مواجهة الإرهاب.. أولوية قصوى للحكومة المؤقتة في بوركينا فاسو
تجتهد بوركينا فاسو في غرب إفريقيا، في محاربة الإرهاب على أرضها متطلعة للتنمية وحفظ السلام، إذ وصف قائد الحكومة الانتقالية في البلاد إبراهيم تراوري، التهديدات الإرهابية لبلاده بـ"الاحتلال"، مشددًا على أن الحرب ضد الجماعات المتطرفة هي حرب من أجل الاستقلال الحقيقي.
وقال تراوري خلال مؤتمر مفوضي الشرطة في التاسع من فبراير الجاري إن قوات الأمن عليها أن تقاتل بجدية لدحر الإرهاب، مؤكدًا أن بلاده ليست حرة طالما يرتع الإرهاب في ضواحيها، وذلك لسيطرة المتطرفين على بعض المناطق بداخلها.
مكافحة التطرف في بوركينا فاسو والجهود الدولية
وتمثل مواجهة الإرهاب أولوية قصوى للحكومة المؤقتة في بوركينا فاسو، ما يفسر اعتناءها بعتاد القطاع الأمني والعسكري لتحقيق الأمن والاستقرار بما ينعكس على أمن منطقة الساحل والصحراء بشكل عام.
ونظرًا لما تُمثله منطقة الساحل والصحراء من أهمية لساسة الغرب لا تزال قضية الانسحاب العسكري لفرنسا من مالي يُلقي بظلاله على توجهات حكام المنطقة تجاه باريس، فمن جهتها أرسلت وزارة الخارجية البوركينية في نهاية يناير 2023 رسالة لفرنسا تطلب منها إنهاء الاتفاقية العسكرية المبرمة بينهما منذ 2018 والتي تسمح بوجود 400 جندي ببوركينا فاسو، وأرجعت "واغادوغو" هذا الطلب إلى إخفاق قوات فرنسا في مكافحة الإرهاب في الدولة الإفريقية، وهو ما يرتبط في حدِّ ذاته بالتنافس الدولي بالمنطقة.
تأثيرات انسحاب فرنسا من مالي
وفيما يخص تأثيرات انسحاب فرنسا من مالي على رد فعل باقي دول غرب إفريقيا تجاه حكومة باريس، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، الدكتور سعيد صادق في تصريح لـ"المرجع": إن باريس تهتم بمصالحها وتسعى لتحقيقها وحمايتها بغض النظر عما تعتقده حكومات المنطقة، مشيرًا إلى أن الحكومات الغربية تسعى لتطوير استثماراتها بالمنطقة، وكذلك تسعى لدحر الإرهاب عن القارة العجوز من بؤره الأخطر عالميًّا.
أرقام وإحصائيات
تقول هيئة الأمم المتحدة في أحدث إصدار بحثي لها إن البحث عن المال هو المحرك الرئيسي للالتحاق بصفوف التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، وبالتالي فإن حماية الكثيرين من الانضمام للجماعات المتطرفة يرتبط بشكل أولي بتوفير فرص عمل جادة وعادلة، وذلك نظرًا لانتشار الفقر في المنطقة.
فيما أشارت الهيئة في تقريرها الصادر في السابع من فبراير ٢٠٢٣ إلى أن توفير فرص العمل بغض النظر عن الفصيل الديني الذي ينتمي له المواطن تجاوزا للصراعات الطائفية والمذهبية له تأثير على تقويض الجماعات المتطرفة بالقارة، كما يقطع الطريق على عمليات التجنيد لصفوف الإرهابيين.
وأجرت هيئة الأمم المتحدة مقابلة مع ما يقرب من ألفي شخص من كل من الكاميرون ومالي وبوركينا فاسو وتشاد والسودان والنيجر ونيجيريا والصومال، وهم عناصر سابقة في التنظيمات الإرهابية، وتلقت استبيانات حول الإرهاب في إفريقيا، وكانت النتائج: أن ربع عينة الدراسة أقرت بأن فرص العمل كانت الدافع الرئيس للانضمام للجماعات المتطرفة، وذلك بنسبة زيادة تصل إلى 92% عن النتائج التي حققتها دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2017.
بينما كشفت نتائج الدراسة التي أجريت على المجندين السابقين أن العقيدة الدينية كانت السبب الثالث الذي اختارته العينة للالتحاق بصفوف الإرهابيين، كما اعترف غالبيتهم بأن معرفتهم بالنصوص الدينية محدودة.
وتقول هيئة الأمم المتحدة إن أكثر من نصف المشاركين في العينة أقروا بأن وقوع حدث معين في حياتهم هو ما دفعهم للالتحاق بالجماعات الإرهابية، وكانت نقطة التحول هذه هي تعرضهم للتعذيب والانتهاكات الحقوقية على يد أفراد الأمن وذلك لدى 71% منهم.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن منطقة جنوب الصحراء بإفريقيا أصبحت بؤرة دولية للإرهاب، وتسببت وحدها في 48% من إجمالي الوفيات.





