لماذا يُخفي تنظيم «القاعدة» اسم زعيمه الجديد حتى الآن؟
يعيش تنظيم "القاعدة" الإرهابي منذ عام 2019، حالة من الانزواء والتراجع، زادت بعد الشائعات التي دارت حول وفاة أميره السابق أيمن الظواهري في إيران خلال عام 2020م، إلى أن ظهر الزعيم مرة أخرى بعدد من التسجيلات المرئية التي تبين بعد ذلك أنه كان في جوار حركة "طالبان" الأفغانية وفي قلب العاصمة كابول، عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، مقتله داخل مبنى يتبع وزير داخلية حركة "طالبان" سراج حقاني في يوليو 2022، ومنذ حينها لم يعلن التنظيم اسم خليفة "الظواهري" إلى الآن رغم طرح مجموعة من الأسماء أبرزها المصري سيف العدل، وسط تعتيم عن اسم الزعيم الجديد إلى الآن.
اسم الزعيم
مع انتصاف شهر فبرير الجاري بدأت تقارير غير رسمية في الإشارة إلى اسم الزعيم الجديد لتنظيم "القاعدة" الإرهابي، وهي تقارير أمريكية تطابق إلى حد كبير التوقعات التي رجحت اسم المصري محمد صلاح الدين زيدان الملقب بسيف العدل على اعتبار أنه الزعيم الجديد للتنظيم، بجانب صهر أيمن الظواهري محمد أبطاي المعروف باسم عبد الرحمن المغربي، والذي كان زعيم فرع التنظيم في إيران منذ 2012م، رغم عدم وجود إعلان رسمي من قبل التنظيم عن اختياره أو إعلان البيعة له سواء من التنظيم المركزي أو فروعه المنتشرة في آسيا وإفريقيا.
وكانت أولى التقارير التي أشارت إلى اسم "اباطي" آتية من مسقط رأسه في المغرب، وجاءت في إشارة إلى مخاوف أمنية على البلاد، وهو ما أكدته صحيفة "هسبريس" المغربية.
وأوضحت الصحيفة في تقرير نشرته أغسطس الماضي إلى أن ذلك يمثل في حدِّ ذاته خطرًا على البلاد رمزيا واستراتيجيًّا من خلال ربط التنظيم بالمغرب، وإمكانية استقطاب العديد من الفئات الهشة في البلاد للانضمام إليه.
غير أن هذا التقرير حول "المغربي" لم يثبت أمام الطرح القوي بترجيح اسم آخر لقيادة التنظيم وهو المصري صلاح الدين زيدان الملقب بسيف العدل، وهو ضابط مصري سابق ولد بمحافظة المنوفية في دلتا مصر، وانضم لتنظيم القاعدة في ثمانينيات القرن الماضي، وكان متهمًا في عدة قضايا أمنية منها اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات وقضية إعادة إحياة تنظيم الجهاد، إلى أن هرب بعد إخلاء سبيله إلى المملكة العربية السعودية ثم رافق أيمن الظواهري في السودان عام 1992، ليصبح واحدًا من أكبر قيادات التنظيم المركزي بعد ذلك.
ترجيح اسم سيف العدل
التقارير التي رجحت اسم سيف العدل لقيادة التنظيم، لم تأت من "القاعدة" الذي لم يصدر أي بيانات رسمية بشأن خليفة الظواهري، بل أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرًا، الأربعاء 15 فبراير الجاري، أكدت فيه أن المواطن المصري المقيم في إيران سيف العدل صار زعيم تنظيم القاعدة بعد مقتل أيمن الظواهري في يوليو 2022.
وأشارت الوزارة إلى أن ما لديها من معلومات يتطابق مع تقرير سابق للأمم المتحدة التي رجحت أن الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة هو سيف العدل الموجود حاليًّا في إيران.
موقف التنظيم
لم يصدر تنظيم "القاعدة" الإرهابي، حتى اللحظة أي بيانات رسمية عن اسم زعيمه الجديد كما لم يصدر أي بيانات رسمية عن مقتل زعيمه السابق أيمن الظواهري في أفغانستان، بل نشر تسجيلًا غير مؤرخ لأيمن الظواهري بتاريخ 23 ديسمبر 2022م أي بعد حوالي 6 أشهر عن مقتله.
وحتى البيانات الرسمية الصادرة عن حركة "طالبان" في أفغانستان لم تعترف بشكل قطعي بأن مقتل الظواهري كان داخل العاصمة كابول، إذ جاءت التقارير متضاربة لديهم حول الحادث بين تأكيده ونفيه واتهام الولايات المتحدة بالكذب، وأنها تحاول إثبات أن مقتل الظواهري كان في العاصمة كابل لاتخاذ ذلك ذريعة تستغلها ضد طالبان.
لكن في النهاية لم ينف تنظيم "القاعدة" أو حركة "طالبان" نبأ مقتل أيمن الظواهري، إلا أن التنظيم لم يطرح اسمًا جديدًا بديلًا عنه وقد يكون ذلك لعدة اعتبارات:
أولها: أن الاسم الذي وقع عليه الاختيار، يكون بالفعل هو سيف العدل المعروف أنه مقيم في إيران، وهو ما قد يسبب حرجًا للتنظيم الذي يحمل أيديولوجيا تناقض المذهب الرسمي السائد في إيران، وخضوع قائد لضغوط السلطات الإيرانية من أجل حمايته، كما أن عقيدة التنظيم لا تؤمن بولاية الأسير.
الثاني: تأخير إعلان اسم الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة، قد يكون بسبب أن القاعدة نفسه بات جزءًا من حركة طالبان بعد توالي بيعات زعماء التنظيم للحركة والتي بدأت ببيعة أسامة بن لادن نفسه للملا محمد عمر قبل إعلان وفاته، ثم إعلان أيمن الظواهري البيعة للملا أختر منصور على بيعة بن لادن فيما بعد، وبالتالي فإن التنظيم بهذه الصورة ليس في عجلة من أمره في إعلان اسم زعيمه الجديد. باعتبار أن هناك اندماجًا حدث بين قياداته المركزية وحركة طالبان التي تُعتبر الوريث الرسمي له.





