الفرصة الأخيرة.. مؤشرات استثمار إيران زيارة مدير الوكالة الذرية

جاء إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن درجة تخصيب اليورانيوم في إيران، ليزيد مخاوف المجتمع الدولي من اقترابها من امتلاك سلاح نووي.
ووفق الوكالة تمَّ العثور على جزئيات من اليورانيوم المخصب التي تصل إلى درجة 83.7%.
درجة التخصيب التي أعلنتها الوكالة هي درجة قريبة جدًّا من التخصيب اللازم لصناعة أسلحة نووية، في مفاعل فوردو النووي تحت الأرض، كما أن هذه النسبة تتعارض مع مزاعم إيران بأن أهداف برنامجها النووي سلمية، حيث إنه لا توجد أغراض سلمية تتطلب هذه الدرجة من التخصيب.
وفي الوقت الذي أثارت الوكالة تساؤلات بشأن درجة التخصيب التي تُعد انتهاكًا للاتفاق النووي بألا تتجاوز نسبة التخصيب 3.67%، وهي النسبة الملائمة لتوليد الطاقة النووية لأغراض مدنية، حاولت طهران التبرير بأن وجود تلك الجزيئات ربما يكون نتيجة "تقلبات غير مقصودة" في مستويات تخصيب اليورانيوم.

زيارة الفرصة الأخيرة
في الوقت الذي تزايدت فيه تهديدات المجتمع الدولي لإيران باتخاذ خطوات حاسمة تجاه برنامجها النووي، وعودة حروب الظل باستهداف منشآت نووية وعسكرية إيرانية، والإعلان عن فشل مسار المفاوضات التي استهدفت إحياء الاتفاق النووي، جاءت زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران.
الزيارة التي قام بها رافائيل جروسي في الفترة من 3 إلى 4 مارس، والتي تضمنت لقاءً مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قد تحاول إيران استثمارها باعتبارها الفرصة الأخيرة، قبل تحرك دولي ضدها بعد فشل كل جهود التسوية والمسار الدبلوماسي الذي اعتمدته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتخلي عن سياسة الضغوط القصوى التي اتبعها سلفه دونالد ترامب.
في أول المؤشرات على محاولة إيران استثمار الزيارة، يأتي الإعلان عن توصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران إلى اتفاق يسمح لمفتشي الوكالة الدولية بإجراء مزيد من عمليات التفتيش على برنامج طهران النووي، إضافة إلى استئناف توصيل كاميرات المراقبة في عدة مواقع نووية، بعدما لجأت طهران إلى فصل الكاميرات، وهو الأمر الذي انتقدته الوكالة في وقت سابق.
يُمَثّل الاتفاق الذي تمَّ الإعلان عنه بمثابة تراجع من جانب إيران – وإن كان تكتيكيًّا – حيث إنها قبل ذلك لوحت بتعطيل البروتوكول الإضافي، والذي تنص المادة الثانية منه على وصف عام لأنشطة البحوث الإنمائية المتعلقة بدورة الوقود النووي، ومكان مناجم ومصانع تركيز اليورانيوم ومصانع تركيز الثوريوم وحالتها التشغيلية وقدرتها الإنتاجية التقديرية السنوية.
ويكتسب البروتوكول الإضافي أهمية، حيث تمنح المادة الرابعة منه مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أحقية الوصول إلى أي مكان وموقع بشكل مفاجئ، على أساس انتقائي من أجل التأكد من عدم وجود أي مواد نووية أو أنشطة نووية غير معلنة، أو من أجل حسم أي تساؤل يتعلق بصحة واكتمال المعلومات المقدمة أو من أجل حسم أي تضارب بشأن المعلومات.
القضايا العالقة
يبدو من البيان المشترك الصادر عن إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن أحد أهم القضايا العالقة التي تسببت في توقف مسار المفاوضات، قد يتم التوصل لتفاهمات بشأنها، ما يعني أن أحد أهم العقبات أصبحت غير موجودة، وهي العقبة المتعلقة بـ"المواقع غير المعلنة".
وأوضح البيان المشترك أن إيران مستعدة لتقديم مزيد من المعلومات، والمساعدة في تحقيق الوكالة، المتعثر منذ مدة طويلة بشأن جزيئات اليورانيوم، التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة في إيران، كما أعربت طهران عن استعدادها لتقديم المزيد من المعلومات.
تبقى العقبة الأخرى، وهي خارج اختصاصات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمتعلقة بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت إيران اشترطت أن تقدم واشنطن ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي، على غرار انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2018، وتقديم تعويضات حال حدوث ذلك، وهو الشرط الذي لم تبد واشنطن أي مؤشرات لإمكانية القبول به.