ad a b
ad ad ad

دور الشركات العسكرية الأوروبية في حسم الصراعات الإفريقية

الثلاثاء 28/مارس/2023 - 06:40 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

دأبت العديد من الدول الإفريقية الاستعانة بالشركات العسكرية الأجنبية لحماية أنظمتها، وحسم الصراعات، سواء مع دول الجوار أو مع التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن الهدف الأسمى بحماية الأنظمة الحاكمة من الغضب الشعبي، ومحاولات الانقلاب العسكري التي تُعد ثمة أساسية في دول القارة السمراء، مما يجعلها مسلوبة الإرادة، وقرارها خاضع للدول المالكة لهذه الشركات، مما يُعد استعمارًا من نوع جديد.

فشل منظمة الأمم المتحدة في تعبئة القوات اللازمة لحفظ الأمن والسلام في القارة السمراء سهل تزايد نشاط الشركات العسكرية، ولاسما مع اندلاع النزاعات الإفريقية، وكانت أولى الشركات ساندلاين البريطانية، ومبرا الأمريكية، وبحسب اعتراف أحد المسئولين عن شركة للخدمات العسكرية الأمريكية، أن إفريقيا هدف مثالي، وساعدتهم في إبرام عقود تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى المزيد من الفرص في سلامة شركات النفط، ومعدات التعدين، وتشكيل نحو 80% من جنود عمليات حفظ السلام الإفريقية، و39 ألف جندي في 20 بلدًا إفريقيا.

وبحسب دراسة أعدتها ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﺑﺣﺎث واﻟﻣﻌﻟوﻣﺎت ﺣول اﻟﺳﻼم واﻷﻣن في العاصمة البلجيكية بروكسل في مارس 2022 إلى تورط عناصر مرتزقة في ارتكاب جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، في دول القارة الأفريقية، ولاسيما خلال السنوات القليلة الماضية، إذ باتت عناصر الشركات العسكرية الأجنبية تمثل دولة داخل دولة، وتعمل هذه العناصر بشكل غير رسمي، حيث يجرى التمويه والتستر على أنشطتهم الحقيقية، ويظهر ذلك جليًّا في ليبيا وموزمبيق والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والكونغو ورواندا وأنجولا والساحل الأفريقي وسيراليون وغيرها من دول القارة السمراء.

ومن أبرز الشركات العسكرية الغربية العاملة في أفريقيا فاغنر الروسية، وشركات الولايات المتحدة الأمريكية بلاك واتر وكاسي وأكاديمي، داينكورب، وسيكوبيكس الفرنسية وايجيس البريطانية لخدمات الدفاع وجي فور أس العملاقة التي تأسست في 1901 بالدنمارك ومقرها الرئيسي بريطانيا، وأوميجا الأوكرانية ومجموعة إكسليس وشركة أسجارد الألمانية، التي تستقطب عناصر سابقة من الجيش الألماني والشرطة للقيام بمهام أمنية، وتنشط الشركة بشكل رئيسي في السودان وليبيا وموريتانيا، وذلك بسبب ضعف المؤسسات الحكومية، وهشاشة الأنظمة، وعدم استقرار الأوضاع السياسية في بعض دول القارة، ورغبة حكامها في الحصول على الحماية والدعم وتأمين الاستثمارات الأجنبية، كما أن العديد من الدول الإفريقية تُعتبر معابر للمهربين، ومقصدًا للمجرمين من جماعات الجريمة المنظَّمة مثلما يحدث في الساحل الإفريقي، بالإضافة إلى انتشار البؤر الإرهابية، وبالتالي تفقد الحكومات السيطرة على أراضيها، وتلجأ إلى الشركات العسكرية الخاصة لملء الفراغ الأمني.

وتقدم هذه الشركات الخدمات العسكرية كالتخطيط الاستراتيجي، والاستخبارات، والتحقيقات، وعمليات الاستطلاع البري أو البحري أو الجوي، وعمليات الطيران، والمراقبة بالأقمار الصناعية، ونقل المعلومات، وتقديم الدعم المادي والتقني للقوات العسكرية والأنشطة ذات الصلة، وحراسة وحماية الأشخاص والمباني والمنشآت والممتلكات، والرقابة، وأعمال اللوجستيات، وتدريب أفراد الأمن، ففي عام 2017 نجحت شركة فاجنر الروسية في تدريب القوات الخاصة السودانية والاستخبارات وقوات الدعم السريع.

كما شاركت قوات فاجنر في إفريقيا الوسطى عام 2018؛ حيث أرسلت مدربين ومقاتلين، لتأمين أنشطة التعدين واستخراج الذهب والماس لشركة Lobaye Invest الروسية إذ وفرت أكثر من ألف مدرب لجمهورية إفريقيا الوسطى، وتتكفل بتأمين المؤسسات المختلفة، وتدريب الحرس الرئاسي والجيش مثل شركة Sewa Security Services الروسية، وفي موزمبيق، انتشر عناصر الشركة الروسية منذ عام 2019 في إقليم كابو ديلجادو شمال موزمبيق، حيث المناطق الغنية بالغاز، ومواجهة إرهاب عناصر داعش، ومحاولتهم السيطرة على منابع النفط وميناء مسيمبوا دي برايا، كما تعمل في الكونغو الديمقراطية والصومال ومالي.

في عام 1997 دعمت شركة ساندلاين البريطانية، رئيس وزراء غينيا الأسبق السير جليوس شان، ضدَّ المتمرِّدين في جزيرة بوجينفيل، وتسبَّب ذلك في خسارة منصبه في الانتخابات، ومديونية للدولة تقدَّر بـ 36 مليون دولار، كما شاركت في حماية رئيس ليبيريا الأسبق تشارلز تيلور من المتمردين عام 2003، كما نجحت في إنهاء الصراع في سيراليون عام 1995، وفي عام 2013، تدخلت شركة أو بي أس الفرنسية لحماية رئيس إفريقيا الوسطى السابق فرانسوا بوزيزي من هجوم قادته تنظيم السيليكا العسكري، وتمكَّنت من تهريبه خارج البلاد.

كما استعان رئيس الكونغو، فيليكس تشسيكيدي، مطلع العام الماضي 2022، بشركة أجميرا البلغارية لفرض الأمن والاستقرار بمنطقة شرق الكونغو، وصيانة الطائرات الحربية وتقديم التدريبات للجيش الكونغولي، ونتج عن ذلك وصول المئات من العناصر الرومانية والبلغارية المسلحة والذين يرتدون الأزياء العسكرية الكونغولية، فضلا عن وجود مرتزقة أجانب من رومانيا وبلغاريا وجورجيا وبيلاروسيا في البلاد بحسب تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة، لتعزيز موقفها في مواجهة التهديدات الإرهابية وحركة 23 مارس.

"