تقية سياسية.. تغيُر في مسار حركة «حمس» الإخوانية يجعلها سندًا للسلطة في الجزائر
الثلاثاء 18/أبريل/2023 - 09:26 م
آية عز
اختار الأيام الماضية أعضاء ما يسمى مجلس الشورى التابع لحركة مجتمع السلم المعروفة إعلاميًّا بـ(حمس)، وهي الذراع السياسية للإخوان في الجزائر، القيادي عبد العالي حساني شريف، ليمون رئيس الحزب الجديد، خلفًا لعبد الرزاق مقري، الذي انتهت ولايته الثانية في الحزب، ذلك وفقًا لما نشرته صحيفة "النهار" الجزائرية، نقلًا عن الجماعة.
وكانت قد جرت مراسم التزكية خلال المؤتمر الثامن الذي عقدته حركة حمس، بالصالون الدولي للمعارض، وذلك بعد انسحاب المرشح عبد المجيد مناصرة في اللحظات الأخيرة.
المنافسون
شرع أعضاء حركة حمس، في انتخاب مندوبيها على مستوى الولايات الجزائرية، قبل انعقاد مؤتمر الحركة، وبرز اسمان متنافسان لخلافة عبد الرزاق مقري، وهما: مدير التنظيم في الحركة عبد العالي حساني، الذي لقي دعمًا كبيرًا من قبل قيادات الحركة، وأعضاء المكتب الوطني، وهو من المحسوبين على جناح مقري، ووزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة.
وعبد المجيد مناصرة، بدأ حملته للترشح مبكرًا، ذلك كان حين أعلن عزمه الترشح على رئاسة حمس في الصحف، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، حتى يستطيع الحصول على تأييد مجلس شورى الحركة الإخوانية، التي تضم يضم أكثر من 300 عضو.
فيما أعلن حساني عن ترشحه للرئاسة في اليوم الثاني من المؤتمر العام، الذي أداره مقري، ودعا أصدقاءه من قيادات التنظيم الدولي للإخوان لحضور فاعليات المؤتمر، وعلى رأسهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
تجديد المسار
عرض عبد المجيد مناصرة، بالتزامن مع ترشحه وثيقة قال إنها تحمل رؤية تجديدية لمسار الحركة المستقبلي. وانطلقت رؤيته من 3 أبعاد، أولها شرح أصول الحركة، واعتبارها لا تقبل التغيير، وبفقدانها تفقد الحركة هويتها. وثانيها تحديد المكتسبات التي حققتها الحركة منذ نشأتها إلى الآن.
والبعد الثالث، هو تأثير التطورات الجديدة في عالم اليوم، تحت سطوة ثقافة العولمة، وتقدم تكنولوجيات الاتصال على طبيعة تفكير الإنسان المعاصر.
كما طالب مناصرة، بتوسيع قاعدة الحركة، وتثمين خيار الوحدة، وتطوير منظومة الشورى والأداء القيادي، وتنافسية الحركة سياسيًّا، وإحياء العمل الشبابي والطلابي، وكذلك تفعيل دور المرأة، وتقديم مشروع لنهضة الجزائر من خلال تيار وطني واسع.
عدم اهتمام
لم يلق برنامج مناصرة أي اهتمام من جانب مجلس الشورى الذي يهيمن عليه عبد الرزاق مقري، بل تعرض لحملة تشويه كبيرة، كما تعرض لاتهامات كثيرة نالت من شخصه، خاصة أنّه أعلن عن ترشحه قبل المؤتمر العام.
يبدو أن عبد المجيد مناصرة، لم يستطع تحمل الحملة الشرسة التي تعرض لها، والضربات التي تلقاها، ووفق صحيفة "الشروق" الجزائرية، شوهد القيادي في الحركة عبد المجيد مناصرة وهو يغادر قاعة المؤتمر العام في يومه الأول، كان ذلك في حدود الساعة الثانية ظهرًا، دون أن يُدلي بأي تصريح، بعدما تأكد بأن الكفة ستميل بنسبة كبيرة لصالح حساني.
وقال مناصرة في منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "سبق أن عبرت عن نيتي في الترشح لرئاسة الحركة، ولما لم تتوفر سبل تحقيق ذلك بالشكل الذي يلائم ما أنا مقتنع به، فضلت عدم تحويل النية إلى فعل أثناء انعقاد مجلس الشورى الوطني".
