رعب إسلام أباد.. انعكاسات جديدة لتأثير طالبان أفغانستان على الأمن الباكستاني
السبت 15/أبريل/2023 - 04:22 م
محمد يسري
لم تهدأ العلاقات الأفغانية الباكستانية منذ استيلاء حركة طالبان أفغانستان على السلطة في أغسطس 2021م، حتى كادت أن تكون حربًا غير معلنة بين البلدين، نظرًا لاشتعال الأحداث بصورة مستمرة على خطوط المواجهة سواء الحدودية أو السياسية، وتواجه طالبان أفغانستان مجموعة من الاتهامات، آخرها ما رصدته مجموعة الأزمات الدولية، حول استخدام الجماعات المسلحة للأراضي الأفغانية في تهديد الأراضي الباكستانية.
تقرير الأزمة
أشار تقرير مجموعة الأزمات الدولية في أفغانستان الصادر نهاية مارس الماضي إلى أن القيادة المركزية لحركة طالبان باكستان تتخذ من الأراضي الأفغانية مقرًّا لها، وأنها تدير عمليات الحركة في البلاد من هناك.
وأكد التقرير أن الهجمات زادت بصورة كبيرة بعد فترة وجيزة من سيطرة طالبان الأفغانية على السلطة في أغسطس 2021.
وردًّا على هذه الاتهامات، نفي المتحدث باسم طالبان أفغانستان ذبيح الله مجاهد، ما تضمنه تقرير مجموعة الأزمات الدولية الأخير، وقال في بيان أصدره السبت 1 أبريل الجاري: إنهم لن يسمحوا بذلك لحركة طالبان الباكستانية فحسب، بل وأي جماعة أخرى تحاول أن تشكل تهديدًا من أراضي أفغانستان إلى دول أخرى، إن مشكلة حركة طالبان باكستان هي مشكلة داخلية وليس لطالبان أفغانستان علاقة بما تفعله. وأضاف "إذا حاولوا استخدام الأراضي الأفغانية فلن نسمح لهم أن يفعلوا".
ومع ذلك فإن الواقع يؤيد تقرير المجموعة ويتعارض مع دفاع المتحدث باسم الحركة، فقد بدأ قيادات طالبان باكستان التحركة بأريحية في الأراضي الأفغانية مباشرة بعد استيلاء الحركة على السلطة، وقد تداولت حسابات مقربة من طالبان باكستان صورًا للملا نور ولي محسود زعيم طالبان باكستان، خلال تجوله علنًا في الأراضي الأفغانية وهو يتحاور مع المواطنين الأفغان بعد أسابيع قليلة من وصول طالبان إلى السلطة، كما بدأت تحركات الجناح الباكستاني من الحركة على الحدود الأفغانية وبدأ يشكل تهديدا مباشرًا على الأمن الباكستاني خلال تلك الفترة، بصورة لم تكن معهودة من قبل.
وأكدت تلك التصرفات تصريحات قيادات طالبان باكستان، الذين وصفوا تحركات عناصر الحركة على الحدود بين الدولتين بأنها باتت سهلة فلم يعد هناك مخاوف لديهم من استهداف المسيرات الامريكية لهم أو مراقبة تصرفاتهم.
ارتفاع التهديدات
ومنذ مطلع 2023م ارتفعت وتيرة الهجمات التي نفذها عناصر طالبان باكستان- وفقًا لتقارير محلية- وصلت إلى 42 هجومًا في 12 مقاطعة باكستانية خلال مارس الماضي أدت إلى سقوط 130 مصابًا و39 قتيلًا من قوات الأمن.
وشملت الهجمات أيضًا تسع مناطق في شمال غرب إقليم خيبر بوختونخوا، وثلاث في منطقتين في إقليم بلوشستان الجنوبي. بواقع عشر هجمات في كل من ديرا إسماعيل خان وشمال وزيرستان، وست في منطقة خيبر القبلية، وثلاث في لاكي مروات، واثنتان في كل من جنوب وزيرستان، وبيشاور، ومردان، وواحد في كل من كوهات وبانو إلى جانب هجومين في كويتا. عاصمة مقاطعة بلوشستان وواحدة في منطقة واشوك.
الأسلحة الأمريكية
وكشفت تقارير إذاعية لمحطة "راديو ليبرتي" أن عناصر طالبان باكستان ينفذون هجماتهم عن طريق الأسلحة التي تركتها القوات الأمريكية في أفغانستان قبل مغادرتها، وتم تهريبها إلى باكستان. وأضاف التقرير أن تدفق الأسلحة عبر الحدود بين الدولتين زاد بصورة ملحوظة بعد وصول طالبان إلى السلطة.
وأكد التقرير أن الولايات المتحدة تركت وراءها أسلحة ومعدات عسكرية في أفغانستان تقدر بقيمة 7 مليارات دولار، وأن طالبان الأفغانية استولت على تلك الأسلحة، ومنها ما ظهر في هجمات الجماعات المسلحة الباكستانية في هجماتها ضد القوات الحكومية.
ويرى الدكتور محمد سيد، الباحث المتخصص في الشؤون الآسيوية في تصريحات خاصة لـ"المرجع" أن حركة طالبان على عكس ما تروج لنفسها بأنه حركة محلية، لكن في الحقيقة هي في كل الأحوال تنظيم أممي يتحين الفرصة لفرض هيمنته على دول الجوار سواء عن طريق تثبيت قيادة مركزية في أفغانستان تكون لها ولايات تابعة في دول أخرى، وعلى رأسها بالطبع باكستان التي تنفرد حاليا بوجود جناح آخر من الحركة.
وأشار السيد إلى أن الجناح الباكستاني من طالبان زاد نشاطه بصورة أوسع بعد صعود طالبان إلى السلطة، ويحاول حاليًّا تكرار تجربة الحركة الأفغانية في باكستان، بمساندة منها وقد ظهر التعاون بين الطرفين في وقت مبكر، ويشهد على ذلك ظهور نور ولي محسود زعيم تحريك طالبان في الأراضي الأفغانية بعد استيلاء طالبان على السلطة مباشرة.





