الثروات السمراء.. «داعش» و«القاعدة» يتنافسان على مناطق التعدين في أفريقيا
يظهر عنوان المنافسة بين تنظيمي «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين في المساحات الأفريقية المتأثرة بالضعف السياسي والأمني، إلى جانب الثروات
المعدنية كمتغير أساسي في نقاط الارتكاز الإرهابية بخريطة القارة.
أصبحت الثروات المعدنية والهبات الطبيعية للدول الأفريقية محط اهتمام كبير للتنظيمات الإرهابية، ويتوقف عليها عمليات التمركز والانتشار، نظرًا لاستخدامها كمصادر تمويل لدعم احتياجات العناصر المتطرفة من شراء أسلحة ومعدات عسكرية، وإنفاق على الاحتياجات اليومية، إلى جانب المتغير السياسي والاستراتيجي لاستخدام هذه الثروات في الضغط على الدول.
كنوز أفريقيا وخريطة انتشار تنظيم القاعدة
تتأثر جغرافية عناصر تنظيم «القاعدة» بمناطق المناجم والثروات الثمينة، فإن انتشار التنظيم في جمهورية مالي يجعل من المناطق المجاورة هدفًا وبالأخص بوركينا فاسو الشهيرة بمناجم استخراج الذهب وكذلك النيجر.
ونفذ التنظيم عدة هجمات في بوركينا فاسو، على العاملين بشركات التعدين لترهيبهم والتأثير على الشركات الأجنبية المستثمرة بالقطاع، وفي 6 نوفمبر 2019 هاجم تنظيم القاعدة خمسة مركبات تنقل العمال والموظفين التابعين لشركة التعدين الكندية سيمافو، أثناء طريقهم إلى مقر عملهم بمنجم الذهب الواقع في تابوا بشمال البلاد.
وقتل التنظيم 20 شخصًا في هجوم آخر على منجم دولمان في أربيندا ببوركينا فاسو في 4 أكتوبر 2019، وتسببت الحوادث ضد مناجم البلاد في صدور قرار رسمي من السلطات بغلق بعض مواقع التعدين حتى التمكن من تأمينها بشكل كامل لعدم الإضرار بالثروات أو العاملين، وفي شمال النيجر يهاجم التنظيم مواقع التنقيب عن اليورانيوم، وكذلك العاملين التابعين لشركة أريفا الفرنسية المسؤولة عن القطاع بالمنطقة.
بينما تتربح حركة الشباب الممثلة لفرع تنظيم القاعدة في الصومال من الفحم النباتي عالي الجودة الذي تشتهر به البلاد، وتبيع كميات كبيرة منه إلى إيران التي تعيد تصديره للعالم بمبالغ طائلة، وهو ما أكده تقرير لهيئة الأمم المتحدة في أكتوبر 2018.
وتشمل هذه التحركات احتمالات لمساعدات تقدمها الدول الراعية للإرهاب لتلك التنظيمات لتكون أداة في سرقة مقدرات الشعوب للاستفادة منها، كما أن الهجمات السالفة الذكر وما تشكله من تهديد لحياة العاملين الأجانب بالمناطق الأفريقية يبقى إضافة للأعباء على المستثمرين، بما ينذر بارتفاع في الأسعار يؤثر على المجالات الحيوية التي تستخدم فيها هذه المعادن.
والثروات الخاصة بالدول القريبة من مالي تعد من الأسباب الحاضرة في دعوة تنظيم داعش عناصره بمنافسة الوجود القاعدي في هذه المناطق، ففي أبريل 2019، أكد التنظيم موافقته على مبايعة لفروع جديدة بمالي وبوركينا فاسو في سلسلة من التنافس بين التنظيمين بمواقع أفريقيا المهمة.
مواقع التعدين وتموضع داعش أفريقيا
بدأت هجمات داعش في شمال موزمبيق بإقليم كابو ديلجاو في لفت أنظار الساسة خلال الفترة الماضية، فهذا الإقليم يمتلك ثروات كبرى منها انتشار احتياطي كبير للغاز في باطن الأرض، وتستثمر فيه الشركة الروسية للتعدين بناء على اتفاق رسمي بين موزمبيق وروسيا.
لكن هجمات «داعش» في الإقليم وبالقرب من مناطق التنقيب عن الغاز، تهدد الاستثمارات الكبرى في هذه المنطقة، وإلى جانب ذلك تتميز كابوديلجاو بكونها منطقة ساحلية تضم مدن سياحية يهددها داعش بهجمات ترهب النزلاء الأجانب، وتهدد جميع مصادر الدخل القادمة من المنطقة.
وتنسحب الأهمية المعدنية في خريطة انتشار الإرهاب على مناطق وسط أفريقيا التي تضم الكونغو الديمقراطية، والكونغو برازافيل، وأفريقيا الوسطى، وتشمل هذه الدول احتياطيات ضخمة من خام الكوبالت ومعدن الألماس وغيرهما من المعادن النفيسة، ما يجعلهم محطات مهمة لتمركزات جديدة للإرهاب في أنحاء متفرقة من القارة.
ويقول الباحث المختص في شؤون الحركات المتطرفة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، علي بكر في تصريح لـ«المرجع» إن الخدمات الأمنية الضعيفة للسلطات الحاكمة في هذه المناطق تلعب دورًا في استفحال النشاط الإرهابي المهدد لثروات واقتصاد دول القارة.
ولفت بكر إلى أن هذه الثروات تمثل متغيرًا مهمًّا للجماعات الإرهابية لاستخدامها في الإنفاق على العناصر، كما تمثل حلقة خطيرة في سلسلة التنافس بين تنظيمي داعش والقاعدة لبسط مزيد من النفوذ على قارة أفريقيا.
المزيد.. «مناجم أفريقيا الوسطى».. هدف الإرهاب الممهد بالطائفية والصراع السياسي (كروس ميديا)





