الأزمة الروسية الأوكرانية.. ما وراء هجوم بريانسك وحصول كييف على منظومة باتريوت
السبت 08/أبريل/2023 - 09:32 م
محمود البتاكوشي
شهدت مقاطعة بريانسك الروسية، الأيام الماضية تسللًا خطيرًا لمجموعة مقاتلين أوكرانيين عبروا الحدود بين روسيا وأوكرانيا إلى منطقة كليموفسك بمقاطعة بريانسك التي تُعَدُّ مركزًا صناعيًّا كبيرًا، وفتحت النار على السيارات بالمنطقة، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة طفل، 10 سنوات بجروح، كما احتجزت المجموعة 6 مواطنين كرهائن في متجر بقرية ليوبتشاني، يأتي ذلك بالتزامن مع تسلم الجيش الأوكراني منظومة الدفاع الجوي باتريوت التي تمنحها غطاء جيد من الهجمات الروسية المكثفة، فضلًا عن الدبابات ليوبارد، وذلك تمهيدًا لشنِّ هجوم مضاد، كما أسقطت قوات كييف نصف الصواريخ التي أطلقتها روسيا، على عشر مناطق على الأقل، رغم استخدام روسيا صواريخ كينجال فرط الصوتية.
توقع الخبراء أن كييف وفق المعطيات الأخيرة قد تستعيد نغمة الانتصارات بتدبير هجوم معاكس أو تنفيذ ما يُطلق عليه الصمود الفاعل دون انسحابات، كما حدث في محوري سوليدار وباخموت وغيرهما من الأراضي والمدن الاستراتيجية، وأكبر دليل على ذلك توغل الهجمات الأوكرانية في قلب العمق الروسي، في محاولة لرد الصاع صاعين للجانب الروسي، كما حدث في بريانسك، كما ستُسهم الإمدادات بالدبابات الغربية المتطورة في توفير الحماية لقوات أوكرانيا والميليشيات بصورة كبيرة، وتهدف المنظومات التسليحية الغربية المتطورة لتقليل خسائر أوكرانيا في ظلِّ استهداف روسي لمحطات المياه والوقود والطاقة التي تكلف الغرب فاتورة دعم باهظة.
وأكد الخبراء أن دول الغرب الداعمة لأوكرانيا تسعى لإحكام مسألة تدريب الجنود على الأسلحة المتطورة لا سيما دبابات ليوبارد 2، وهو أمر اكتمل في بولندا لضمان الاستغلال الأمثل، وبالرغم من ذلك موسكو لديها ما يكفي من موارد لمواصلة الحرب في أوكرانيا لعامين، وذلك بحسب تصريحات العقيد إيلايجيس بولافيتشوس، رئيس المخابرات العسكرية الليتوانية.
يرى الباحث في الشأن الدولي، أحمد العناني، أن الأحداث التي شهدتها مقاطعة بريانسك، بكل تأكيد هي رسالة وجهت للداخل الروسي من أوكرانيا بأن الحدود من الممكن اختراقها بأي وقت، وأيضًا رسالة نفسية أكثر منها عسكرية للجيش الروسي.
وأضاف العناني أن موسكو تتعامل مع الموقف بهدوء، وتقول إنها ستحاسب المتسللين الأوكرانيين الذين وصفتهم بالإرهابيين، وهو ما يُمَهِّد لمزيد من الضربات الروسية على أوكرانيا وشراسة أكبر في القتال كنوع من رد الفعل العكسي الطبيعي ضد أي فعل موجع من الجانب الأوكراني.
وأشار إلى أن حادث بريانسك يفتح الباب على مصراعيه أمام زيادة العمليات الخطيرة في عمق أراضي روسيا في المرحلة المقبلة، ويزيد من وتيرة الاضطرابات التي تشهدها المناطق الحدودية الروسية، مشيرًا إلى تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن الجيش الروسي سيحمي المدنيين ممن وصفهم بـ"النازيين الجدد" و"الإرهابيين" الذين طالما عذبوا وقتلوا الناس من قبل في دونباس.
وأكد العناني أن القوات الأوكرانية لم تتوقف عند الحادث في بريانسك بل واصلت نشاطها على الحدود، واستهدفت منطقة روسية حدودية أخرى في كورسك (قرية تتكينو)، ما أسفر عن وقوع ضحايا، كما تعرضت منطقة كليموفسكي لهجوم باستخدام مسيرة أوكرانية، وفق ما أفاد حاكم المنطقة.
وقال العناني إن العملية تشكل رسالة قوية ضد روسيا في عمق إحدى أهم المدن بالكيان الفيدرالي الروسي أوبلاست بريانسك، مشيرًا إلى أن قوة العملية جعلت فلاديمير بوتين يتلقى تقارير مستمرة من الأجهزة الأمنية وحاكم المنطقة بشأن هجوم المسلحين الأوكرانيين في بريانسك، كما ألغى زيارته المقررة إلى إقليم ستافروبول.
يذكر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وصف الحادث بالإرهابي، وهو توصيف له دلالات قوية عالميًّا، وكالة الأمن الفيدرالي الروسي، أكدت لاحقًا بأنها اتخذت إجراءات ضد المتسللين، مضيفًا أن البحث جار عن مخربين أوكرانيين في مناطق بيلغورود وكورسك وفورونيغ الحدودية، بينما فتحت تحقيقًا حول الأمر، كما عقد مجلس الأمن الروسي اجتماعًا طارئًا بشأن الهجوم.
يشار إلى أن المسؤول الأعلى عن السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بورّيل ضاعف الاقتراح المشترك من المفوضية إلى الدول الأعضاء لتخصيص ملياري يورو من الميزانية العادية للاتحاد لتزويد القوات الأوكرانية بقذائف من عيار 155 ملم بأقصى سرعة.
توقعت مصادر عسكرية أوروبية، أن تزداد حاجة القوات الأوكرانية إلى الذخائر الصاروخية في الأشهر المقبلة، كما بلغ إجمالي قيمة مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا العسكرية والمالية والإنسانية، 49 مليار يورو، ويدرس حاليًّا تخصيص مليار يورو من الدعم الإضافي، لتوفير ذخائر تحتاجها كييف بشدة.