وأضاف: "وبهذه المناسبة أعتذر لإخواني وأخواتي الذين رشحوني، والذين دعموا ترشيحي عن قناعة، وأؤكد للجميع أن الحركة تبقى تجمعنا ونحن في خدمتها دائمًا".
فوز بالتزكية
ووفق صحيفة "الشروق" الجزائرية، زكى أعضاء حمس عبد العالي حساني رئيسًا بالإجماع، دون دخول أي منافس آخر على الخط، وانتخبوا كلًّا من أحمد صادوق، وناصر حمدادوش، وعبد الكريم دحمان، نوابًا للرئيس، وجميعهم من الجناح الموالي لعبد الرزاق مقري.
هذا يعني أن الحزب الإخواني نجح في إقصاء تيار الإصلاح والتجديد.
بدائل معروضة
حول ذلك الموضوع، قال نائب رئيس الحركة أحمد صادوق: إن المؤتمر الثامن للحركة عقد في ظروف هادئة ميزها التنافس الشفاف والنزيه.
وأوضح صادوق في تصريح إعلامي له، أن جيلاً جديدًا وصل إلى قيادة الحركة بعد الجيل المؤسس ويستعد لنقلها إلى مستوى آخر من العمل السياسي يرتكز على تفعيل دور الأحزاب في المجتمع.
وأضاف أن الحديث عن ضبط نتائج المؤتمر في الكواليس كلام غير سياسي، إنما يعبر أصحابه عن عجز في المنافسة.
كما استدرك أن نتائج المؤتمر كانت تبدو محسومة في البداية؛ لأن عبد العالي حساني معروف لدى المناضلين، ولا يحتاج إلى كولسة.
وفيما يخص التوجهات السياسية الجديدة للحركة بعد انتخاب القيادة الجديدة، نفى صادوق وجود نية لتغيير الخط الذي تسير عليه الحركة والمتمثل في البقاء بالمعارضة مع تقديم البدائل والحلول في التعامل مع السلطة.
وأشار صادوق إلى أن توجهات الحركة يحددها مجلس الشورى، وهي ملزمة لجميع المنتظمين في الحزب.
سند للسلطة
من جهته، قال المحلل السياسي الجزائري علي عبد العزيز: إن التغييرات الجديدة في حركة حمس ستكون في صالح الدولة؛ لأنها سوف تكون سندًا لها، ومن المحتمل أن تعود الحركة لسابق عهدها.
وأوضح عبد العزيز في تصريح لـ"المرجع"، أن حساني سيجعل الحركة قريبة جدًّا من السلطة بسبب السياسية التي يتبعها، بعكس نقري الذي كان يبتعد عن السلطة، ويقترب من الأحزاب المعارضة للدولة، لذلك ستعود الحركة لسابق عهدها ايام فترة حكم أبو جرة سلطاني.
نزاعات داخلية
فيما قال المحلل السياسي عمران خليل: إن حركة مجتمع السلم تشهد منذ فترة كبيرة نزاعات داخلية بين مجموعات مختلفة داخلها، وتتركز تلك النزاعات حول مسائل مختلفة منها الاستراتيجية السياسية والعلاقات مع الحكومة الجزائرية والانتخابات في البلاد.
وأكد في تصريح خاص لـ"المرجع"، أن أعضاء الحركة تتباين آراؤهم، بشأن العديد من مسائل المختلفة التي تتعلق بمستقبل الحركة، وفي الوقت الحالي يتصاعد الخلاف بين المتشددين والمعتدلين داخل حمس.
وأوضح أن هذه النزاعات أدت إلى استقالة عدد كبير من القياديين البارزين في الحركة، وكان من بينهم عبد الرزاق مقري.
وتابع أن النزاع الحالي يتمحور حول موقف الحركة من الحكومة الجزائرية الحالية، وموقفها من الانتخابات الرئاسية الجزائرية القادمة، إذ تختلف الآراء بين المتشددين والمعتدلين بشأن ما إذا كان يجب مقاطعة الانتخابات أم المشاركة فيها، وهذا الأمر بدوره يؤثر على العلاقات داخل الحركة، وسوف يزيد من الانقسامات داخلها.





