عودة العلاقات مع السعودية.. بوابة الأمل للإيرانيين

لم تمض أيام قليلة على توقيع الاتفاق السعودي الإيراني الذي قضى بعودة العلاقات بين الدولتين، حتى ارتفعت أصوات مشككة في مدى التزام طهران بهذا الاتفاق الذي سيعيد خريطة التحالفات الإقليمية في المنطقة، خاصة أن لدى كلتا الدولتين نفوذًا مشتركًا بتوجه مختلف في بلدان عدة، مثل اليمن ولبنان والعراق وأيضًا سوريا.
ويرجع هذا التشكيك كون طهران يحكمها تيار متشدد أيديولوجيًّا ودينيًّا، وهو ما ساهم في وجود دعوات منادية بإقصاء هذا التيار من الحكم وسياسة البلاد الخارجية حتى يكتب للاتفاق الموقع مع السعودية، النجاح على أرض الواقع.
دعوات إيرانية
كانت البداية في 16 مارس 2023، إذ قال النائب الإيراني جليل رحيمي آبادي في تصريحات لصحيفة «جمهوري إسلامي»، إن التيار المتشدد هو المسؤول عن تدهور علاقة طهران مع دول العالم، وإن بلاده كلما كانت تنوي إصلاح علاقتها مع بعض الدول سواء الإقليمية أو الأوروبية تحدث عراقيل من قبل هذا التيار يعيق هذا التوجه الذي يدفع نتيجته في نهاية الأمر المواطنون.
أضاف النائب قائلًا: «لماذا لا يتحمل هؤلاء المتطرفون مسؤولية أعمالهم؟ ألا يجب أن يعترفوا أن تصرفاتهم هي سبب خراب علاقات إيران بدول العالم؟».
أما الناشط الإيراني كمال الدين بير موذن، فدعا من جانبه، في تصريح لصحيفة «آرمان ملي»، الحكومة الإيرانية إلى إقصاء المسؤولين المتشددين الذين يقومون بتصرفات لعرقلة إنجاح الاتفاق الموقع مع الرياض ومعاقبة المتسببين في قطع العلاقات في السابق مع المملكة العربية السعودية، مشيرًا الى أن هذا الاتفاق يمكن أن ينجم عنه مصالح لكلا الطرفين، بعد أضرار عدة تحملتها طهران جراء تصرفات بعض المتشددين، حينما اقتحم محتجون إيرانيون المقرات الدبلوماسية السعودية في طهران ومدينة مشهد في يناير 2016 اعتراضًا على إعدام السعودية رجل الدين الشيعي "نمر النمر".
حفظ ماء الوجه
ورغم الأصوات الإيرانية المرحبة بعودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية، فإن هناك أصواتًا أخرى عبر منصات التواصل الاجتماعي قللت من أهمية الاتفاق.
وحول ذلك، يقول الدكتور «مسعود إبراهيم حسن» الباحث المختص في الشأن الإيراني، إن تلك الدعوات هي نوع من حفظ ماء الوجه بالنسبة لأركان النظام الإيراني المتشدد خاصة، لرؤيتهم أن الاتفاق يمثل عودة للوراء باعتباره سيقيد -وفقًا لوجهة نظرهم- تحركات إيران سواء فيما يتعلق ببرنامجها النووي أو مشروعها الإقليمي الذي تقوم به ميليشياتها المنتشرة في المنطقة.
وعن مدى تأثير تلك الدعوات، لفت في تصريح خاص لـ"المرجع"، إلى أن هذه الدعوات لن يكون لها صدى أو تأثير كبير، نظرًا لأن الاتفاق يمثل "بوابة أمل" بالنسبة للنظام الإيراني أولًا ثم الشعب ثانيًا، لأنه يفتح أبواب للتعاون أمام النظام الإيراني في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية مع دول المنطقة وخاصة الخليج وتحديدًا السعودية.
ونجاح الاتفاق -والحديث للباحث- سيؤدي لأمرين، أولهما مزيد من تطبيع دول المنطقة مع إيران، والثاني المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تشهدها البلاد منذ سنوات.
عوائق إيرانية
وعن مدى نجاح الاتفاق السعودي الإيراني، يوضح الباحث الدكتور «مسعود إبراهيم حسن»، أن الكرة الآن في ملعب نظام الملالي، خاصة أن هناك بندًا في الاتفاق يمنع تدخل إيران في شؤون دول المنطقة، وهذا يتعارض مع الدستور الإيراني الذي يتيح في إحدى مواده، التدخل تحت مزاعم مساندة الدول التي تعاني مما وصفها الدستور "المظلومية"، وهذا الأمر قد يمثل عائقًا أمام استمرار إيران في الاتفاق.
وأضاف أن العائق الآخر، متعلق بكيفية تعامل نظام الملالي مع الميليشيات الموالية له ببعض دول المنطقة كالعراق، سوريا، اليمن، الأمر الذي يطرح تساؤلات، منها، هل تتحمل طهران كلفة خروج تلك الميليشيا من دول المنطقة وتتخلي عن دعمها وهل تلتزم الميليشيات نفسها بأركان المبادرة السعودية الإيرانية؟، هذه الأسئلة كلها، النظام الإيراني وحده الذي يمتلك الإجابة عنها.