هل تسهم زيارات «جروندبرج» في حلحلة الأزمة اليمنية؟

بعد ثلاثة أسابيع على زيارة كانت الأولى من نوعها منذ مطلع عام 2023؛ أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن «هانس جروندبرج» إلى صنعاء في 16 يناير الماضي؛ توجه إلى العاصمة المؤقتة عدن جنوب اليمن في الثامن من فبراير الجاري، والتقي عددًا من قيادات المجلس الرئاسي اليمني برئاسة «رشاد العليمي»، وبحث إبان تلك الزيارات سواء مع قادة "الحوثي" أو الشرعية؛ مستجدات الملف اليمني والجهود الأممية المبذولة مع الدول الإقليمية والدولية المعنية بحل الأزمة التي دخلت عامها التاسع.
عراقيل حوثية
رغم أن تلك الزيارة ليست الأولى التي يقوم بها «جروندبرج» خاصة منذ انتهاء تمديد الهدنة مطلع أكتوبر الماضي، فإن أطراف الصراع اليمني لم تتوصل حتى الآن إلى حل بشأن تسوية الأزمة أو على الأقل العودة مجددًا إلى الهدنة الإنسانية.
ويرجع هذا إلى استمرار رفض الميليشيا الانقلابية تجديدها للمرة الرابعة، دون تحقيق شروطهم المزعومة، خاصة البند المتعلق بدفع رواتب جميع موظفي الدولة في مناطق سيطرة الانقلابيين من عائدات النفط والغاز في المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة الشرعية.
وعليه، فإن بعض الأطراف اليمنية كانت تعول على الزيارة التي أجراها «هانس جروندبرج» بالتوجه أولًا إلى صنعاء وعقد اجتماعات موسعة مع قادة الحوثيين، ثم تقديمه إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول تطورات الأزمة اليمنية؛ في الدفع بمسار الحل السياسي لهذه الأزمة، ولكن ما حدث بعد أيام قليلة من تلك الزيارة، هو عودة التصعيد العسكري مجددًا بين القوات التابعة للحكومة الشرعية وبين مسلحي الحوثي، مع تلمحيات الأخيرة بالاستعداد للدخول في أي معركة عسكرية إذ لم تحقق مطالبها، وهو ما يفسر سبب قيامها في الثامن فبراير الجاري، بالتزامن مع زيارة "جروندبرج" إلى عدن، بتنظيم عرض عسكري كبير في مدينة الحديدة، تم خلاله استعراض طائرات مسيرة، وأنواع من الألغام البحرية في حوزتها، ما يعكس إصرار الجماعة الانقلابية على عرقلة التحركات الأممية، لمحاولة تحقيق أية مكاسب بالضغط على أطراف الصراع الأخرى والمنظمة الأممية، خاصة أن القيادات في عدن وعلى رأسهم رشاد «العليمي» أكدت خلال اجتماعها مع المبعوث الأممي، حرص الرئاسي اليمني والشرعية على تقديم جميع التسهيلات والتعاطي مع جميع المساعي الإقليمية والدولية المبذولة لإطلاق عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة وتلبي تطلعات الشعب اليمني بما يحقق أمنه واستقراره.
تحركات أممية
وتجدر الإشارة الى أن المبعوث الأممي كان قد توجه قبل زيارته للعاصمة المؤقتة عدن، إلى المملكة العربية السعودية؛ وعقد مباحثات مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي وعدد من المسؤولين بالمملكة، تطرقت إلى بحث توسيع حزمة المساعادات الاقتصادية والإنسانية إلى الشعب اليمني، بجانب التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في البلاد والتوصل لحل سياسي شامل ينهي هذه الأزمة.
وهناك أنباء عن إجراء المبعوث الأممي لليمن زيارة خلال الأيام القليلة المقبلة إلى العاصمة العمانية مسقط، لإنجاح المفاوضات بين أطراف الصراع اليمني، خاصة أن سلطنة عمان تولت خلال الفترة الماضية جهود الوساطة بين الحوثي والشرعية، وهو ما وصفه عدد من المراقبين بـ"حرص أممي" على حلحلة الأزمة اليمنية.
مكاسب حوثية
يوضح الباحث السياسي اليمني، «محمود الطاهر» أن الزيارات الكثيرة التي يقوم بها المبعوث الأممي لا جدوى منها، وهي زيارات يحاول منها أن يضغط على الحكومة اليمنية، للحصول على المزيد من المكاسب للميليشيا الحوثية، إذ لا يقوم بدوره الذي يجب أن يكون بالضغط على الحوثيين للامتثال إلى رغبة المجتمع الدولي بإنهاء الحرب، وإنما استغل هذه الرغبة من أجل الحصول على مكاسب سياسية وإعلان الانتصار على العسكري على التحالف العربي والحكومة اليمنية.
ولفت «الطاهر» في تصريح خاص لـ«المرجع»، إلى أن الزيارات التي يقوم بها المبعوث الأممي لن تسهم في حلحلة الملفات أو الدخول في مفاوضات مباشرة بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
شروط تعجيزية
من جهته، قال الباحث السياسي اليمني، الدكتور «مطهر الريدة» إن مبعوث الأمم المتحدة "هانس جروندبرج" يحمل في حقيبته شروطًا تعجيزية قدمتها له ميليشيا الحوثي لوضعها بين يدي رئيس المجلس الرئاسي «رشاد العليمي» من أجل الموافقة عليها والرضوخ لتعنت الميليشيا، مثلها كسابقتها من الاتفاقات والتنازلات، وبالتالي فإن الأزمة مستمرة على الوطن والمواطن الذي تاه وسط تجاذبات دولية وإقليمية وقيادة دولة هزيلة لم تستطع أن توفر له أي استقرار أو حياة.
وأوضح، أن ما يجري خلف الكواليس من اتفاقات غير معلنة بين اطراف خارجية وبين الحوثي لن تثمر على أرض الواقع؛ لأنه ببساطة شديدة قرار الميليشيا ليس بيدها ولم يكن بيدها طول الثمان سنوات الماضية، كما أن الحكومة الشرعية تطرق الحديد وهو ساخن ضد ميليشيا الحوثي من خلال لفت أنظار العالم إلى تعنت الحوثيين للاتفاق وعدم الوصول إلى حلول سلمية تحقن بها دماء اليمنيين.
وأضاف أن هذه الفرصة لن تعوض خصوصًا بعد إعلان المبعوث الأمريكي الخاص لليمن "تيم ليندر كينج" أن بلاده تضع ثقلها من أجل الحل السياسي وأنه السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة اليمنية، وبالتالي على الحكومة الشرعية وضع الكرة في مكانها الصحيح هذه الفترة لتعرية الحوثيين ومعرفة حقيقتهم أمام العالم.