها، ومتى ترتديها، الأهم أن تصل إلى قناعة، وتتراكم معرفتها، ويتمايز وعيها، وهذا ما نحاول أن نفعله في المجتمع التونسي اليوم»، في إشارة واضحة لاتباع الحركة سياسة مختلفة للتمكين، حتى وإن تطلب التخلي ظاهريًّا عن بعض مبادئها.
مخطط الحركة التونسية بتطبيق مزاعمهم بشأن الشريعة، الذي ألمح إليه «مورو»، بدا أكثر وضوحًا عندما أطاحت الحركة -بمجرد وصولها الحكم- بجميع الكوادر الإدارية العليا في مؤسسات الدولة، وحلت جميع المؤسسات السياسيَّة التي تدير البلاد؛ ما كشف خطواتها لتغيير كيان الدولة، وتحقيق ما كانت تسعى إليه، ولكن فشلها في تلبية احتياجات المواطنين جعلها تنهار أمام حزب «نداء تونس» في 2014.
وعلى خلفية ترشيح حركة النهضة لـ«الغنوشي» في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال «مورو» في حوار له على قناة «فرانس 24»: إنه في الانتخابات الرئاسية لابد من ترشيح شخص خارج عن الحركة؛ لأن المجتمع غير مستعد لتقبل رئيس من الحزب»، مؤكدًا أن فوز الحركة في الانتخابات البلدية، لا يعني تراجع الحركة للشارع بقوة، ولكنها تشير إلى الحجم الذي تتمتع به، والذي يجب أن نستخدمه في مصلحة الشعب؛ حتى لا نخسر ثقة الجماهير التي حصلنا على أصواتها.





