ad a b
ad ad ad

الرقص على أنقاض الزلزال.. «داعش» يستغل كارثة فبراير في تكثيف هجماته

الأحد 05/مارس/2023 - 09:40 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

لم تردع المآسي التي يعيشها السوريون بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في السادس من فبراير الجاري، كما لم ترحم الأشلاء والدماء والدمار، الصغار ولا الكبار من ضربات تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي ارتكب مجزرة ضخمة مساء الجمعة 17 فبراير في ريف حمص الشمالي راح ضحيتها أكثر من 53 قتيلًا من الأبرياء، بينما هم يبحثون عن الطعام في باطن الأرض.


المذبحة


كشفت تلك المذبحة الأخيرة مدى خطورة "داعش"، وكيف انتزعت الرحمة من قلوب عناصره الإجرامية، فلم يمر أقل من أسبوعين على هزة أرضية أدت إلى مقتل آلاف السوريين، هاجم التنظيم الإرهابي بضراوة مجموعة من البسطاء كانوا يجمعون درنات نبات الكمأة الذي يستخدمونه كطعام، وهو نبات بري ينبت في الصحراء بعد سقوط الأمطار، في ظل تلك الأيام العسيرة للغاية التي يعاني منها أبناء المنطقة الشمالية خاصة في حمص وحلب.


وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء الجمعة مقتل ما يقرب من 36 مدنيًّا بمنطقة السخة أثناء جمع الكمأة في منقة الضبيات بريف السخنة الجنوبي في بادية حمص، وأعلن المرصد مقتل 30 آخرين بالمنطقة على يد التنظيم الإرهابي في وقت سابق.


وكان التنظيم قبلها بيومين، ترصد لعدد آخر من الفقراء خلال بحثهم عن الغذاء، في المنطقة نفسها وأدى الهجوم إلى مقتل 16 آخرين، إضافة إلى اختطاف 60 منهم.


استغلال الزلزال


بعد فترة كمون نسبي، ارتفعت معدلات هجمات التنظيم الإرهابي بعد وقوع الزلزال في كل من سوريا وتركيا، مستغلًا انشغال المجتمع الدولي في عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض عن الضحايا، ومحاولات لجان الإغاثة البحث عن حلول لتعثر وصول المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين.


وبدأت تحركات التنظيم الممنهجة في اليوم التالي لوقوع الزلزل، إذ أعلن عبر منابره الإعلامية في السابع من فبراير 2023م، عن إعدام 12 مدنيًّا، بينهم امرأة  من بين 63 جرى اختطافهم بينما كانوا يجمعون الكمأة في ريف حمص الشرقي مطلع الشهر الجاري.


كما استغل التنظيم الإرهاب الزلزال نفسه في تخويف المدنيين من عدم المبادرة بمبايعته باعتبار أن ما حدث هو عقاب من الله تعالى لمن يعترض على أحكام الله التي ينفذها التنظيم الإرهابي، وخصص صفحتين عن الزلزال من العدد 377 لصحيفته الأسبوعية (النبأ) الصادر في 18 رجب 1444هـ.


وتضمن العدد صفحة تحت عنوان (وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا) من الآية 59 من سورة الإسراء، حذر فيها من الاعتراض على جرائم التنظيم الإرهابي باعتبار أنها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن هذا الاعتراض يُعد قدحًا في توحيد الله.


استغلال الأزمات


يعتمد التنظيم الإرهابي وفق أولوياته ما يطلق عليه فقه استغلال الأزمات، لتأكيد وجوده وهيمنته على أوسع نطاق يمكن الوصول إليه في ظل الانشغال في الكوارث الطبيعية والبيئية أو السياسية، وقد ظهر ذلك منذ نشأة التنظيم الذي استغل حالة الهشاشة السياسية الموجودة في العراق للإعلان عن خلافته المزعومة في 2014م.


كما يستغل التنظيم الإرهابي المناطق الرخوة في الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية مثلما هو الحال في وسط وشمال إفريقيا، كما هو واضح في كل من مالي وتشاد والنيجر ونيجيريا وموزمبيق، وكذلك الجنوب الليبي أيضًا.


وظهر استغلال التنظيم للكوارث الطبيعية في ظل جائحة كورونا، فقد لفت تقرير أممي، أصدره مجلس الأمن في يوليو 2020، إلى ازدياد عمليات التنظيم الإرهابي خلال جائحة كورونا في كل من العراق وسوريا، وزادت معدلات هجماته عن معدلاتها في الفترة التي ظهر فيها الوباء العالمي، مستغلًا الثغرات الأمنية التي خلفها الانشغال في مقاومة الجائحة.


منهج قديم


يقول حسين مطاوع، الباحث في الجماعات الإسلاموية في تصريح خاص لـ "المرجع": إن الاستغلال والانتهازية منهج أصلي في كل الجماعات الإسلاموية، وتنظيم "داعش" نشأته في الأساس جاءت نتيجة استغلال أزمة، أو الأزمات السياسية والأمنية في العراق خلال عقد كامل، منذ عام 2003م إلى أن أعلن عن خلافته المزعومة في الموصل عام 2014م.


وأضاف أن استغلال التنظيم الأزمة الإنسانية التي وقعت في  سوريا بعد الزلزال أمر متوقع، فهو ينتهز أية فرصة لوجود فراغ أمني في أي منطقة ليعلن سيطرته عليه، أو يحقق من خلالها أهدافه من خلال عمليات خطف أو تهديد كما حدث مع مجموعة المدنيين الذين اختطفهم التنظيم بعد الزلزال مباشرة.


وأوضح الباحث في الجماعات الإسلاموية، أن داعش ليس مبتدعًا في هذا الأمر فكل الجماعات تسير على هذا المنهج وعلى رأسهم الجماعة الأم (الإخوان المسلمين) الذين يستغلون أي كارثة لصالحهم سواء في جمع الأموال في صورة تبرعات للمنكوبين أو الاستغلال السياسي للأزمة.

الكلمات المفتاحية

"