تناقضات الحركة.. كيف تدعم قرارات زعيم طالبان الجديدة تهريب المخدرات خارج البلاد
تتضارب قرارات حركة طالبان في أفغانستان بشأن زراعة وتهريب المخدرات، والتي كانت تعتبر مصدرًا خلفيًّا غير شرعي للحركة قبل وصولها للسلطة رغم ادعاءاتها المتوالية بتحريمها، مع أن التقارير الأممية تفيد بزيادة إنتاج مخدر الأفيون بصورة كبيرة بعد وصول "طالبان" إلى السلطة، ومؤخرًا أصدر زعيم حركة طالبان الملا هيبة الله اخوندزاده مجموعة من القرارات المتضاربة في هذا الشأن.
تقرير أممي
نهاية نوفمبر 2022 أصدرت وكالة مكافحة المخدرات التابعة للأمم المتحدة تقريرها السنوي، والذي أشارت فيه إلى أن حركة طالبان في أفغانستان تولي زراعة الخشخاش، والأفيون عناية كبيرة، وأشار التقرير إلى أن نسبة زراعة المخدر زادت بمقدار الثلث منذ وصول طالبان إلى السلطة، حيث تعد أفغانستان أكبر بلد منتج لهذا المخدر على مستوى العالم.
وذكر التقرير أن أسعار مخدر الأفيون الذي يُعد المصدر الأساسي للهيروين زادت في أفغانستان خلال العام الأخير نتيجة الحظر الظاهر على زراعته من قبل الحركة التي تتناقض قراراتها في هذا الشأن، ورغم حظر زراعته في بعض المناطق فإنها تعطي إعفاءات جمركية على تهريبه إلى الخارج، وتسمح بزراعته في مناطق أخرى.
من الحظر إلى الدعم
أصدرت حركة طالبان الأفغانية حزمة من القرارات تحت مزاعم تطهير البلاد من زراعة الأفيون، ورغم أن وزارة الداخلية تنفذ حملات لتدمير العديد من الحقول في بعض ولايات الجنوب خاصة قندهار، فإن ذلك لا يطبق بصورة كافية في جميع الولايات.
وكان نائب وزير الداخلية في طالبان الملا عبد الحق آخوند، أعلن مطلع مارس الجاري أن الوزارة نفذت نحو 3700 عملية لمكافحة المخدرات، وألقت القبض على 4659 من مروجي المخدرات خلال عام 2022م، إضافة إلى تدمير نحو 1147 هكتارا من الأراضي المنزرعة بنبات الخشخاش.
غير أن تقارير محلية أكدت أن زعيم الحركة الملا هيبة الله أخوند زاده أصدر قرارات أخرى تناقض هذا الحظر، وأشارت صحف محلية إلى أن زعيم طالبان أصدر قرارًا قبل دخول شهر رمضان المبارك، يشمل إعفاءات جمركية على تهريب وزراعة المخدرات في بعض الولايات.
ونقلت صحف محلية عن مصادر في ولاية نمروز إن طالبان أعطت مهربي الأفيون في هذه المقاطعة مهلة 10 أشهر لبيع أفيونهم وتهريبه من أفغانستان.
وقالت الصحف إن طالبان أعفت أيضًا مهربي المخدرات في ولاية نمروز من دفع الضرائب والرسوم الجمركية.
وكانت طالبان فرضت ضريبة قدرها 600 أفغاني على كل كيلوجرام من الأفيون وسمحت بتهريبه إلى خارج البلاد عبر حدود هذه المحافظة.
طالبان بين نارين
يقول الدكتور محمد السيد، الباحث المختص في الشؤون الآسيوية، في تصريحات خاصة لـ"المرجع" إن حركة طالبان لا يمكنها الاستغناء بسهولة عن هذه التجارة المحرمة في ظل الظروف الاقتصادية التي تعاني منها، وهذا يفسر سر التناقض في إجراءاتها بين ملاحقة مزارعي هذه المواد في بعض الولايات والسماح لبعضهم بزراعته والاتجار فيه في محافظات أخرى.
وأشار إلى أنه من المعروف أن زراعة الأفيون من أهم موارد الدخل في أفغانستان ليس في ظلِّ حكم طالبان فقط ولكن ذلك منذ سنوات طويلة وتعتبر أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم، موضحًا أنه لا شك أن حركة طالبان تنوي بشكل جاد التخلص من هذه التجارة لكنها تقف بين نارين حاجتها إلى مصادر مالية، ورغبتها في تطبيق منهجها بتحريم المخدرات.
وأكد الباحث المختص في الشؤون الآسيوية أن القضاء على زراعة الأفيون في أفغانستان ليس أمرًا سهلًا لكنها يحتاج إلى وقت.





