دلالات نشر اليابان صواريخ فرط صوتية على الحدود الروسية
تتجه موسكو صوب زيادة رقعة أرض الصراعات ونقلها إلى بقعة جديدة من الغرب الأوروبي إلى آسيا استجابةً لعقيدة الدفاع الروسية؛ فمن جحيم مستعر في أراضي أوكرانيا إلى تصويب مخاوفها على أمنها القومي من تهديدات مبعثها "أرض الساموراي".
ترقب روسي
تزايد القدرات العسكرية وحجم الإنفاق والميزانية العسكرية لليابانيين تمثل أزمة دفعت نائب وزير الخارجية الروسية، أندريه رودينكو، للتصريح بأن بلاده تتابع عن كثب بقلق بالغ تطور الإمكانات العسكرية لليابان، وأن موسكو سترد بشكل انتقامي إذا أقدمت طوكيو على نشر صواريخ تفوق سرعة الصوت على الجزر الحدودية، مؤكدًا أن اليابان أخلت بوعودها من خلال تحديث إمكاناتها العسكرية، ورفع وتيرة الأنشطة الخطرة قرب الحدود الروسية، وإجراء مناورات واسعة مع الولايات المتحدة وغيرها، بقصد تهديد روسيا.
سعي اليابان لنشر صواريخ بالستية على الجزر الملاصقة لروسيا، قد يكون بمثابة إعلان حرب بالنسبة لموسكو، إذ إن هذه الصواريخ قادرة على الوصول إلى العمق الروسي بسهولة، وقد يكون الوضع مشابهًا لتداعيات التحالف الأمريكي مع أوكرانيا بالنسبة لموسكو، ولاسيما أن اليابان ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، لذا تراقب موسكو بقلق شديد أي مخاطر تقلقها مبعثها مناطق الشرق الأقصى لا سيما اليابان.
مخاطر محدقة
وباتت موسكو تربط بين أي تعاون بين دول الجوار أو جوار الجوار ودول الغرب بوصفها مخاطر تحدق بأمنها، وذلك بعد أيام من تهديدات روسية بنقل قوتها العسكرية صوب مولدوفا بعد أوكرانيا لتحاشي أي تهديدات غربية بنشر منظومات صاروخية أو خشية تهديدات حلف الناتو.
في ديسمبر الماضي، اتهمت روسيا، اليابان، بالتخلي عن سياستها السلمية المستمرة منذ قرابة ثمانية عقود، والاتجاه نحو "العسكرة الجامحة"، تعقيبًا على خطة دفاعية بقيمة 320 مليار دولار أعلنها رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، وباتت الأمور تشي بتصاعد التوتر في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ما يمهد بتسريع وتعزيز التقارب الروسي الصيني في وجه المحور الأمريكي الياباني.
فتح باب اعتماد الميزانيات العسكرية الضخمة حول العالم، يسهم في تأجيج ملفات وقضايا خلافية كامنة لكنها قابلة للاشتعال في أي لحظة، كما هو حال أرخبيل جزر الكوريل المتنازع عليه بين اليابان وروسيا.
ما يزيد التوترات بين اليابان وروسيا في المرحلة المقبلة التقارب الكبير في مجال التدريبات والتقنيات العسكرية بين طوكيو وواشنطن، الأمر الذي يعززه ترحيب البيت الأبيض بالخطة اليابانية العسكرية الجديدة، والإشادة بما عرف بـ"السياسة الدفاعية الجديدة" التي ستسمح بتعزيز وتحديث التحالف العسكري بين البلدين، وبالتالي سيضر بمصالح واستقرار أمن موسكو الذي تعتبر ذلك تهديدًا صريحًا وضمنيًّا في آن واحد.
مخاوف من تأزم العلاقات الدولية
كثيرون يتخوفون أن يشهد العالم تأزمًا واسعًا في العلاقات الدولية بنشوء صراع روسي غربي وتوتر صيني أمريكي، يضع العالم على عتبة خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، لا سيما بعدما أعلنت روسيا أواخر يناير 2023، أنها لن تجري المحادثات السنوية مع اليابان بشأن تجديد اتفاق يتيح للصيادين اليابانيين العمل بالقرب من الجزر المتنازع عليها بين الجانبين، قائلة إن طوكيو تتخذ إجراءات معادية لموسكو.
سبب المخاوف الروسية وتحذيراتها من اندلاع أزمة جديدة بنشر اليابان صواريخ تفوق سرعة الصوت يرجع إلى عدد من المعطيات، أولها: أن اليابان تكثف بشكل حاد تحديث إمكاناتها العسكرية، وتنشر صواريخ بالغة القوة والتطور، وتحتل طوكيو المرتبة الثالثة عالميًّا في حجم الإنفاق العسكري متقدمة على دول مثل روسيا والهند، كما تتهم موسكو اليابان بتكوين قوة عسكرية قادرة على توجيه ضربات بالتزامن مع تقاربها مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى أن الخطة الدفاعية الجديدة لليابان تثير توتر موسكو، وتحظى بدعم حلفائها الغربيين وفي مقدمهم الولايات المتحدة.
سيناريوهات الخطر
فضلًا عن زيادة الأنشطة اليابانية الخطرة بالقرب من الحدود الروسية، وإجراءها مناورات واسعة النطاق بالاشتراك مع الولايات المتحدة ودول أخرى، اختبار أنواع جديدة من الصواريخ والأسلحة التقليدية قرب أراضي روسيا، كما قدمت موسكو مرارًا احتجاجات شديدة للجانب الياباني عبر القنوات الدبلوماسية.
وبحسب خبراء عسكريين روس، فإنه إذا نشرت اليابان أسلحة تفوق سرعة الصوت بعيدة المدى تابعة للجيش الأمريكي، فسيكون الشرق الأقصى لروسيا بأكمله في نطاق ثلاثة آلاف كيلومتر، ما يؤدي إلى تطوير المنطقة نحو سيناريو نهاية العالم.





